كتبت- يسرا سلامة:
تهم متعددة تواجههم، لا تفرق بينهم عند نشر صورتهم، علي صفحات الجرائد، أو مؤخرًا عبر الصفحة الرسمية لوزارة الداخلية خلال موقع التواصل الاجتماعي ''فيسبوك''، لتبقى تهم حيازة مخدرات أو سلاح، أو الانضمام لتنظيم ارهابي، خلف كل متهم تعقيبًا لصورته المنشورة، البعض تُعصب عينيه بشارة تمحوها، والآخرون تنشر صورهم كاملة.
''الكرامة حق لكل إنسان، ولا يجوز المساس بها، وتلتزم الدولة باحترامها وحمايتها'' ..هكذا تقول المادة (51) من الدستور المصري، بالإضافة إلى القاعدة القانونية الشهيرة إن ''المتهم برئ حتي تثبت إدانته''، في الوقت الذي نشرت فيه وزارة الداخلية عبر صفحتها الرسمية بعض صور المتهمين قبل إدانتهم، فوفقًا لأحد العاملين بالصفحة الرسمية لوزارة الداخلية، فنشر الصور يحدث عندما ترسل المديريات البيانات حول المتهمين للنشر، ولا يوجد قاعدة معينة لوضع الشارة، فقط فيما يتعلق بالأحداث ما دون الثامنة عشر عامًا، أو النساء في قضايا الشرف، تكون الشارة واجبة.
تصوير المتهمين هو إجراء روتيني يتم داخل القسم أو مديرية الأمن فور القبض علي المتهم، أشبه بـ''الفيش والتشبيه'' للمتهمين، ويتم نشر الصور للمتهمين عبر الصفحة الرسمية في حالة ''تلبس'' الحالة –وفق قوله- دون داع للانتظار للتحقيق.
''هاجر حسين'' وأميرة أحمد'' كانتا من هؤلاء اللاتي تم نشر صورهن كاملة عبر الصفحة الرسمية لوزارة الداخلية، بتهمة الانضمام لعناصر تنظيم الإخوان الإرهابي بحسب ما أوردت الصفحة في مسيرة بالمرج منذ يومين، و ''أية'' و''محمد'' تم نشر صورتهما بتهمة إيواء أطفال الشوارع، وإستغلالهم في أعمال شغب، كما نشرت الصفحة الرسمية صور لمجموعة من الأحداث في نفس القضية، ممهورة بعلامة مائية للصفحة الرسمية لوزارة الداخلية.
''كارثة قانونية'' .. هكذا وصف ''سامح سمير'' المحامي والناشط الحقوقي نشر صور الأحداث في القضايا، ليضيف أن الأمر يختلف من نشر صور الكبار أو البالغين، عن الأحداث؛ فكبار السن لهم أهلية كاملة من أجل رفض التصوير إن أمكن، أو رفع دعاوي قضائية علي الصحف أو حتي وزير الداخلية لرفض النشر، لكن في الأحداث حتي وإن وافق أهلهم، فالقانون يمنع نشر صورهم في أي قضايا، حفاظًا علي مستقبلهم من التشهير.
وفقًا للقانون المصري، يقول ''محمد زارع'' رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائى إنه لا يوجد مادة قانونية واضحة في القانون المصري تجرم نشر صور المتهمين، بعكس معظم القوانين في كل دول العالم مثل الولايات المتحدة الامريكية، أو أوروبا، والتي تضع حدود صارمة في نشر صور المتهمين، ووفقًا لـ''زارع'' فإن نشر الصور يكون متاحًا فقط في حالة صدور أحكام علي المتهم، لكن طالما لم تصدر أحكام لا يجوز أن يتم نشر الصور، لان ذلك يدخل في إطار التشهير.
ووفقًا لـ''محرز غالي'' أستاذ التشريعات القانونية بكلية الإعلام جامعة القاهرة فنشر صور المتهمين عبر وسائل الإعلام يقع تحت بند ''فوضي النشر''، فالأمر مجرم في قانون الصحافة أن يتم نشر الصور كاملة، لان ذلك يعرض المتهم للتشهير، بالإضافة إلي أنه أخلاقيًا لا يجوز بجانب اختراق القانون.
ويضيف ''محرز'' أنه علي وسائل الإعلام توخي الحذر، خاصة فيما يتعلق بالأحداث، وأن يكون في حالة نشر صور البالغين وضع شارة علي أعينهم، أو مؤثرات بصرية، تمنع التعرف علي المتهم، لان ذلك يسبب أذي ليس فقط له، لكن لذويه وأهله وجيرانه، مشيرًا إلى أن تلك الأزمة تحتاج إلى ضبط من العاملين في الصحافة.