كتب- محمد منصور:
نشرت مجلة ''ساينتفك أمريكان'' تقريريًا بعنوان ''إمبراطورية جديدة لروسيا'' جاء فيه أن الاتحاد الروسي يمضي قُدمًا في بيع مفاعلات نووية إلى مختلف أنحاء العالم، مثيرًا بذلك العديد من المخاوف الخاصة بالسلامة العامة.
وقال التقرير إن عمليات البيع تجري بشكل رئيسي داخل أحد أدوار شركة ''روزأتوم''؛ وهي شركة نووية روسية تمتلكها الدولة ويرأسها ''أس كيرينكو'' أحد أقطاب صناعة المفاعلات النووية في العالم.
وأشار التقرير إلى أن الشركة العملاقة تستقطب مجموعات هائلة من الزبائن من بلدان لا تملك منشآت نووية، وتعلن بين حين وأخر عن توافر مجموعة من الخيارات التي تصلح لجميع الدول، وتعقد الاتفاقيات الخاصة ببناء المفاعلات النووية وتزويدها بالوقود.
ميزانية البرنامج
برنامج الانتشار النووي الروسي، كما وصفته المجلة ذائعة الصيت، يمول من جانب الكرملين بميزانية قدرها 55 مليار دولار أمريكي، وذلك لجعل روسيا المزود الرئيسي للطاقة النووية فى العالم، فالدولة التي تعتزم بناء 40 مفاعلاً نوويا جديدًا داخل أراضيها تتوقع الحصول على 80 طلب عالميًا لبناء مفاعلات نووية، تشمل معدات لتوليد الطاقة وتحلية مياه البحر، بحلول العام 2030، وسط تخلي معظم دول العالم عن بناء مفاعلات جديدة، فألمانيا على سبيل المثال ستلجأ لتقنيات بديلة أكثر أمنًا فيما تتخبط الولايات المتحدة الأمريكية بين الرغبة فى البناء والضغط الشعبي المتزايد والمطالب بالابتعاد عن التكنولوجيا النووية وخصوصًا في أعقاب كارثة مفاعل ''فوكوشيما'' الياباني الذي كاد يتسبب فى كارثة محققة لليابان.
الشركة العملاقة
شركة ''روزأتوم'' الروسية، والتي تمتلك مناجم عديدة لليوارنيوم، تزود الولايات المتحدة الأمريكية بنصف الوقود المُستخدم في مفاعلاتها النووية، غير أنها تسعي فى الوقت الحالي لاستهداف مجموعة الدول النامية والبلدان التي كانت على علاقة وثيقة بالاتحاد السوفيتي السابق، وتزعم أنها قادرة على إنشاء مستودعات جيولوجية للنفايات، وهي المزية التسويقية الهائلة التي تقدمها الشركة؛ علي حد تعبير ''أيه هانسن'' المدير التنفيذي لإحدى الشركات المنافسة لشركة ''روزأتوم''.
روسيا تُسوق صفقات بناء المفاعلات بوسائل عديدة، حسب التقرير، الذي يؤكد أن الاتحاد الروسي يقوم بتقديم العديد من المنح الدراسية للدول المتعاملة معه، لدراسة التقنيات النووية وسُبل التعامل مع المفاعلات الذرية ومصانع الطاقة النووية وتجهيزاتها، وعلى عكس المُتاح في جميع أنحاء العالم، فإن الشركة لا تبيع المفاعلات التي تبلغ تكلفتها 3 مليارات من الدولارات فحسب، بل هي على استعداد لتأجير تلك المفاعلات أو بناء مفاعلات لصالحها على أراضي دول أجنبية.
توجس وقلق
القفزات الواسعة لروسيا في مجال تقنيات الطاقة النووية يثير مخاوف الكثير من الخبراء في العالم، فشركة ''روزأتوم'' على استعداد للتعاون مع أي دولة، وهو ما سيؤدي بالضرورة إلى انتشار المواد النووية واكتساب خبرات التعامل معه، ويقول التقرير إن الشركة أجرت العديد من المباحثات مع دول يعتبرها الغرب ''ديكتاتورية'' مثل ''ميانمار''، مشيرة إلى أن الرئيس الإيراني السابق ''أحمدي نجاد'' زار الكرملين العام الماضي ليطلب مفاعلات جديدة، إضافة إلى المفاعل الذي بنته روسيا من قبل في إيران.
شروط الأمان والسلامة أحد الهواجس التي تنتاب خبراء صناعة الطاقة النووية في العالم، فحسب التقرير، فإن الخبراء يصفون تلك الشروط بكونها ليست على رأس أولويات صُناع الطاقة النووية في روسيا، فالحكومة الروسية تتعاون بمفردها مع الشركة العملاقة في مراجعة التصميمات الهندسية وشئون الأمان النووي، وهو ما يثير توجس الخبراء الذين يرون أن شروط السلامة يجب مراجعتها دوليًا.
مفاعلات الماء المضغوط
رغم المخاوف والقلاقل، فإن روسيا ما انفكت ماضية فى بيع مفاعلات الماء المضغوط، وهي إحدى المفاعلات التي تسببت في كارثة تشرنوبل، غير أن التصميم الجديد لتلك المفاعلات يجعلها أكثر أمنًا من مفاعل تشرنوبل، فمفاعل ''VVERS'' الجديد يختلف من نواحي تصميمه عديدة عن المفاعل الذي انصهر في أوكرانيا في ثمانيات القرن الماضي رغم أنهما يعتمدان على نفس التقنية، فالمفاعل الجديد يحتوي على مولدات بُخار أفقية سهلة الصيانة.
كما أن أماكن الوقود مزودة بثقوب في مراكزها تتيح تبريد أكثر فعالية، بالإضافة إلى أن منظومات إغلاق المفاعل حال حدوث أمر جلل تتم بطريقة آلية تمامًا ودون أي تدخل بشري، وتتميز المفاعلات الجديدة بوجود خزانات مياه يمكنها غمر لُب المفاعل بالماء، ورغم اجراءات السلامة إلا أن خبراء التصميم يؤكدون أنها لن تمنع ''احتمالات الإنشاء السيئ''، فالشركة قد تضطر إلى التخلي عن بعض الاجراءات لظروف التسويق المرتبطة بتحسين السعر، وهنا؛ تأتي الجودة في المقام الثاني
فحوص سلامة تؤخر إعادة مفاعلات نووية يابانية للعمل بعد كارثة فوكوشيما