
كتبت-نيرة الشريف:
''المنتقم ذو الدم البارد''، ''المجدد في الخطاب الديني''، ''قاهر الإلحاد''.. تلك هي الألقاب التي تم إطلاقها على المهندس أحمد سامي، مهندس الإلكترونيات، شاب مصري في أواخر الثلاثينيات يعمل ويعيش في قطر، قرر أن تصبح محاربة الإلحاد هي المشروع الذي سيكرس عليه كل جهده وعلمه ودراسته، وسيوظف لأجله كل ما قرأه وتعلمه، فقط لتقديم مادة جادة في إطار بسيط توصل رسالة بسيطة لمن ألحد، أو من هو على شفا، أن ما وصل إليه ليس هو بالنتيجة النهائية، وأنه لازال هناك ما يقال، وهناك جوانب فكرية لم يتمكنوا من تغطيتها بعد حتى يصلوا إلى نتيجة فعلية يستكينوا لها ويطمئنوا بها، وعلي طريقة ''تيجي تصيدوا يصيدك'' يقول أحمد ساخرا ''هناك كثير من الملحدين الذين تحدثت إليهم، قالوا لي ''تلك الطريقة التي تفكر بها مُطمئنة جدا، وما هي إلا مسألة وقت حتى تصل إلى الإلحاد في النهاية''.
''في خطابي مع الملحدين قررت استخدم نفس أدواتهم، الفلسفة والمنطق والعلم، وفي سبيل هذا قررت استفيد من دراستي ومن كل ما قرأته وتعلمته'' يقول سامي، خريج كلية العلوم قسم الرياضيات جامعة القاهرة، موضحا أن على اطلاع واسع في الفلسفة والمنطق.
قرر الشاب الثلاثيني أن تكون خطته القيام بعمل مجموعة حلقات مصورة قصيرة يبثها على موقع يوتيوب، للتعريف بالإلحاد، ومناقشة أفكار الملحدين وتشريحها فلسفيا، ومنطقيا، وعقليا، ويستهدف من خلال هذه الحلقات التحدث إلى المؤمنين المتشككين، كما الملحدين الذين يرهقون أنفسهم في البحث عن الحقيقة على حد سواء، يقول أحمد ''قررت أبدأ في الشغل فورا، وإنتاجه قدر المستطاع بأفضل شكل ممكن، خاصة بعد زيادة اللغط الإعلامي حول القضية، بشكل يشجع للأسف على الإلحاد، متابعين د. نهى –التي حاورتها ريهام سعيد في حلقة من برنامج صبايا الخير- تضاعف عشرات المرات بعد حلقة ريهام سعيد''.
موضوعات خمس، هي محور حديث سامي لمتابعيه: تاريخ الإلحاد، أنواع الإلحاد وأسبابه، الدليل الفلسفي الرياضي علي وجود الله، معضلة الشر، العلم يتحدى الله.
مجموعة من أصدقاء سامي القدامى، كانوا السبب الرئيسي لسيره في ذلك الاتجاه ''بعد انقطاع دام حوالي ثمان سنوات، وجدتهم مختلفين جذريا عما كانوا عليه؛ أصبحوا ملحدين''.
وعن ردود الأفعال حول الحلقات، التي استغرقت حتى الآن نحو شهرين من العمل، يقول سامي ''لاقت الحلقات تشجيعا كبيرا من المؤمنين، وكانت تعليقاتهم تحمل كثير من كلمات الإطراء والتشجيع، أما ردود أفعال الملحدين فأطرف ما وصلني منها كان ثلاث تعليقات تقول ''علي فكرة أنا كنت فاكرك ملحد وبتشتغلنا، لغاية ما شفت بقية الفيديوهات.. أزاي تكون بتفكر كده ومؤمن؟.. أنا مطمن عليك بدماغك دي، مسألة وقت لغاية ما تلحد.''
كل ما يتمناه سامي هو أن تصل رسالته إلي كل ملحد أو متشكك أو مؤمن يسعي إلي زيادة يقينه العقلي، فهو يري أن الشك مطلوب لكن يشترط فيه الإخلاص في البحث عن الحقيقة فعلا، ولأنه يوقن أن الدين ليس المضاد الفعلي للعقل ولا العلم.
وعلي جانب آخر قرر إسماعيل محمد تقديم برنامج على موقع يوتيوب أيضا، أطلق عليه برنامج البط الأسود، وأسس مجموعة خاصة به على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، وصل عدد متابعيها إلى نحو خمسة آلاف و141 عضوا، فكرة البرنامج قائمة على إجراء حوارات مع الملحدين واللادينين المصريين، والمتحدثين باللغة العربية من مجتمعاتنا في الشرق الأوسط ومحيطه، تدعم بعض حلقات البرنامج شركة جوجل، ويقوم بالفكرة وتنفيذها إسماعيل محمد، كما جاء في وصف جروب برنامج البط الأسود على فيسبوك، أما بعض المشاركات المنشورة على المجموعة فعبرت عن أن الأديان والمعتقدات سببت كثير من المآسي والمعاناة التي أدت إلى عرقلة الإنسان والتقدم البشري، وأن الأديان أسطورة يجب أن تنتهي، وبعض المشاركات جاءت ساخرة من المذيعة ريهام سعيد بعد تقديمها الحلقة – التي لاقت انتقاد الكثيرين من مستخدمي فيسبوك وأثارت استيائهم- التي أجرت خلالها حوارا مع لا دينية وطردتها في نهاية الحلقة.
و يقول أحد اللادينين، الذي رفض ذكر اسمه، حول قيام بعض الملحدين بسب الذات الإلهية، مما يدفع المجتمع لزيادة النفور منهم، كما يؤدي إلى التعقب الأمني لهم، حيث أن سبّ الذات الإلهية هي أحد حيثيات الحكم التي تدرج لدى وقوف الملحدين أمام القضاء ''الموضوع له شقين، الأول بسيط يعود لأمراض المجتمع التي تطول الجميع، فتجد ملحدين غير منطقيين، فمن يسبّ الذات، أي ذات، فهو يعترف ضمنيا بوجود الذات التي يسبّها أو بجنونه، كما أننا لا ننكر أيضا وجود الراغبين في الشهرة الذين يفتعلون أي مشكلة كبيرة لكي يحصلوا على الشهرة، أما الشق الثاني فيتمثل في كون المؤمنين يتعاملون بشكل لا يمكن احتماله، شكل التعامل هذا سيؤدي بالعالم للعديد من الكوارث، ويتمثل شكل تعاملهم هذا في أن لهم كل الحقوق، وليس لغيرهم أي حق، كما أن دينهم يسمح لهم بالتدخل في كل شيء ونقده والحكم عليه، بينما من غير المسموح لأي شخص أن يناقش دينهم، القاعدة الإنسانية ببساطة أن من يطرح فكرة فعليه أن يقبل مناقشة الآخرين لها، وطرح وجهات نظرهم بها.. ومن لا يتحمل ذلك فلينسحب محملا بأفكاره إلي أقرب كهف أو غار''.
ويرد على دعوة مدير أمن الإسكندرية بالقبض على الملحدين بتهمة الترويج للإلحاد فيقول ''كلام غير مسئول بالمرة، كذلك فهو غير دستوري أيضا.. بل يتعارض مع الدستور الذي كفل حرية الاعتقاد، ناهيك عن أن هذه الأفعال والأفكار تجعلنا مسخرة الأمم، فالغالبية الساحقة من المسلمين يؤمنون بحرية العقيدة في حدود أن يُسلم الآخرون، كذلك يؤمنون بحرية التعبير في حدود أن يرسلوا قوافل الدعوة لبلاد الكفر لدعوة غير المسلمين، أما عكس ذلك فلا اسم له سوى ''حرب على الإسلام'' ويجب سحل كل من له صلة به.. حتى ولو كانت صلته هي عدم الهجوم معهم''..
لمشاهدة أخر حلقات أحمد سامي اضغط هنا
لمشاهدة أخر حلقات برنامج البط الأسود اضغط هنا
أحمد دومة: كثر من أصدقائي الاسلاميين يسيرون الآن نحو الإلحاد