كتبت - يسرا سلامة:
أمام مبنى فخم يتلون بالأبيض، تتراص مجموعة من الوقفات الاحتجاجية، تختلف مطالبها، كما تتباين طبقاتهم، فمنهم حملة الماجستير أو الدكتوراه، ومنهم العامل في مصنعه، ومنهم من وقف من أجل عودة حقه إثر إصابته في أحداث الثورة، ليجد الجميع قبلتهم رصيف مجلس الوزراء، مهما تغير من على كرسي رئاسة الحكومة.
حملة الماجستير والدكتوراه
أعلى الرصيف المواجه لمجلس الوزراء، وجد حملة الماجستير والدكتوراه الطريق إلى هناك، اعتادوا السير إليه منذ حكومة عصام شرف؛ أول حكومة بعد ثورة يناير، لتستمر بعدها الوقفات من فترة لأخري، تنتظر من رئيس الوزراء إمضاء على أوراق تيسر العمل لحملة العلم من مختلف التخصصات.
تبدأ الوقفة طريقها بالإخطار الذي يحصل عليه ''حملة الماجستير والدكتوراه'' من قسم قصر النيل، يقول ''أحمد فتحي'' منسق الوقفات أن الوقفات الاحتجاجية أمام مجلس الوزراء وصل عددها لثلاث مرات شهرية، لتتعدي بذلك الخمسين وقفة، تنتظر فقط أن يدير أحد في الدولة وجهه لأصحاب الشهادات ليعملوا في قطاعات الدولة المختلفة.
رد الفعل تجاه الوقفات شبه اعتيادي، حين يقف مجموعة منهم أمام مقر الحكومة، ليخرج عليهم أحد موظفي المجلس لمعرفة طلباتهم، ويصل أحد منهم لمسؤول في الحكومة، دون أي أمل في لقاء رئيسها، يقول ''فتحي'' ''نحتاج من رئيس الوزراء أن يوجه إشارات للأجهزة المعنية من أجل التعيين، مثل الجهاز المركزي للتنظيم والادارة، وغيرها من الجهات، لكن لا استجابة إلى الآن''.
المماطلة هي ما يعانيه حملة الماجستير والدكتوراه من كل التخصصات، المتنوعة من الكهرباء للهندسة للزراعة للميكانيكا وغيرها، والذي يصل عددهم إلى 100 شخص في الوقفة، يقول ''فتحي'' غن الحملة لم تترك بابًا إلا وطرقته، حتى إنها اعتصمت أمام منزل الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء الاسبق، وأمام منزل المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء الحالي.
ويضيف ''الطبطبة هي ما يحصلون عليه، ولا تنفيذ للوعود''.
عمال مصنع الكتان
وقفات عديدة يشاهدها ''فتحي'' على رصيف مجلس الوزراء، من بينها وقفة عمال مصنع الكتان، الذي يقف فيه ''هشام أبو زيد'' القيادي بالمصنع مع زملائه، من أجل تنفيذ حكم قضائي حصل عليه العمال في عام 2011، ولم ينفذ حتى الآن من رئاسة الوزراء، على الرغم من إنه المتسبب في حبس هشام قنديل لمدة عام بسبب عدم تنفيذ الحكم.
يقول ''أبو زيد'' إن رئيس الوزراء هو الوحيد الذي لديه حل لأزمة عمال المصنع، إذ أنه الوحيد المنوط به تنفيذ القرار وعودة حوالي 200 عامل إلى المصنع للعمل، لتستمر وقفات العمال من رئيس وزراء إلى آخر، دون أن ينجحوا في لقاء أي رئيس فيهم، أو حتى في حل الأزمة.
هتافات ولافتات واحدة يرفعها العمال أعلى الرصيف من وزير إلى آخر، يحلم من خلالها العمال أن يعودوا للعمل في مصنعهم مرة أخرى، بعد عودة أكبر قلعة صناعية للكتان في الشرق الأوسط لحضن الدولة، لكن لا تزال أزمة عماله تنتظر الحل على مكتب رئيس الوزراء.
ردود الفعل من رئاسة الوزراء تكررت مع عمال الكتان أثناء وقفاتهم، في الأغلب يخرج أحد الموظفين أثناء الوقفة، ويطلب من المحتجين قائمة المطالب، وأحيانًا يلقاهم أحد وكلاء الوزارة، ليكون الرد في خطاب يترك في أحد أدراج المبنى.
يقول ''أبو زيد'' إن الحكومة أرسلت العمال إلى وزارة الاستثمار، للبحث في الأزمة، دون حل أيضًا، دفعت بـ''أبو زيد'' ليبحث عن وزير الاستثمار في عزاء القيادي ''عزازي علي عزازي'' ليبلغه بالأمر، لكن أيضًا دون جدوى.
لم يبق من عمال المصنع العتيق سوى 200 عامل لم يجدوا عملا آخر، ولا يزالون في انتظار حل لأزمتهم. يقول ''أبو زيد'' إن أغلب العمال يعاني من البطالة، ومنهم من يعمل باليومية في مجالات أخرى مثل الفلاحة، أو بالأجرة. ويضيف أن العمال انفقوا من أموالهم على القضية، لكن حتى بعد نجاحها لم ينفذ الحكم بعودتهم للعمل.
مصابو الثورة
مصابو الثورة مصابو الثورةساعات الانتظار في الوقفة، والشمس اللافحة، واليد المرهقة من حمل اللافتة أيضًا جمعت عمال الكتان مع مصابي الثورة، على نفس الرصيف أمام مجلس الوزراء، فرقًا واحدًا ميز هؤلاء عن هؤلاء؛ حيث أن المصابين جاءت احتجاجاتهم بعد الثورة التي حلموا مثل غيرهم بأن تكون أفضل لهم ولبلدهم.
وقفات عديدة شارك بها ''إيهاب الغباشي'' المنسق العام لرابطة رعاية المصابين وأسر الشهداء، مع بعض أسر الشهداء و المصابين، كانت آخرها أمام مجلس الوزراء في منتصف أبريل الجاري، كانت بداية الوقفات منذ عهد رئيس الوزراء الأسبق ''كمال الجنزوري''، ليخرج المصابون بإنجاز تشكيل المجلس القومي لرعاية أسر الشهداء والمصابين.
لكن هيكل المجلس لم يكن كافيًا لتوقف الاحتجاجات أمام مقر الحكومة، إذ تعرض المصابون لعدد من الحوادث أشهرها كما يقول ''غباشي'' طردهم من القصر العيني الفرنساوي، دون استكمال علاجهم، ''مش مستنين بعد ثورتين إن المصابين ينطردوا بالشكل ده من المستشفى''.
مطالب عديدة لم تجد بابًا إلا لدي معالى الوزير من أهالي الشهداء والمصابين، والذي يقارب عددهم بحوالي 100 إلى 150، يقول ''غباشي'' إن أهم تلك المطالب هي القصاص ممن تسبب في قتل الشهداء، وتحقيق العدالة، وثانيها العلاج في ظروف أدمية، بجانب إعادة هيكلة المجلس القومي لرعايتهم.