كتب- محمد منصور:
ليس فصلاً في رواية لكاتب خيال علمي، ولا جزء من مشهد فيلم تدور أحداثه في المستقبل، فالعلم؛ في تلك الحالة، حول خيالنا إلى حقيقة، فالقرار الصادر عن إدارة الغذاء والدواء الأمريكية حول كلمات الروايات إلى حقائق ملموسة، فقد أعطت الإدارة الضوء الأخضر للجراحين والأطباء في بدء تجاربهم الخاصة بـ"تجميد" 10 من المصابين بإصابات جسيمة والمعلقين في غيبوبة بين الحياة والموت وذلك لحين تطور التقنيات الطبية اللازمة لمعالجة حالاتهم.
"نأمل أن نساعدهم على الشفاء في وقت لاحق" يقول الأطباء، الذين يؤكدون أن تجاربهم ستبدأ بالأشخاص المصابين بأعيرة نارية أو جروح خطيرة تسببت فى توقف قلوبهم عن النبض بشرط أن تفشل إجراءات إعادة قلوبهم للحياة عن طريق الإنعاش القلبي.
تبدأ مراحل التجميد، والتي يسميها الخبراء بـ"تعليق الحركة"، بنزح كافة الدماء الموجودة داخل العروق، ثم يتم ضخ محلول ملحي من خلال القلب إلى الدماغ ثم ضخه إلى سائر أعضاء الجسد، وتبدأ إجراءات خفض حرارة الجسم إلى ما دون الـ10 درجات مئوية، هنا، وحسب الأطباء، يكون المريض "ميت سريريًأ"، ويكون لدي الجراحين ساعتين للعمل على علاج الإصابات التي تعرض لها الجريح.
برغم أن تلك التقنية لم تُجرب على البشر فى السابق، إلا أن علماء في مستشفى "آن أربور" التابعة لجامعة ميتشيجان نجحوا في عام 2002 في القيام بتلك العملية للخنازير، والمُدهش أن تلك الخنازير؛ والتي كانت مصابة بإصابات بالغة، تماثلت للشفاء بعد أن قام العلماء بتنفيذ العملية وإنعاشها قلبيا، فرغم غرابة تلك الوسيلة إلا أنها تعتمد على نظريات علمية ثبُت صحتها، فخلايا الجسد تمتص قدر كبير من الطاقة وتحتاج إلى الأوكسجين الذي يتم توفيره عن طريق الدم المؤكسد، وحين يموت القلب، تبدأ وظائف الخلايا في الاضمحلال، وتموت الدماغ، وحين نخفض درجة حرارة الجسد، ستتباطأ العمليات الحيوية، وتتوقف تقريبًا كل التفاعلات الحيوية، مما يُعطي وقت للأطباء لمداوة جراح المرضى وعلاج إصابتهم، وحين ينتهي الأطباء من عملهم، تبدأ عملية الإفاقة باستبدال المحلول الملحي بالدم ورفع درجة حرارة الجسد بشكل متدرج، عندها من المفترض أن يبدأ القلب في النبض وإلا سيلجأ الأطباء إلى استخدام تقنيات الإنعاش القلبي.
"كل يوم اضطر إلى إعلان وفاة أحد الأشخاص بسبب عدم توافر مؤشرات حيوية في جسده، رغم أنني أعلم أنه ربما يكون ما زال حيًا أو على الأقل هناك أمل فى إنقاذه" يقول الدكتور "بيتر راي" الاستاذ بجامعة أريزونا والمشارك في الدراسة السريرية مؤكدًا أن التجربة ستشمل 10 أشخاص "لا بديل عن موتهم" ومشيرًا إلى أن النتائج سيتم مقارنتها بمجموعات أخري من المرضي بنفس الحالات "طلق ناري أو أدوات حادة" لمعرفة نتائجها بالمقارنة بأشخاص "لم يحظوا بتلك العناية الفائقة".