كتبت– دعاء الفولي:
''الحياة الآمنة حق لكل إنسان. وتلتزم الدولة بتوفير الأمن والطمأنينة لمواطنيها، ولكل مقيم على أراضيها''، تلك كانت المادة 59 من الدستور المصري المُستفتى عليه 2013، المواطنون الذين ذهبوا للاستفتاء، كان هدفهم الأول ''الأمن''، جملة ''عايزين الأمن والاستقرار يرجعوا'' سيطرت على العقول، ومعها رغبة في عودة الحياة الطبيعية ببعض المرافق المغلقة، كمحطة مترو السادات، أو التي تم فتحها فيما بعد كالسكك الحديدية، أو حركة الشارع حول الأقسام والمديريات والتي تأثرت نتيجة لتأمين محيط تلك المباني، ودوما ما يأتي الرد ''قرار سيادي''.
مرت سبعة أشهر منذ إغلاق محطة مترو السادات في 14 أغسطس، تلتها محطة الجيزة، لم تتضح خلالها أسباب معينة للإغلاق، سوى أن الحالة الأمنية تمنع إعادة الفتح، وأن إعادة التشغيل خاصة بجهات سيادية، و''الأمن القومي''، وليس من اختصاص الهيئة العامة لمترو الأنفاق أو وزارة الداخلية إعادة فتح المحطتين، فيما يحارب نصف مليون مواطن للوصول أعمالهم يوميًا عن طريق محطة رمسيس.
''لو عايزين يأمنوا المترو يأمنوه من جوة المحطات'' قالت ''أمنية أحمد''، رغم أن تنقلها داخله من محطة حدائق المعادي حيث تسكن، لا يضطرها الذهاب إلى ''السادات''، لكن ''بنزل رمسيس وبيبقى فيها ضغط''، تعتقد الفتاة العشرينية، أن التوقف ليس أمني بقدر ما هو سياسي ''هما قافلين محطة السادات عشان ينسونا إن كان فيه ميدان التحرير، الموضوع عامل نفسي في النهاية''، ترى أن عملية تأمين المواطنين تبدأ من الشوارع نفسها ''ما يشوفوا البياعين والبلطجية اللي فوق من أول جمال عبد الناصر والإسعاف لحد التحرير''.
مع بداية غلق المحطة عقب فض اعتصام رابعة العدوية ''كنا بنقول يمكن عملوا كدة عشان المظاهرات أو الاعتصام ميتنقلش التحرير''، لكن مع طول المدة، أصبح الوضع غير مفهوم ''أول شهر قولنا ماشي، بس كل ده ليه، أصل اللي عايز يعمل مظاهرة هيتصرف مش هتيجي على محطة المترو اللي هتمنعه''.
لم تسلم حركة قطارات السكة الحديد من توقف مفاجئ عقب فض اعتصامي رابعة والنهضة، ''الأمن'' كان التبرير أيضًا لتوقفها أكثر من شهر ونصف الشهر، أمام ذلك كان على المسافرين التعامل مع الحلول البديلة، كالميكروباصات التي ارتفعت أجرتها لأضعاف الثمن، فبدلًا من حوالي 20 جنيه ثمنًا لتذكرة القطار المتجه إلى سوهاج، و38 جنيه للقطار المكيف، قد يدفع الراكب 100 جنيه للوصول ثمنًا لأجرة الميكروباص.
حول الأقسام والمديريات، سيطر الخوف من وقوع انفجار، خاصة بعد حادثة تفجير مديرية أمن القاهرة، وهناك الكردونات التي تسمح بمرور عدد صغير من السيارات، وتصطحب معها حملات تفتيشية للسيارات المارة درءً لأي شبهة، ولتأمين المنطقة المحيطة.
''سارة حسن''، يدفعها مرورها أمام مديرية أمن الجيزة إلى اتخاذ طرق بديلة أحيانًا، حيث تم إغلاق الطريق المؤدي لها عقب تفجير مديرية أمن القاهرة ''وكنا بنلف من شوارع تانية''، بعد فتح الطريق، لجأت السلطات إلى وضع حواجز خرسانية على الشارع الرئيسي، لمنع اقتراب السيارات، مما اقتطع من مساحة الطريق العام ''مش مهم العطلة بس في الآخر ده أمان للناس اللي حوالين القسم مش القسم فقط''.
أشياء أخرى كان توقفها مرتبطًا بالأمن، كالموسم الدراسي الثاني، رغم أن ''محمود أبو النصر'' وزير التربية والتعليم، لم يذكر الكلمة أثناء تأجيله إياها مرتين، إلا أنه مع عودة الموسم الدراسي، كثفت وزارة الداخلية استعدادتها بجانب المدارس والجامعات، خاصة مع تحذير جهات سيادية لوزير التعليم باحتمالية وجود عمليات إرهابية، تستهدف المنشآت التعليمية، لكن الوزير رفض التأجيل للمرة الثالثة، مؤكدًا أنه تم التنسيق مع الداخلية والقوات المسلحة لتأمين المدارس.
يقول اللواء ''طلعت أبو مسلم''، الخبير الاستراتيجي، إن الحل الأمني الذي تتخذه الدولة بإيقاف وسيلة معينة ليس الأسهل كما يظن البعض ''بل يكون هو الحل الأخير المتوفر أمامها''، لكنها تلجأ له على كل حال لمنع المغامرة بحياة المواطنين ''إغلاق محطة السادات مثلًا أفضل من فتحها وتحمل العقبات التي قد تكون وخيمة''، مؤكدًا أن كل خطوة تتخذها الدولة في النهاية متعلقة بالأمن لها مزايا وعيوب.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا