كتبت- إشراق أحمد:
لم يعد يسير جوار الحائط، حطمه وصار يواجهه. يصدر قرار، يثور مقررًا اللجوء إلى القضاء، معترضًا عليه، مؤمنًا أنه حق، لا يخشى الكيان الذي عرفه، وأخبروه أن يهابه، ''الحكومة'' بات لها معنى مختلف، ''خدمة المواطنين'' هويته، وهو منهم، فحتمًا عليه إذا رأى إعوجاج أن يتحرك.
الطعن على قرار ''الحكومة'' أصبح خبرًا متداولاً، دعاوى قضائية يرفعها مواطنون بصفتهم العادية، منهم المحامين ومنهم دون ذلك، لكن الفعل ذاته؛ اعتراض على قرار هناك من الحجة عليه أنه ضار للمصلحة العامة.
قانون بعقد بيع شركة قطاع عام، بدل، تثبيت عمالة، قانون انتخابات برلمانية كانت أو رئاسيةـ، قانون تظاهر، مشاريع قانون؛ كلها خرجت بها حكومات متوالية، وبسببها أصبحت طرف للنزاع أمام القضاء، رئيس الوزراء أو وزير بصفته أي شخص مهما كان منصبه بالدولة، الجميع حضور بأوراق الدعوى التي رفعها مواطنون؛ قرارات كبيرة تمس الشأن العام وأخرى مصلحة قطاع من الناس، تعددت القضايا ضدها، الدولة أمام القضاء في كافة الأحوال.
ما لبث أن تقدم عدد من العمال بالطعن على قانون رقم 32 الذي أصدر رئيس الجمهورية عدلي منصور في 22 إبريل الماضي والخاص بعقود بيع الشركات، لمنعه الطعن على تعاقدات الدولة إلا من طرفي التعاقد، حتى تقدم موظفون بمحافظة كفر الشيخ برفع دعوى ضد رئيس مجلس الوزراء ''إبراهيم محلب'' لإصداره قرار عودة التوقيت الصيفي في السابع من مايو الجاري على أن ينفذ في 15 مايو.
مجلس الدولة الجهة المنوط بها الفصل بتلك القضايا أصبح متخوم بالقضايا المرفوعة على الدولة وفقًا لـ''وائل حمدي'' محامي بالنقض ووكيل الدعاوي المرفوعة في قضية ''مدينتي'' و''طنطا للكتان''، مئات القضايا ترفع ضد قرارات تتخذها الحكومة، وما يتعذر الطعن عليه، تكون المحكمة الدستورية وجهة بديلة معروفة ''لا يجوز الطعن على القوانين'' أكد ''حمدي''.
وأوضح أنه لا تقبل الدعوى في القضاء الإداري أو العالي إلا إذا كان مقيم الدعوى صاحب صفة ومصلحة ''يعني أحد طرفي النزاع''، وهو الشرط الذي أوجده المشرع لتضيق الحد من رفع الدعاوي التي زاد عددها، ومع ذلك لم يعد هناك ضير من اللجوء إلى الدستورية رغم العلم بطول فترة فصلها بالأمر ''قبل الثورة كانت القضية تاخد من 5-10 سنين''.
''الناس في الـ15 سنة الأخيرة تعيش حالة من الوعي القانوني'' قال محامي النقض ساخرًا من ضخامة عدد القضايا المرفوعة ''مافيش حد في مصر مالوش قضية ضد الدولة''، خلاف ما كان يتردد ''هو في حد يقف ضد الحكومة'' لم يعد الكثير يرون ذلك على حد قول ''حمدي''.
وأكد محامي النقض أن عدد القضايا في الـ10 سنين الأخيرة تضاعف 5 مرات وأن عدد الدوائر التي تنظر في القضايا زاد من عام 2000 حتى وصل إلى أن دائرة واحدة تنقسم إلى 12 أخرى للفصل في القضايا ''معدش في حد بيسيب حقه للدولة''، يتحمل المواطن أعباء القضية نظير الحصول على حقه ولا ضير في ذلك بينما قضايا الشأن العام غالبًا ما يلجأ مدعوها لمحامي يكون له اهتمام بذلك فيتحملوا معا أعباء القضية.
الوضع له شقين لدى وكيل دعاوى قضية ''مدينتي'' و''طنطا للكتان'' وغيرها من قضايا ضد قرارات الدولة، أحدهما إيجابي لأنه يعبر عن حالة وعي بالحقوق، لكن الجانب السلبي هو تروس عجلة الدولة التي أصبحت مليئة ''بحاجات مالهاش قيمة''، مستنكرًا إصدار الحكومة للقرارات دون تنفيذها وهو الأمر الذي يضطر المواطنين لرفع القضايا ''لما الحكومة تقول هعمل بدل للأطباء وماتنفذوش يعني 125 ألف طبيب هيرفعوا قضايا بدل استحقاق''.