كتبت - نوريهان سيف الدين:
يحضر كتبه وأوراقه ويستعد للذهاب للمحاضرة بالكلية، في الخلفية صوت قارئ نشرة الأخبار يقول ''اشتباكات بالقرب من حرم جامعة عين شمس''، يتمنى أن يمر يومه بسلام ويعود ليستكمل مذاكرته، امتحانات تقترب وأعصاب مشدودة فكليته ''علوم صعبة والعيشة مُرة''، يذهب لـ''السيكشن'' ويندمج في الشرح، ويسمع بالخارج أصوات تكسير وهتافات وضرب، وفي لمح البصر يحدث هرج ومرج واستنشاق للغاز، وبعد سويعات قليلة تصبح ساحة الكلية ''مسرح جريمة'' والسبب ''مظاهرة طلابية''.
داخل الحرم الكبير لجامعة عين شمس وبالقرب من ''قصر الزعفران'' حيث رئاسة الجامعة، فوجئ طلاب كليات ''العلوم والحاسبات والمعلومات'' بمظاهرات واشتباكات امتدت من خارج السور الجامعي، لتصل لقلب الكليات، وتتبدد معها لحظات الهدوء النسبي لدى الطلاب، وبعد أن صار الأمر مفروغا منه لدى غالبية طلاب الجارات القريبة من البوابة ''آداب وحقوق'' بتمضية الفترة الباقية حتى موعد الامتحانات (من منازلهم)، صار طلاب الكليات العملية هم الآخرون على وشك اتخاذ نفس القرار لأن (العمر مش ببلاش)، وهي نفس الحملة التي دشنها اتحاد طلاب الكلية.
''آية رشاد- الفرقة الثالثة'' قالت: ''دا حال كلية كل ذنب طلابها انهم ملتزمين ومطحونين''، فالدراسة في واحدة من أصعب الكليات النظرية لا تسمح لهم بأخذ قسط من الأجازات، والحضور إلزامي بها، لكن في هذا العام ومع كثرة التظاهرات وتأجيل الدراسة لأكثر من مرة، باتت المحاضرات (شيئ اختياري)، ولكن (السكاشن إجبارية) خاصة مع اقتراب امتحانات (الميد تيرم).
''فردوس راجي'' سخرت من الموقف برمته وقالت ''أنا مابقتش أخاف زي الأول، أنا بقيت أخاف أكثر''، فمع كل أخبار تفيد بإشتباكات وحدوث قلق تجد أن المبادر بالفرار هم ''الدكاترة والمعيدين من مالكي السيارات''، في حين أن الطلاب عليهم الخروج من البوابات ومواجهة الاشتباكات بصدور عارية.
''يوما ما كان يدعى ذاك حرما''، شعار رفعه طلاب علوم وحاسبات، وصور نشرها طلاب الكليتين بعد امتداد آثار الدمار حتى الواجهات الزجاجية العليا للكلية، ''صورة شهيد كلية العلوم'' زينت مدخل الكلية حفت بشريط أسود، وضعها أصدقاءه تخليدا لذكرى شهيد الثورة الطالب بنفس الكلية، بعد الاشتباكات باتت ليس فقط مهددة بالوقوع، ولكن بإضافة مزيد من الصور لزملائه ممن أصيبوا وقتلوا في الاشتباكات الجامعية''.
''صابرين الشاذلي'' الطالبة بالكلية نشرت مجموعة صور التقطتها بجوالها الخاص من داخل حرم الكلية، أظهرت الزجاج المكسور والأحجار الملقاة، طرقات فرغت من الطلاب بعد فرارهم من يوم دامي، في حين دشنت إحدى الأسر الطلابية التابعة لاتحاد الطلاب حملة تدعو فيها الطلاب للإضراب عن الحضور خوفا على حياتهم، فقالت ''انشر بلغ عرف الضرب ما بيفرقش والعمر مش ببلاش، لا دراسة تحت الرعب''، تحت (هشتاج) بعنوان ''#ادعم_اضراب_علوم''.
زوايا المشهد لم تحتوي طلابا فحسب، بل حملت أيضا أعضاء هيئة تدريس وموظفي الكلية، ''سامية مجدي- موظفة شئون الطلبة'' قالت: ''ع الحال دا طول السنة ومش عارفين أما تيجي الامتحانات والاشراف عليها هيحصل إيه، لو مكانش مظاهرات وإخوان يبأه بلطجة وقلة أدب''، وعلى الرغم من مرضها وإصابتها في الساق إصابة تستدعي الحركة بحذر، إلا أنها قالت ''الروح حلوة ولما لقينا ضرب جريت، العمر مش بعزقة''.