كتب- محمد منصور:
لعقود من الزمان، ناقش العلماء تأثير الضوضاء على الإنسان، عشرات الأبحاث أُجريت لدراسة احتمالية تأثر البشر بالمجالات الكهربائية أو المغناطيسية للكشف عن الاضرار الناجمة للاستخدام المتزايد للأجهزة الإليكترونية ومدي تأثيرها على الحواس البشرية وأجساد البشر، قليل من الدراسات اهتمت بتأثير الإشعاعات الكهرومغناطيسية المتولدة من أجهزة البشر الإليكترونية ومدي تأثيرها على الحيوان أو الطيور، حتي تمكن ''هنريك موريستن'' الباحث فى جامعة ''أولدنبورغ'' من إتمام دراسة تهدف إلى معرفة تأثير الضوضاء الإليكترونية على مسارات هجرة الطيور.
العديد من الطيور المُغردة المهاجرة تعتمد على المجالات المغناطيسية لكوكب الأرض لتوجيه نفسها فى مسارات الهجرات الطويلة، تقطع تلك الطيور مسافات هائلة وتجتاز الصحاري الشاسعة والمحيطات الواسعة باستخدام حواس غير تقليدية تعتمد على بوصلة الأرض المغناطيسية، بعض الطيور تهاجر لمسافات تزيد عن 50 ألف كيلومتر ويستمر طيرانها لشهور طويلة قد يتواصل فيها الطيران لمدة تتجاوز 100 ساعة فى المرة الواحدة، وفي الغالب، تعتمد تلك الطيور على مخزون من الغذاء مُخزن داخل أجسادها، فماذا لو تعرضت الطيور لتشويش كهرومغناطيسي؟ سؤال أجاب عليه ''هنريك'' فى بحثه العلمي.
لمعرفة تأثير الضوضاء المغناطيسية على مسارات هجرة الطيور، بدأ ''هنريك'' فى خلق ضجيج كهرومغناطيسي داخل أكواخ خشبية فى حرم جامعة ''أولدنبورغ'' الألمانية وعرّض مجموعة من طيور الحناء الأوروبي لذلك النوع من الضوضاء لفترات قصيرة، ثم أطلق سراح الطيور ليكتشف أنها فقدت قدرتها على تحديد اتجاهاتها، قام ''موريستن'' باغلاق مصدر الضوضاء، ليجد أنه؛ وبعد فترة وجيزة، بدأت الطيور فى استعادة العافية والقدرة على استخدام بوصلتها الخاصة، وخلال السبع سنوات الماضية، كرر ''هنريك'' التجربة مع العديد من الباحثين والطلاب، ليصل إلى نتيجة مؤكدة، ألا وهي؛ الضوضاء الإليكترونية الصادرة من أجهزتنا المنزلية العادية تؤثر على الطيور وتعطل بوصلتها الداخلية وتمنعها من استكمال هجراتها الجماعية.
التلوث الكهرومغناطيسي الاصطناعي الذي يترواح تردده ما بين 50 كيلوهرتز إلى 5 ميغا هرتز يمكنه التشويش على الطيور، حسب الدراسة المنشورة بمجلة ''نيتشر'' الأمريكية، التي تؤكد أن ذلك المدي من الترددات هو أقل بكثير من الحدود الدنيا من التعرض للآشعة المغناطيسية الموصي بها من قبل منظمة الصحة العالمية.
''أذا كانت الطيور لا تستطيع استخدام بوصلتها عندما تكون فى الأماكن المعمورة فما أثر ذلك على قدرتها فى البقاء على قيد الحياة'' يقول ''موريسين'' مشيرًا إلى أن البشر يجب عليهم الحد من إطلاق ''الإليكترونات فى الفضاء'' إذا أرادوا ''مشاهدة الطيور لفترات أطول''.
لمشاهدة الفيديو اضغط هنا