كتب- محمد منصور:
الذوبان المستمر لطبقات الجليد، كابوس يخيم على البشرية؛ فالارتفاع المطرد لدرجات الحرارة سيتسبب في كوارث شتي، منها احتمالية إغراق مناطق شاسعة في كوكب الأرض، الأمر الذي سيؤدي إلى الترحيل الجبري لملايين البشر، غير أن تلك الكارثة غير ذات أهمية إذا قورنت بما كشف عنه العلماء قبل يومين، فالاجترار الأرضي قد يسبب وباءً لن ينجو منه إنسان ولا حيوان.
''فيروس في جليد سيبريا يصيب الكائنات الحية وحيدة الخلية ولا يشبه أي مسببات للأمراض المعروفة لدي البشر'' اكتشاف جديد لفريق بحثي تابع لجامعة ''إيكس مرسيليا'' الفرنسية، يثير احتمال مخيف، فدفء المناخ والتوسع في مناطق لم يمسها البشر منذ فترات طويلة قد يُفرج عن فيروسات قديمة ''نائمة'' في الجليد منذ آلاف السنوات.
لفهم طبيعة الكائن، قام ''جان ميشيل كلافري'' الباحث في علوم الأحياء بجامعة ''إيكس مرسيليا'' بإعادة أحياءه بعد أن ظل في الجليد لفترة تجاوزت 30 ألف عامً ليجد أن خصائص ذلك الكائن ''غريبة''، فالفيروس ''كبير مثل البكتيريا'' ولكنه ''يفتقر للآلية الخلوية المميزة لتلك الكائنات الدقيقة'' ويرجح الباحث أن ذلك الكائن تطور من ''الطفيليات وحيدة الخلية''.
في مطاردة محمومة بين الباحثين والفيروسات، يداوم العلماء على أخذ عينات مختلفة من الجليد الدائم الروسي منذ عام 2000 وحتى الآن، آملين أن يجدوا مجموعات مختلفة من الكائنات الدقيقة التي يمكنها مساعدتهم في فهم أصول البكتيريا والفيروسات، حتى عثروا على ذلك الكائن الأسطوري الذي ربما يكون قد سبب أعراضً مرضية للإنسان القديم.
قبل 28 ألف عامً عاش إنسان ''النياندرتال'' بجانب البشر في سهول منطقة سيبيريا، شمال روسيا، ومن المؤكد أن العديد من الأمراض الفيروسية قد أصابته، على حد تعبير ''كلافري''، الذي يؤكد أن عملية إعادة إحياء الفيروس تمت بوسيلة ''صناعية'' غير أن الفيروسات المخبئة داخل الكتل الجليدية ''قد تعود بشراسة حال توافر الظروف'' التي يقر الباحث بتوافر معظمها ''شركات النفط والتعدين في كل مكان وتنقل معداتها من سيبيريا إلى باقي أنحاء العالم، درجات الحرارة ترتفع، الجليد يذوب ويصب في الأنهار والبحار، تلك الفيروسات قابلة للحياة.. ستحدث الكارثة إذا تمكنت من العودة''.
على النقيض، يهون الدكتور ''كورتيس ساتل'' عالم الفيروسات البحرية بجامعة كولومبيا البريطانية في كندا من الأمر، فالرجل الذي لم يشارك في الدراسة يؤكد أن ''ملايين الفيروسات تنهال علينا كل يوم ونحن نمضي في حياتنا اليومية''، مشيرًا إلى أن الإنسان أثناء السباحة ''يبتلع مليارات الفيروسات ولا يحدث شيء''، ومؤكدًا أن احتمالية أن تسبب فيروسات قديمة وباءً جديدًا ''ضعيفة'' فتلك الكائنات لن ''تصمد أمام أجهزتنا المناعية''.