كتبت – دعاء الفولي:
يصحو المواطن ''س'' على خبر جديد، ''انفجار بمحيط جامعة القاهرة وتمشيط الأجهزة الأمنية للمنطقة بحثًا عن أخرى''، ''هدنة بين قبيلتي أسوان بعد اشتباكات دموية'' أو ''ضبط عاطل بحوزته طلقات جرينوف''، ألفاظ يعيها لكن لا تسعه صدمة سماعها بشكل يومي، كان فيما قبل يسمعها في حالات الحروب، يطالعها على نشرات الأخبار الدولية مطمئنًا أنها لن تمس دولته، أضحى يعيشها وتتكرر أكثر من مرة، بين ''انفجارات''، ''قتلى''، ''قصاص'' و''نزاع'' وغيرهم، المعجم اللغوي للمواطن أصبح مُحمل بها؛ فيتقبلها عقله كما لم يفعل من قبل.
''أحمد عبد الله''، الطبيب النفسي، يرى أن ناتج الكلمات ضغط عصبي ضخم وإحباط يصيب المواطن، في المقابل المواطن عليه دور أن لا يهتم بما يقوله الإعلام في المطلق ''المواطن أحيانًا بيجيب لنفسه القلق لما بيتفرج على الأخبار''، رغم أهمية الأحداث إلا أن ''عبد الله'' يعتقد أن المواطن لا يحتاج إلا أخبار دائرة المحيطين به، أما تلك الموجودة في النشرات ''يجب الابتعاد عنها فورًا لأنها أشبه بسم يدس مصطلحات شديدة وبشكل غير دقيق للأسف'' ليتلقاها المواطن، وتسبب له التوتر.
قال ''محمد حماسة''، أستاذ النحو والصرف وعضو مجمع اللغة العربية، إن الألفاظ المستخدمة لغويًا في الإعلام قد تكون على قدر الحدث أو بها مُبالغات، والمواطن المصري يتلقى الكلمات حتى وإن كانت أكبر من حجمها ويمتصها مع الوقت، فكلمة ''هدنة'' مثلًا، لا يجب أن تستخدم في نزاع بين قبيلتين ''بل تُطلق على حرب بين دولتين أو شعبين، نقول مثلًا هدنة بين أمريكا وروسيا''، لكن في المقابل يستخدمها الإعلام لتهويل الموقف ''كأنه يريد توصيل رسالة استنكار، وأن ما يحدث بين الإخوة في أسوان لا يجب أن يكون بين أبناء الشعب الواحد''.
ورغم أن استخدام الكلمات المبالغ فيها قد يكون جيدًا أحيانًا إلا أن ''الإعلام عليه دور ألا يستخدم ألفاظ ضخمة للإثارة فقط''، وأوضح ''حماسة'' أن المبالغات اللفظية في الأحداث المختلفة موجودة منذ زمن بعيد ''لكنها ازدادت في سنوات الثورة الأخيرة''، حيث تطبعت الألفاظ بالحالة الثورية الموجودة لدى الناس، والتي لم تهدأ حتى الآن.
''الإعلام يصنع القاموس اللغوي اليومي للمتلقي''، قال ''أيمن الصياد'' الخبير الإعلامي، موضحًا أن ذلك لا يكون من خلال نشرات الأخبار أو الأحداث فقط، بل حتى الأغنيات والمسرحيات ''مع الوقت يصبح المصطلح شائع بين الناس''، كذلك الحال بالنسبة للمصطلحات الحربية المستخدمة حاليًا، فترويج الإعلام لها يُعطي إيحاء للمواطن أن الدولة في حالة حرب دائمًا