كتب- محمد منصور:
وهن وضعف شديد أصاب أحد الأشخاص في غينيا مطلع فبراير الماضي، تطور الأمر لالتهاب في الحلق والآلام في العضلات وصداع شديد، تصور الرجل أن الأمر يرجع إلى مجهود زائد أو عرض لإصابته بفيروس الأنفلونزا، أيام قليلة وبدأ المريض في التقيؤ، وظهرت بعض البقع الجلدية، هنا قررت عائلته نقله إلى أحد المستشفيات العمومية، ليُصاب الطبيب بالهلع فور رؤيته، فالرجل الذي كان على وشك الاحتضار مُصاب بالفيروس القاتل المدعو ''إيبولا'' ولا أمل في شفائه.. فقط دعي الطبيب الله أن لا يتفشى المرض.
بعدها بأيام.. بدأت الأعراض تظهر على أخرين، وعممت مديريات الصحة في غينيا منشورًا يُفيد تعرضها لغزو الفيروس، وبدأت في مخاطبة منظمة الصحة العالمية لاتخاذ التدابير الوقائية اللازمة لمنع تفشي المرض، وفي 28 مارس الماضي؛ ارتفعت عدد الحالات المؤكدة إلى أكثر من 180 حالة توفي منها 70، والآن؛ تأكد وجود حالات في الدول المجاورة لغينيا – سيراليون وليبيريا ونامبيبا- لتبدأ منظمة ''أطباء بلا حدود'' في إصدار مجموعة من البيانات التي تُحذر من تحول المرض إلى ''وباء غير مسبوق''.
فيروس الإيبولا
في عام 1976، ظهرت أولى بوادر المرض فى كلاً من السودان والكونغو ويامبوكو، وجاء أسم المرض من نهر ''إيبولا'' حيث كانت حالات التفشي الأكبر، ويُسبب الفيروس مجموعة من الأعراض التي تنتهي بوفاة ما بين 25 إلى 90 في المئة من الحالات وينتقل الفيروس إلى الإنسان عن طريق ملامسته لدم حيوانات مُصابة بالمرض، وحسب منظمة الصحة العالمية فإن العديد من الحالات وُثقت في أفريقيا بسبب التعامل مع الشمبانزي وخفافيش الفاكهة وظباء الغابات والغوريلا والنسانيس أو الحيوانات النافقة التي يتم العثور عليها في الغابات المطيرة بين الحين والأخر.
وحال حدوث الإصابة في البشر، يبدأ الفيروس في التحصن داخل الجسد، وتتراوح فترة حضانة الفيروس ما بين يومين إلى 21 يوم، يكون فيهم الشخص المُصاب احتك بمجتمعه، وهو الأمر الذي يؤدي إلى تفاقم الإصابات، فحمي الإيبولا تنتشر في صفوف المجتمعات المغلقة والمفتوحة على السواء عند ملامسة دم الفرد المُصاب أو أحد إفرازاته أو أعضائه، أو حتي ملامسة جثته وقت إعدادها للدفن، وينتقل الفيروس أيضًا عبر السائل المنوي خلال مدة تصل إلى 50 يومًا عقب مرحلة الشفاء.
المعالجين والأطباء لا يسلموا أحيانا من التقاط عدوي الإيبولا، فقد تنتقل إليهم العدوي في حالة عدم توخي الاحتياطات والاشتراطات الصحية وإذا لم يتم تطبيق الاجراءات المناسبة حال رعاية المرضي، والتي تشمل عزل المريض في محاجر صحية وارتداء القفازات والأقنعة والنظارات الواقية والسترات العازلة للفيروسات.
الاستعدادات الدولية
بدأت العديد من الدول في اتخاذ مجموعة من الاجراءات التي قد تحول بينها وبين تفشي الوباء القادم أساسًا من غينيا، فقد أعلنت المملكة العربية السعودية عن إيقاف تأشيرات الحج والعمرة للقادمين من غينيا، فيما أغلقت ''السنغال'' حدودها مع غينيا بشكل مؤقت لحين السيطرة على المرض، وبدأت الفرق الصحية الفرنسية العاملة في البلاد في اتخاذ اجراءات مشددة للحيلولة دون تفشي المرض، كما أوقفت بعض شركات التعدين فروع لها في ''غينيا'' وسحبت العديد من الموظفين الأجانب إلى خارج البلاد.
ضحايا العدوي
في عام 1976 أصابت العدوي 318 شخص في جمهورية الكونغو الديموقراطية، توفي منهم 280 شخص بمعدل وفيات بلغ 88 في المئة، وفي نفس العام؛ توفي 151 شخصًا في السودان من إجمالي 284 شخص بمعدل وفيات بلغ 54 في المئة وبعدها بعام واحد؛ أصيب شخص واحد بدولة الكونغو بالفيروس مما تسبب في موته.
وفي السودان، تسبب الفيروس في قتل 22 شخص من إجمالي 34 شخص أصيبوا بالمرض عام 1979، وفي عام 1994 توفي 31 شخص من إجمالي 52 شخص أصيبوا بالفيروس في كلاً من كوت ديفوار والجابون، ليأتي عام 1995 والذي توفي فيه 254 شخصًا من إجمالي 315 شخص أصيبوا بالفيروس فى الكونغو.
وفي عام 1996 توفي 21 شخص في زائير و45 شخص في الجابون وشخص واحد في جنوب أفريقيا بسبب الفيروس، وفي عام 2000 توفي 224 شخص في أوغندا من إجمالي 425 شخص أصيبوا بالفيروس بنسبة 53 في المئة وفيات، وفي عام 2001 توفي 53 في الجابون و44 شخص في الكونغو، ليأتي عام 2014 الذي قتل فيه الفيروس ما يقرب من 90 شخصًا حتي الآن.