كتبت - نوريهان سيف الدين:
رحلات متلاحقة بين القادمة والمغادرة، وفود تتوالى على صالات مطار القاهرة الدولي القديم والجديد، ما بين مودع ومستقبل، أحدهم يحمل أوراق سفره ليقدمها لضابط الجوزات، ويكتشف أن السؤال الأهم الآن ''هل حصلت على التطعيمات المقررة؟'' وآخر قادم لتوه من رحلة للمشاعر المقدسة، تعطل قليلا بالداخل، ريثما انتهى أفراد ''الحجر الصحي'' من فحصه للتأكد من خلوه من ''كورونا''، ذلك الوافد المرعب الجديد.
في داخل ''مطار القاهرة'' ومع زيادة أعداد رحلات المصريين القادمين من المملكة السعودية لقضاء الإجازة الصيفية، وأيضا تكثيف رحلات العمرة، كثفت معها سلطات المطار من إجراءاتها الوقائية بعد الإعلان رسميا عن تسجيل أول حالة إصابة بفيروس ''متلازمة الشرق الأوسط التنفسية'' الشهير بـ''كورونا''، وكانت لمصري يعمل بالسعودية قادما لقضاء الإجازة الصيفية بمصر، سرعان ما وضع بالعزل الصحي لحين نقله لمستشفى متخصص للعلاج.
أعراض تتشابه مع الانفلونزا العادية من حيث البرد والرشح وضيق التنفس وارتفاع الحرارة، إلا أن ما يزيد الأمر سوء هو اعتلال وظائف الكلى وتأثرها بهذه السلالة المتطورة من الفيروسات، على عكس السلالة السابقة ''سارس'' المستهدفة لوظائف الرئة والجهاز التنفسي، وهو ما يصنف الإصابة بـ''كورونا'' بالخطيرة، خاصة وأنه لم يتم التوصل لمضاد فيروسات له حتى الآن.
بجلباب أبيض وأمتعة مشدودة إلى بعضها البعض، وقف ''أمجد نافع- محامي'' بعد الانتهاء من توديع رفاق فوج العمرة القادمة لتوها على رحلة العصر، قال: ''إجراءات التفتيش والجمارك لا تتخذ أكثر من الساعة، ولكننا قضينا حوالي ساعتين بعد إجراء كشف باطني على فوج الرحلة القادمة، وهي أول مرة نرى فيها هذا الخوف على القادمين عكس كل الرحلات السابقة''.
مستندة على ذراع نجلها، سارت ''رجاء'' ذات الـ60 من عمرها صوب سيارة تنتظرها بالخارج، بدا عليها إعياء بسيط تمثل في ''رشح وعطاس''، قالت عنه: ''أي حد بيروح يعمل عمره بياخد (دور برد) عشان المكيفات وحرارة الجو، بس لما كشفوا عليا وشافوا الأدوية اللي واخداها من المستشفى هناك لاقوني سليمة وطلعوني''.
الطرف الثاني في حالة التأهب كانت ملازمة للعاملين بحجرات ''الحجر الصحي'' بالمطار، وهي تابعة لوزارة الصحة والسكان، خمس عيادات مركزية موزعة داخل صالات المطار القديم الثلاث، بداخل إحداها جلست ''ريم وساندي- طبيبتان'' صغيرتان ترافقهما ممرضة، قلن أن المطار دائما في حالة طوارئ منذ ظهور (انفلونزا الخنازير و سارس) وغيرها، ولأنهن جديدات بالعمل فهن يتبعن الدكتورة ''مها عماد'' والدكتور ''عماد الهاشمي- مدير مكتب الحجر الصحي''، وينتظرن منهم الأوامر بالمرور او التعامل مع الركاب القادمين والمغادرين، وأضفن ''هما اكتشفوا فعلا حالة واتحولت لحميات العباسية، بس معرفناش تفاصيل أكتر عنها''.
الإجراءات الوقائية داخل الحجر الصحي لا تتعدى ''القفاز والقناع'' شأنه شأن بقية العيادات والمستشفيات، فضلا عن طاولة صغيرة وضع عليها مضادات حيوية ومطهرات وعدة إسعافات أولية، أما في الخارج؛ فقال أحد ضباط الحركة بأن الحجر الصحي الآن أصبح متمثلا في ''جهاز زي كشف المعادن''، وهو مخصص لاكتشاف الإصابة بالفيروسات وبعض الأمراض، يمر من خلاله الأفراد ومن خلال أشعة معينة يتم تشخيص اصابتهم بالفيروسات من عدمها وفقا لتردد كل فيروس، أما عن هذا الجهاز؛ فهو ملاصق للمكان المخصص لإنهاء إجراءات الجوازات والجمارك، وهو ما يعني أن كل فرد يمر من خلاله أثناء إنهاء إجراءاته.