كتبت - إشراق أحمد
داخل أروقة كلية الحقوق كان مصير "محمد حمادة" طالب الفرقة الأولى بكلية الهندسة، في ذلك اليوم كان يؤدي امتحانين "فيزياء" وميكانيكا"، بقرارة نفسه العودة إلى المنزل حسب تأكيد والدته وفقًا لمكالمته الأخيرة لوالده قبل القبض عليه "هدخل اتوضى وأصلى العصر وأروح"، انتهى الطالب في الواحدة مازالت أثار الاشتباك متواجدة، هرولة الجميع اضطرته للدخول إلى الجامعة "وقتها اتصلنا به نطمن عمل إيه في الامتحان"، طمأنهم الابن لكن انقطع الاتصال بعدها حتى السابعة مساءًا "عسكري محمد أداله الرقم اتصل بينا وقال لنا إنه في قسم الجيزة" حسبما قالت والدته.
"كوفية فلسطينية" كثيرة التواجد مع الشاب داخل حقيبة ظهره كانت حرز ضد التهم الموجهة له كحال رفاقه، رغم معارضة الشاب للأحداث واعتقال بعض زملاءه من قبل إلا أنه لم يكن متوجهًا ذلك اليوم للتظاهر، فما كان يضيع سنة دراسية وهو متفوق في المواد التي أدى امتحانها حسبما أكدت والدته "جاب في التلات مواد اللي امتحنهم امتياز وجيد جدًا ونص مادة مقبول" .
أيام قبل القبض على الابن الأوسط لعائلة "حمادة" خرج الوالد من المستشفى جراء عملية بالقلب بينما الأم تجرى علاج كيماوي لإصابتها بالسرطان، لم يعني السيدة ألم المرض بقدر رؤية ابنها معافى "أهم حاجة أعرف ضربوه ولا لأ"، موعد تلقى العلاج الأحد والأربعاء أيام وافقت زيارة الأم لابنها، مسافة تقدرها بـ2 كيلو متر حتى الوصول إلى حجرة الزيارات التي يسبقها استقلال عربة الترحيلات "من الأسبوع لأسبوع بدعي يارب قويني اعرف اعمل الحاجة اللي بيحبها المرة دي" باكية تتضرع الأم وكذلك كلما لاقت ولدها، بينما يتولى تهدئتها كي لا تبكي، وكلما اشتد الأمر أحضرت الخطاب الذي أعطاه لها الذي استهلها بسورة الفتح.
"شوفت حاجات عمري ما شوفتها" قالتها الأم محاولة تمالك نفسها متذكرة تلك المرة اعترضت على طريقة تفتيش الطعام "قلت له عشان مايبهدلش الأكل" فما كان منه فرد الأمن إلا رفع السلاح بوجهها حسبما أكدت "أمل فوزي"، وما تعرضت له يوم التاسع من مارس العروف بالاعتداء على الأهالي حينما صرخت وقت أن رأت ضرب مجموعة من الشباب "حرام عليكم هيحصل إيه أكتر من كده"، فإذا بأحد الضباط حسب قولها أشار لها بالسلاح موجهًا السباب لها وزوجها مؤكدة أن ذلك اليوم حدثت الواقعة بعد هتاف أحد الشباب من أصدقاء الطلاب.
"تدفع أكتر تقعد أكتر" محاولة اجترار الابتسامة قالت الوالدة أن ذلك الاسلوب المتبع منذ احتجاز الأبناء فإذا أراد الأهل مد فترة لقاء الابن أعطوا أحد أفراد الأمن ما لا يقل عن عشرة جنيهات وكلما زاد الثمن طالت المدة ومع رفض الأب تلك الطريقة غير أن الأم أبتها على مضض "أنا كأم كنت عايزة أدفع".