كتبت- يسرا سلامة:
الزحام خانق من حولها، لا مفر من الانخراط في وسيلة مزدحمة من أجل اللحاق بعملها أو دراستها، لكن ''التحرش'' راكب دائم، لا يترك لها متسعًا من الهدوء، لا يفرق بين محجبة أو منتقبة أو امرأة تركت لتاج رأسها العنان، لم يكن أمامها مفر سوى سلاح تحمله، سلاح لا يرقي لمستوى الجريمة، لكنه فعًال إينما وجِد، ''إبرة منجد''.
استخدام الأبرة ضد المتحرشين فكرة انطلقت من حملة ''شفت تحرش''، كوسيلة للدفاع تلتقطها الفتاة حين شعورها بالخطر من حولها، وذُكِرت من قبل في الفيلم ''678''، لتكون ''الأبرة'' سلاح في وجه المتحرشين، بجانب بعض الأدوات الأخرى مثل الدوكو أو دبوس صغير، ''سلاح حاد طوله 20 سم، ومدببة تصلح للمواجهة لأي متحرش'' هكذا يقول ''فتحي فريد'' منسق ''شفت تحرش''، ويضيف أن الحملة لجأت لهذه الوسيلة في ظل غياب القانون، بحسب رأيه.
''بجنيه واحد يمكن للفتاة التي تتعرض للتحرش أن تشارك في الحملة''، يقول ''فريد'' إن الفكرة تحتاج إلي قرار من داخل الفتاة نفسها، وتستخدمها كرد فعل للمواجهة، ويشير ''فريد'' إلى أن الحملة لا تستهدف سوى من ينتهكون جسد المرأة في الشارع أو غيرها من الأماكن ''هو ده الحل المتاح في ظل الغياب الكامل لإرادة الدولة''.
لكن الظاهرة وصلت إلى مستويات مخيفة، وفقًا لموقع ''خريطة التحرش الجنسي''، الذي يوضح أبرز الأماكن علي مستوى الجمهورية، فحوالي99.3 % من النساء تعرضن للتحرش بعدة أشكال، كانت أكثرها 59 % لمس باليد، و48 % التلفظ بألفاظ خادشةللحياء ولها معنى جنسي، و54.5 % معاكسات كلامية، ثم 42.5 النظرات المتصفحصة لجسد المرأة.
ولم تُمانع ''آلاء سعد'' من فكرة استخدام الأبرة أو أي وسيلة دفاعية ضد المتحرشين، وتقول الفتاة التي تعرضت من قبل لتجارب للتحرش، قدمت على إثرها بلاغات ضد المتحرشين، تقول إن التحرش هو ''استعراض قوة'' من المتحرش علي الفتاة، لذا فهي تمتلك الحق باستخدام أي وسيلة من أجل الدفاع عن نفسها.
وتعزز ''سعد'' استخدام الأبرة أو غيرها كوسائل دفاعية من الفتيات، وذلك لعدم قدرة الفتاة علي المواجهة البدنية مع المتحرشين، وتقول ''آلاء'' :''غير متاح لينا قانون يسمح أن نمتلك اليكتريك أو صاعق كهربي، وطبعًا مش هنضرب المتحرش.. في حالات كتير البنت مش هتقدر تعمل كدة، فميش حل غير الإبر أو الدبابيس'' ترى ''آلاء'' أن الموروث الثقافي لدى الفتاة المصرية يمنعها كثيرًا من اللجوء لأدوات العنف، خوفًا من الدخول في صدام مباشر مع المتحرش، مما يجعل تلك الأدوات سبيل لا بديل له.
ترحيب بالفكرة أبدته ''أماني موسي'' الطبيبة ''أنا لو حسيت بحركة مريبة بصرخ أو بسيب المكان كله''، ترى ''أماني'' أن حوادث التحرش تزيد في الفترة الأخيرة، وذلك بسبب الإسفاف وانعدام الأخلاق، وانفلات الأمن أكثر في الوقت الحالي.
تسخدم ''أماني'' -24 عامًا- الميكروبصات كوسيلة، تقول إن ''الإبرة'' أو أي وسيلة دفاعية ليست حل أخير لمشكلة زيادة التحرش، معتبرة أن الحل في ترسيخ القانون وتنفيذه، وأن تنفيذ العقوبة سيجعل الرجل يفكر ألف مرة من قبل الإقدام على التحرش.
لكن ''عائشة صلاح'' أبدت صعوبة في استخدام الأبر أو الدبابيس كوسيلة المتحرشين، علي الرغم من إعجابها بالفكرة، وتقول ''عائشة'' -23 عامًا- أنه من الصعب للفتاة أن تسير بالأبرة طوال طريقها في انتظار متحرش، وتضيف ''التحرش يحتاج رد فعل سريع، وده صعب يحصل''.
الأمر غير فعًال كما يري ''أحمد السيد'' والذي يعمل بمهنة الإخراج، موضحا أن استخدام أدوات ضد المتحرشين لن تثنيهم عن الإقدام علي تلك الخطوة مجددًا ''المصريين مش هيفرق معاهم إبر أو أي وسيلة''، بحسب رأيه، ويقول ''السيد'' أن الأمر قد يكون مُجدي في حالة رجال كبار في السن، لكن إن كان مع شباب صغير لن يؤثر، بل ربما يتحول لعناد والاستمرار في التحرش.
''الأبرة لا تكفي'' .. هكذا تقول ''حنان عشري'' دكتور الخدمة الإجتماعية بجامعة حلوان تعليقًا علي الفكرة، وتشير إلى أن ظاهرة التحرش التي انتشرت بشكل مكثف في الأونة الاخيرة تحتاج إلى أكثر من ذلك، منها انتشار الوعي من خلال وسائل الإعلام، وأهمية رجال الدين والمجتمع من أجل نشر الوعي للشباب بالابتعاد عن التحرش.
وتقول ''عشري'' إن وسيلة الدفاع عن النفس ربما تنجح، لكنها مؤقتة، معتبرة أنه من الأفضل اللجوء للقانون، أو الاتصال بالمجلس القومي للمرأة الذي يوفر خدمات للمساعدة لأي فتاة تتعرض للتحرش.