كتبت- نوريهان سيف الدين:
''تصالح، ثورجي، القصاص، فلول، حزب الكنبة، دولة مدنية، برادعاوي، ربعاوي وسيساوي''، كلها وأكثر مصطلحات ظهرت وانتشرت على مدار السنوات الثلاث الماضية، وأصبحت ''اكلاشيهات'' في الحوار السياسي اليومي، انتقل بدوره لرجل الشارع عبر الفضائيات والصحف، لكنها بين طياتها حملت معاني أكثر عمقا لدى من عبرت عنهم.
''القصاص'' و''حق الشهيد''
''يا نجيب حقهم يا نموت زيهم''، نداء لا يلبث أن ينقطع حتى يعود من جديد، يهز جنبات الميادين كلما سقطت ضحية جديدة منذ أن اندلعت الثورة، الموجة الأولى من شهداء ثورة 25 يناير، حتى الآن لم يروا ما يبرهن تحقق ''القصاص''، ''باسم محمد بسيوني'' شقيق الشهيد ''أحمد بسيوني''، الذي لقى حتفه دهسا تحت إحدى المدرعات بأحداث ''جمعة الغضب'' بالقاهرة، يقول ''كلنا انتظرنا المحاكمات سواء أسرة الشهداء أو حتى أفراد الشعب، ومحدش شاف شيء واقعي بيتحقق، والقضايا كلها بتؤجل لسبب أو لأخر، لما خلاص مفيش أمل قصادنا وعرفنا النهاية''.
ويضيف بصوت يملأه الأسى ''أحمد واللي زيه نزلوا مش عشان ثورة، عشان فقر وظلم ومكانش حد عارف أنها ثورة على مبارك بحد ذاته، لكن لما النوايا كانت سليمة سقط مبارك، والكل عاش شهرين تلاتة مصدقين فعلا إن حق الشهيد هيرجع، بس بعد كدا النشاط راح والمصالح اشتغلت''.
وأكمل شقيق الشهيد ''مؤخرا سمعت اسم أخويا في جلسة محاكمة مبارك، والأمل اتجدد من تاني، بس للأسف إجراءات التقاضي اشبه بالمسرحية، ودا بيظهر إن حتى محاكمة مرسي وأي حد تاني هتكون بنفس السيناريو''، وينهي بقول ''الكلمة الوحيدة اللي نجحت من أول ما الثورة قامت هي (يسقط)، يسقط مبارك والمجلس العسكري ومرسي والإخوان، وأي رئيس جاي هيتقال له (يسقط) برضو، بس بدون نتيجة جيدة''.
شهيد آخر سقط أثناء الثورة، إلا أن أسرته خلصت لنتيجة ''الثورجية ماتوا ودلوقت دور الممثلين''، تقولها والدة شهيد أحداث مجلس الوزراء ''علاء عبد
الهادي'': ''دلوقت الناس بتلعب على 100 حبل وعاوزين مصلحتهم، إنما للأسف كتر الدم بيخلي الناس تفقد الأمل''.
''المدنية'' عكسها ''بربرية''
مصطلحات أخرى اضيفت لقاموس الثورة من بينها ''مدنية الدولة''، والتي تحدثت عنها ''الدكتورة أماني مسعود- أستاذ النظرية السياسية بجامعة القاهرة''، فقالت ''أساسا الدولة ''مدنية'' لأن أساسها هو الفرد المواطن العادي، إنما ما يثار وتروج له وسائل الإعلام إن عكس الدولة المدنية هو ''العسكرية أو الدينية'' هو خاطئ تماما، المدنية عكسها ''البربرية'' أو اللا حضارة، إنما لأن هناك مصالح تحرك القوى السياسية في اتجاهات معينة، فالحوار الإعلامي اصبح مغلوط ويسير في الاتجاه الخاطئ''.
فيما قال المحلل السياسي ''حسن نافعة'' إن مصر الآن أصبحت تموج بالمصطلحات التي أفرزتها الثورة وانتقلت بدورها لقاموس المواطن، إلا أن تباين الشرائح المتعلمة يضع هذه المصطلحات كاتهامات في بعض الأحيان، فالانتماء نفسه يولد عصبية وكراهية لمن لا ينتمي إليه''، موضحا ''يعني هتلاقي حد مؤمن بالثورة يصف أي حد مش على نفس رأيه بأنه فلول، أو نسب الشخص لشخص أخر يشجعه زي برادعاوي وسيساوي مثلا''.
لا تصالح
''نية التصالح مع رموز النظام القديم بغية استرداد الأموال المهربة للخارج'' كلمات تردد كل حين في وسائل الإعلام، وعلى رأسها تتبع الحسابات البنكية لآل مبارك وحسين سالم وغيرهم من رؤوس النظام.
الدكتور ''محمود الششتاوي- المحلل المالي بالبورصة''، قال ''فكرة التصالح جاءت إيمانا بمبدأ أن مالا يؤخذ كله لا يترك كله، خاصة وأن الحالة المالية للبلاد في تراجع مستمر، ولا تفلح معها ''غرفة الإنعاش'' التي تضعها في الحكومة أو مضخات الاستثمار''، مشيرا إلى أن ''التصالح مع البنوك'' أمر كان متداولا منذ فترة الانفتاح وتحول السوق من الاشتراكية للسوق المفتوح، وأن البنوك تعرف ''التصالح ودفع الأموال'' كأمر مسلم به في لغة أسواق المال''، مختتما ''هتلاقي ناس عندها سبب كافي ترفض التصالح مع نظام مبارك خصوصا بعد توجيه اتهامات جنائية له، طظ بأه في الدهب والفلوس اللي بيقولوا متهربة- المهم عندهم يشوفوا الناس دي متعلقة في مشنقة''، حسب تعبيره.