يصحبكم فيها – محمد طعيمة:
المكان: غرفة 404 بأحد فنادق مدينة أسوان المطلة على النيل
الزمان: الساعة الرابعة عصراً
(يرن جرس هاتف الغرفة)
- أستاذ محمد... الجماعة منتظرينك والأتوبيس هيتحرك فوراً
- طب ثواني وهنزل
وانطلق الأتوبيس إلى مرسى المراكب النيلية.. فاليوم هو موعد الرحلة الترفيهية إلى قرية ''غرب سيل'' إحدى قرى النوبة القديمة، والتي طالما حلمت بزيارتها ومقابلة أهلها التي طالما سمعنا عنهم حكايات.
تحرك المركب بعدما جلسنا على جوانبه وانطلق قائده يطالبنا بالجلوس على كافة الأطراف كي تتوازن المركب ولا تميل لأحد الجوانب، انسرقت من الجميع وبدون أن يراني ''المراكبي'' وصعدت إلى سطح المركب أرقب المشهد البديع.. نهر النيل الذي يخترق الرمال ليعلن عن نفسه وقدرته.
عشرون دقيقة من السير وسط الطبيعة الخلابة التي تجعلك تنسى الدنيا وما فيها.. تجعلك تعيش في كوكب آخر خاصة مع صوت أغنية موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب الشهيرة ''النهر الخالد'' وذلك قبل أن يستيقظ من أحلامك على صوت ''المراكبي'' العالي:
- الأستاذ اللي فوق.. ياتنزل يا تمسك نفسك عشان أحنا داخلين على منطقة شلالات
وضحكت لأنني ظننت أنني ضحكت على ''المراكبي'' وصعدت إلى سطح المركب دون أن يلحظني.. المهم جلست على مقدمة المركب ومددت رجلي بين الصاري الصغير الذي وضع عليه ''علم مصر'' وأخذت ألحظ ''الشلال'' ووجدت المركب يتحرك ناحية الشمال ومنه إلى اليمين في حركة أشبه بالدوامه.. وظللنا على ذلك الوضع قرابة الدقيقتين قبل أن تعود المركب إلى وضعها الطبيعي.
سبع دقائق من منطقة الشلال وبدأت تظهر منازل أهل النوبة القديمة.. نعم المنازل القديمة ذات الدور الواحد أو الدورين على الأكثر.. منازل تفوح منها رائحة الحياة وتلونت بألوان مبهجة ما بين الأحمر والأخضر والأزرق.. وبدأت الصورة تظهر أكثر باقتراب المركب للشاطئ.
وتوقف المركب على المرسى.. ونزلنا وصعدنا السلم وفي وجهك يقابلك منزل كتب على جدرانه ''أونتي كا''
- يعني أيه ''أونتي كا'' اللي مكتوبة دي
- دي كلمة نوبية معناها ''بيت القمر''
ودخلنا ''الأونتي كا'' وفوجئنا بمنزل على الطراز النوبي، حيث القبة العالية المرتفعة والتي تجعلك تعيش في جو معتدل لا تحتاج فيه إلى مراوح أو أجهزة تكييف.
- تشربوا شاي عادي ولا نوبي
هكذا جاء صوت ''ثريا'' السيدة النوبية التي اصطحبتنا إلى هنا لنرى بيوت النوبة وتعرفنا على طباع أهلها وعاداتهم، ووجدنا أهالي القرية يتخطفونا كلاً منهم يريد أن ندخل بيته ونشرب الشاي معه.
-شفت يا أستاذ.. أهو رغم الجمال اللي انت شايفه ده، والكرم بتاع الناس دي إلا أن حالهم وقف لأن مفيش سياحة والأجانب بطلوا ييجوا هنا... تشرب شاي!!