كتبت / مني خليل
انبعث الضوء حارا من شباك غرقة مريم ليتسلل فوق وجهها الحزين لايقاظه من عبوسه. نظرت مريم في هاتفها وأعلنت صرخة لقد تأخرت عن العمل . نهضت بحماس ووضعت كل وجهها العابس واحزانها تحت صنبور المياة لعلها تزول. وارتدت ملابسها البسيطة وذهبت للعمل . تتحدي التعاسة والألم بالنسيان.. وما اصعب التناسي مع مديرها القاسي. ومشرفها الجزار الذي لا يرحم اي ثانية تأخير عن ميعاد العمل أو الإنتاج. تسابق مريم الرياح وتستقل ميكروباص وتكابد منغصات المواصلات بالاحتكاك من بعض الرجال ضعاف النفوس وتحاول إزاحة نفسها تتمني ان تقفز من هذا الشباك . تتحمل روائح بعض البشر من العرق والانفاس. وتذهب لعملها بنصف طاقة بعد أن فقدت نصفها الاخر في الطريق . تستقبل اصدقاؤها بابتسامة . لتري في عيونهم الحب مع بعض الغيرة من جمالها . هناك من يحب جهادها وقوتها ومن يحقد عليها فالجميع لا يتفق علي شيء واحد وهي تعلم وتقدر وترضي . تقضي ساعات العمل بجد وحماس وتسابق في الإنتاج. مميزة مريم وناجحة . ولكن احيانا النجاح يصنع لك عدد كبيرا من الأعداء. هناك الكثير من الرجال من اصدقاؤها في العمل حاولوا التقرب إليها طمعا في جمالها او ميراثها. وكانت دائما تكشر لهم عن انيابها. هي لا يعجبها احد . قلبها المغلف المعلق بحب ( كامل ) تتذكره وسط العمل الكئيب. ليهون عليها مرارة الساعات. تتذكر حديثه معها عندما كان يوصلها لعملها في الصباح . كانت تشتكي له من كل الناس وكان دائما مصدر الحنان والأمان. لم تحب غيره . حتي بعد أن رفضه عمها وسافر بعيدا وانقطعت اخباره. انغلق قلبها المجروح علي حبه . بكت كثيرا ومرضت ولم يشعر بها احد . تراه كثيرا في احلامها يناجيها بالصبر ويوعدها بالميعاد .
شوفوا شغلكم . بصرخة قوية سمعت مريم وهي شاردة هذه الكلمات وكان المشرف المتعجرف السليط اللسان يقف في مواجهتها ويدب بيده علي طرابيزة الإنتاج. شهقت مريم من شرودها. وتفاجأت به . وكانت تمسك بيدها المقص ومن الصدمة جرحت أصابع يدها فخرج الدم متدفق مغرقا كل القماش علي الطرابيزة. ليصرخ المشرف اكثر بوجهها. جزااااااء