غياهب الأيام
الجزء الرابع / مني خليل
حاولت هدي صديقة مريم مساعدتها وايقاف النزيف بربط قماش حول الجرح ولكن باغتها المشرف بصوته المزعج كصوت حمار وامرها ان تتوقف. وتترك مريم وتري عملها. انسحبت هدي بنظرات الصمت المملوءة برصاص تريد أن توجهها بوجه هذا الحقير القاسي وكما يقول الجميع الذي جاء من وراء الجاموسة ليس لانه ريفي ولكن لم يورث من الارياف غير طريقته الجاموسية وغباء تعامله مع البشر فمثل ذاك الشخص مكانه وسط البعير في صحراء بعيدة او حظيرة . هناك بعض من البشر يحملون اسم انسان ولكن تنطمس بداخل جيناتهم صفات الحيوانات المفترسة الغبية. فتراه أمامك علي هيئة بشر والرخصة حيوان من الدرجة الاولي . بكت هدي علي صديقتها مريم واتخذت جانبا تراقبها . وانتهي وقت العمل الصعب .
حاولت مريم فتح باب المنزل بصعوبة . فاليد مجروحة ملفوفة . والعين مشوشة من الدموع. كانت تحمل بيدها الاخري أكياس الطعام . جلست علي الاريكة لتستريح.. حاولت فك الربطة ورات ان الجرح لازال ينزف. وعلمت ان اليوم سوف تقوم بكل اعمال المنزل وهي مقيدة بهذه الربطة اللعينة . هي تكره كل القيود. ولكن ستستمر مع كل قيد حقير فالحياة لاتقف مع أي قيود . بدلت ملابسها وذهبت المطبخ تعد وجبتها البسيطة وفتحت الراديو علي إذاعة القرآن الكريم. تحب ان تشعر بأجواء والدتها رحمها الله . شعرت بروح امها تحوم حولها لتخفف عنها بعضا من الجراح. وانتهت من الطبخ وجلست علي السفرة تتناول الطعام وهي شاردة تتذكر ايام الطفولة وهي تسأل والدتها( ليه يا ماما معنديش اخوات )) تتذكر وجه امها العابس حين السؤال وتخبرها بأن هناك اخ لها لكن من أب اخر لكنه بعيدا جدا مع والده في أمريكا. يكبرها بعدة أعوام.
تتخيل مريم شكل هذا الأخ لم تره قط بحياتها. لكن كان يراسل والدتها كثيرا من أمريكا عن طريق الهاتف لكنه لم يحضر جنازتها او العزاء رأت له بعض الصور علي هاتف والدتها. لكن شكله يبدو مختلفا يشبه الأجانب كثيرا . تذكرت انها تحدثت إليه مرة ولم يعجبها طريقة كلامه وكانت طفلة واغلقت بوجهه الهاتف. وعاتبتها والدتها. تعتقد انها شعرت بالغيرة حينما رأت صورته علي ارجوحة شكلها عجيب ومن حوله حيوانات بريه واشجار.كان يعيش حياة مرفهه . وتذكرت ايضا ان هاتف والدتها مغلق من يوم وفاتها. ماذا لو قامت بإعادة تشغيل الهاتف من جديد . هل هو يحاول الاتصال. ؟ ذهبت مريم الي حجرة والدتها تبحث عن هاتفها.