كتبت- رنا الجميعي:
يأتي الأقربون، الابنتان مع أسرتهما الصغيرة، ليمتلئ البيت بالعائلة الكبيرة المكونة من الأب والأم وابنهما والابنتين وأسرتهما، في شم النسيم يتجمعوا لتصبح وجبتهم الأساسية وقت الغداء هو الفسيخ، تبدأ الابنتين في الإعداد للسفرة، يجلس الجميع ليأكل بلهفة، المرح يشملهم، والتعليقات المتناثرة حول لذة الفسيخ تتطاير حول مائدة الطعام، فالسمك المملح هي الوجبة الموسمية التي يجتمع حولها العائلة، لكن تظل الأم بمنأى عن الطعام المرح لتخوفها منه.
وتهفو نفسها إلى الفسيخ لكن ما إن تتذكر الأحاديث التي تمتلأ بها تلك الشاشة الفضية عن خطورة الفسيخ، وتكثر تلك المحادثات وتحذير الأطباء من السمك المملح حيث لا يمكن ضمان المحال القادم منها، حتى تتجنبه.
كانت السيدة ''ملك العسقلاني'' تحب الفسيخ منذ صغرها، فعائلتها امتلكت مزرعة للسمك، ولم تضع في اعتبارها وقتها الشك في صحة السمك القادم من المزرعة ''كان مضمون''، فكانت والدتها هي التي تقوم بتمليحه.
لكن ''ملك'' ومع زواجها لم تقرب إلى الفسيخ ثانية، يأتي به زوجها من بائعه لتضعه بعيدًا عنها، حتى يأتي يوم شم النسيم ليأكله عائلتها دون أن تمسه، غير أنها تشتهيه أحيانًا ''بيبقى نفسي فيه''، ليقوم زوجها ''محمد'' بوضع بعض من الليمون عليه لتأكل لقيمات قليلة منه.
فمع كبر ''ملك'' بالسن أصبحت تُعاني من القولون بجانب أمراض أخرى، لتتجنب السمك المملح أكثر فأكثر ''بقيت بسمع كلام في التليفزيون يخوفني من الفسيخ''، ولم تفكر ربة المنزل في تمليحه هي بنفسها لضمانه أكثر.
وفي تلك المناسبات التي يكثر فيها أكل السمك المملح مثل شم النسيم والعيدين، تضع بحسابها السيدة الخمسينية أن تطبخ أكلة أخرى بجانب الفسيخ ''بطبخ ساعات كفتة أو لحمة''، لتترك عائلتها لينتهوا من الفسيخ، وتأكل هي الوجبة البديلة.
''طباخ مبارك'' يقدم الفسيخ والرنجة للمحامين في المعادي في شم النسيم