كتبت- رنا الجميعي:
تعرفها عند سماع اديث بياف أو موسيقى فيلم ''اميلي''، تسير في أزقتها لتقابل رساميها متناثرين على طول الحي اللاتيني، وتتعثر بمتسوليها الفنانين في أركان باريس، خصوصًا بالمترو لتعرف أن الحكومة تخصص لهم محطات بعينها يقفون فيها، تتسوق في حي الشانزلزيه لتشعر كأنك بأحد أحياء وسط البلد أو مصر الجديدة، تدخل قصر الفرساي حيث سكن فيه ملوك باريس القدامى، حين يمكن أن تراه على بعد بعين الخيال كقصر عابدين، على صغر مساحة عابدين والتي تعتبر كأحد الحجرات بفرساي.
تنتقل إلى اللوفر وبرج إيفل الذي لقب بعد بنائه بعمود الإنارة القبيح والمدخنة السوداء وتصعد إلى آخره لترى باريس، عاصمة النور، مدينة وقفت رغم الأحداث الجسام التي مرت عليها من مدينة صغيرة اشتهرت برائحتها الكريهة التي يشمها العابر على بعد أميال منها إلى عاصمة التنوير والثقافة التي احتضنت أشهر الكتاب والرسامين والطهاة.
تحكي ''شيرين عادل'' مؤلفة كتاب ''الأولة باريس'' والذي يصنف ضمن أدب الرحلات، في ندوة بعنوان ''حكاوي السفر، شد الرحال'' أقامتها مؤسسة مساحة، وهي سلسلة ندوات عن السفر، والحكي عن باريس كان المحطة الثالثة لها.
مستعينة بخرائط عديدة قديمة منذ الرحلة الأخيرة لها لباريس، وأفلام صغيرة توضح الأماكن التي تتحدث عنها، أخذت شيرين تقدم للمتلقين باريس، خريطة توضح المدينة التي تشبه بشكل كبير الحلزونة.
جزيرة صغيرة ''إيل دو فرانس'' ابتدت منها باريس لتصبح المدينة الكبيرة التي تحتوي الآن على 12 مليون نسمة، جاءت إليها قبائل الفرانس لتسكن بها ومن هنا جاءت كلمة ''الفرنجة'' وتسمى الدولة بفرنسا، تلك القبائل اشتغلت بالصيد في نهر السين ويطلق عليهم ''باريسي''.
عشرين منطقة هو عدد الأحياء داخل باريس، وينطلق من الحي الأول الذي يقف فيه برج ايفل، يفرق نهر السين باريس نصفين، النصف الشمالي يزدحم فيه الآثار والمتاحف، والجنوبي هو الجزء التجاري بالمدينة ''واحد من الفرنسيين كان بيقول العيشة في الشمال يعني أنا بفكر وفي الجنوب أنا بتسوق''.
تحتوي باريس على مطارين هما ''شارل دي جول''، و''أورلي''، تخرج من مطار ''شارل دي جول'' العملاق لتأخذ أحد الوسيلتين، إما الأتوبيس أو المترو، مترو باريس هو من أقدم محطات الأنفاق التي أنشئت، يأخذك المترو بادئًا رحلته من ضواحي باريس لتدخل إلى المدينة نفسها، يقابلك قوس النصر الذي بناه ''نابليون'' ليخلد أمجاده عليه، وحين وفاته يمر جثمانه منه،تهبط داخل الشبكة العملاقة تتعثر بمتسولي الفن، أحدهم يعزف على جيتار والآخر يلعب بالهارمونيكا، وبجانبهم قبعة داخل عدد من العملات النقدية، اللغة هي أهم ما يجب أن تستعين بها في رحلتك ''إذا مكنتش عارف فرنساوي هتضيع''، يعتمد المترو على الماكينات التي تسحب منها التذاكر، يندر وجود موظفين هناك.
الدراجات أحد الوسائل المتاحة هناك، مشروع قامت به الحكومة لتسهيل المواصلات على المواطنين، محطات عديدة بها عدد من الدراجات التابع للحكومة، لتستخدمه ليوصل للنقطة التي تريدها ثم تركنها بأحد المحطات المخصصة للعجل.
كثرة الأزقة المرصوفة هي ما اصطدمت به ''شيرين'' هناك، ''حسيت بصدمة حضارية'' تقولها ضاحكة، الفكرة المتخيلة لها عن باريس أنها مدينة ضخمة مليئة بالشوارع المتسعة، وثاني الصدمات جاءتها حينما ركبت المترو لتجد إدارة المترو مستعينة بالاتصال عربات المترو لتحذر الراكبين من النزول بمحطة ''برباس''، إذا هبطت لتلك المحطة لا تضمن ماذا يمكن أن يحدث لك بالمنطقة، هي منطقة مليئة بالعرب والأفارقة ويمكن نشلك في أي لحظة.
الجبن أكثر صناعة اشتهرت بها فرنسا، أنواع كثيرة تعدى رقمها أيام السنة مكتملة، تدخل إلى مطعم ''رفيوجي دي فوند'' ملجأ الفوند، وهي أكلة عبارة عن جبنة مذابة على النار، يمكن أن تأكل طيلة ليلة بسعر قليل، مقاعد تتراص مزدحمة قبالة مائدة عريضة جدًا، داخل مطعم صغير الحجم، ولكن لديه من الشهرة ما يكفيه لكي لا تضع فيه قدمًا من كثرة الآكلين، تنتظر حتى تفرغ إحدى الموائد وتجلس منتظر العامل الوحيد بالمطعم يأتيك بالأكل، وتسمعه قادم يقول ''سخن'' محذرًا رواد المطعم من الالتفات حتى لا يقع عليهم الطعام.
قوس النصر، المسلة المصرية بالكونكورد، متحف اللوفر، برج ايفل، كنيسة نوتردام، تمثال داليدا، مولان روج أشهر ملهى ليلي بباريس، بعض الأماكن التي اشتهرت بها باريس ورأتها بالعين ''شيرين'' لتصف أشهر الأماكن السياحية بباريس والتي يأتيها السياح من كل مكان بالعالم، باريس التي تحدّث عنها الكثير وكتب عنها وفيها عدد من أشهر الكتاب أمثال فيكتو هوجو وتشارلز ديكنز وعاش بها فترة إرنست همنجواي وجيمس جويس الأيرلندي، لتستحق لقب ''عاصمة النور''.