حماة – (هنا صوتك):
يحتفل العلويون كل عام في 17 أبريل بعيد الرابع. ويسمى بالرابع لأنه يأتي في الرابع من نيسان حسب التقويم الشرقي. يبدأ التحضير للعيد قبل أيام منه، تكون فيه المقامات الدينية المنتشرة في الساحل السوري وفي غيره من المناطق، مسرحاً له. المقام هو مدفن رجل دين، يتبارك فيه العلويون.
''قائم المقام'' هو رجل وهب نفسه لخدمة احتياجات زوار المقام. ويشرف على تحضيرات عيد الرابع ويساعده في ذلك كثير من الخدم الآخرين، قد يصل عددهم أحياناً إلى العشرات تبعاً لأهمية المقام، يحضّرون الحطب والقدور والبسط والكراسي وكل ما يتعلق بالأعياد الكثيرة التي يحتفل فيها العلويون.
طقس ديني
يقول ''سيف الدين'' أحد العلويين الزوار إلى مقام ''إبراهيم قرفيص'' بالقرب من بانياس على الساحل السوري: ''يمثل العيد لنا إعلاناً بقدوم الربيع، وهو طقس ديني قديم، ربما لا يشعر بذلك الكثير من الزوار اليوم''.
يؤكد سيف أن ''عملية شراء الخراف وذبحها، تتم بجوار المقام وتحت رعاية قائم المقام، ثم تقدم اللحوم فيما بعد على شكل نذور يرجى منها إرضاء الله''.
يعتقد الكثير من العلويين أن هذه النذور ترد الأذى وتجلب الخير، وتكون بمثابة طلب دعوة لله لإنجاح عمل ما يريد المقدم أن يتكلل عمله بالنجاح.
يتابع سيف: ''إن العلاقات الاجتماعية المرنة التي تميز العلويين، تسمح بأن يعبّر الشباب والشابات عن فرحهم بالعيد، بعقد حلقات الدبكة والرقص، على أنغام أغان شعبية، وقد تتكلل بعض هذه اللقاءات بزواج بعضهم فيما بعد''.
أصل العيد
يرفض وديع، الطالب في جامعة تشرين في اللاذقية، المشاركة في عيد الرابع باعتباره ''طقساً وثنياً''.
يقول: ''كانت شعوب الشرق الأدنى القديمة، من آشوريين وبابليين وكنعانيين وغيرهم، تحتفل بقدوم الربيع. وتقدم الأضاحي للآلهة، ويرقصون لتشجيع الطبيعة على العطاء. لقد كانت تلك الممارسات بمثابة أعياد دينية، اشتركت فيها الكثير من الشعوب فيما بعد''.
ويضيف وديع أن عيد الرابع له أصول فارسية أيضاً، حسب بعض الباحثين في التاريخ. فبعد دخول سلمان الفارسي الإسلام، أدخل بعض تقاليد بلاده ضمن العادات الاسلامية، ومنها عيد النوروز الذي يحتفل به الفرس في الربيع. ويتابع ''إنني لست ضد الدين، ولا الاحتفال بطقوسه، بل أنا أشجع مشاركة الشباب فيه، على الأقل من أجل دخول الجيل المتعلم بدل المشايخ. وأتمنى أن تعبر كل طائفة عن خباياها''.
الرابع مؤجل
''عكست الأزمة السورية ظلالها على الأعياد الخاصة بكل طائفة أيضاً، فصارت مساحة الفرح أقل. وانخفضت أعداد العلويين المحتفلين بعيد الرابع. والأم التي فقدت ولدها في المعارك، لا تجد سبباً لتقديم نذور أخرى. كما أن اقتراب المعارضة المسلحة من ريف اللاذقية، ذي الأغلبية العلوية، سيؤجل عقد الدبكات في العيد''، يقول نعيم النازح من شمال اللاذقية. ويضيف: ''كنا في فترة سابقة نزور مقام أحد الأتقياء في بلدة البيضا، شمال اللاذقية، لكننا لن نفعلها هذه السنة. لا شيء يدعو للاحتفال أو لتقديم القرابين''.
ويقول أحد شباب ريف حماة: ''تعودنا لعشر سنوات مضت، على الذهاب الى مقام علي زين العابدين شرقي مدينة حماة. لكن المعارك الدائرة بين قوات النظام والمعارضة هناك، ستمنعنا من ممارسة طقسنا. كما أن مقتل العشرات من أبناء قريتي، لا يحفّزنا للذهاب الى مقام قريب ناهيك عن مقام بعيد. يبدو أننا سنوفي نذورنا في المنزل''. ويتابع: ''وحدهم المشايخ، وخادموا المقامات يشجعون العلويين على الحضور. لأن ذلك يؤمن لهم دخلاً مادياً مرتفعاً. فمعظم زوار المقامات، يقدمون بعض المال على شكل زكاة لهم. لذلك تعتبر هذه الفئة خاسرة هذا الموسم أيضاً''.
بالصور- الإنشاد الصوفي والتراتيل القبطية في مصر القديمة لأول مرة