كتبت-إشراق أحمد:
على ضعف الأجور يحتجون، للمهانة رافضون، مع ذويهم وصحبتهم يتضامنون، بالحرية يطالبون، الصرخة دوائهم، تدوي في الأفق فتعود كما خرجت، لا يجدون غير ''التصعيد'' بديلاً وحماية في الوقت ذاته، يلجأوا لوسيلتهم الأثيرة ''سلسلة حديد'' تطوق مكانهم، في وجه الأمن، ومَن يؤثر به الغلق يضعونها.
من العمال، إلى الطلبة، الأطباء، والموظفين، فئات مختلفة لا يربطهم سوى مطالب من أجلها قرروا ''الإضراب''، بعض المشاركين لم يكتف بتوقف العمل لكن إظهار ''لهجة'' لاحتجاجهم لعلها تجدي بالتعجيل في سماع صوتهم، تتقدم الأيدي بـ''سلسلة'' حديدية وقُفل، تغلق أبواب مكان العمل، يقفون خلفه أو خارجه، فالمهم أنهم اليوم مَن يمتلكون زمام الأمور، تعاقبت الحكومات والمطالب ثابتة يقابلها تلك ''السلسلة'' لا تنفك إلا بالتفاوض.
العمال .. السلاسل للتأمين
ثلاثة إضرابات شارك بها ''إبراهيم عثمان'' –عامل غزل ونسيج بالمحلة- بشكل فعلي، اقتصر دوره خلالها بمتابعة أقرانه ودعمهم، الأجور وإهدار الحق بتحويل المصنع لقطاع خاص، ورفض ''معاملة العبيد'' حسبما وصف، كانت مطالب ''عثمان'' منذ 2010- 2011، بعدد مرات احتجاجه، يبدأ الأمر بالحديث مع صاحب العمل ثم التصعيد، هتاف، يليه توقف للآلات إعلانًا لبدء الإضراب، وعادة ما يصل لاعتصام داخل الشركة.
''التأمين'' هو ما كان يدفع عمال ''غزل المحلة'' ومن بينهم الرجل الأربعيني لغلق الأبواب الخارجية للشركة وقت الإضراب ''لما نحس بالخطر سواء بتدخل الأمن أو إن صاحب الشركة هيبعت بلطجية''، فضرر فتح الأبواب أكثر من إيصادها ''لما يبقى مفتوح مافيش مانع يحرقوا المصنع ويلبسوها في العمال''، وخير وسيلة في تلك الحالة هي ''السلسلة''، وكذلك إذا ما رفضت الجهة الأمنية استلام الشركة، فإن لم تفعل كان العمال حراسها حتى الوصول لاتفاق مع مسؤولي الشركة.
أزمات عديدة يواجهها المضربون يحكي عن إحداها ''حمدي حسين'' أحد القيادات العمالية الذي شهد العديد من الإضرابات في منتصف سبعينات القرن الماضي من أجل ''الإصلاح الوظيفي''، حين استشعر الخطر مع بعض العمال بأحد مصانع العاشر من رمضان، خلال اعتصامهم فجاءهم نبأ أن ''البدو هيهجموا عليهم''.
حسبما قال ، معتبرا أن أسوأ ما في الإضراب كان لحظة اعتقال منظميه. 13 مرة تم احتجاز بها القيادي العمالي ''حسين''، لكنها لا تنتهي إلا بتحقيق بعض مطالبها، لتعاود بزوغها مرة أخرى بمطلب لم يتحقق يضاف له آخرين أوجدهم التوقيت وبطيء التحرك وتفادي الأزمات.
الطلاب.. ''عشان يسمعونا''
23 نوفمبر 2013 تاريخ تتذكره ''أسماء المشد'' طالبة جامعة الأزهر، اليوم الذي أغلق فيه الطلاب جميع بوابات الجامعة، الاحتجاجات التي اندلعت مع بدء الدراسة من أجل ''الإفراج عن الزملاء المعتقلين''، تصاعدت وتيرتها ذلك اليوم، رغم قيام طالبات ''الدراسات الإنسانية'' بغلق الباب الخارجي لها من قبل، الساعات تلك كانت الأعنف، أعقبها دخول قوات الأمن حرم الجامعة.
صامتون بدأوا الإضراب على حد قول الفتاة، ثم الهتاف، يتبعه قطع الطريق وأخيرًا إيصاد الأبواب بالسلاسل الحديدية، فالهدف ''يسمعونا أيا كان التصرف إيه''.
قبل توافد أمن الجامعة والموظفين يقبل الطلاب المنظمين للإضراب على أبواب الجامعة ومن ثم إغلاقها، هكذا حدث ذاك اليوم، السابعة صباحًا غُلقت البوابات، ما هدف الإقدام على تلك الفعلة سوى التصعيد، فالإضراب ما هو سوى لغة ''اسمعونا بس بصوت عالي في ظل غياب من يسمعنا'' حسبما قالت ''المشد''، رغم تأثير ذلك في إحداث'' عجز في اليوم الدراسي والإدارة وبالتالي غصب عنهم بيسمعونا''، لكن في المقابل ''إستدعاء بلطجية وأمن البوابات لضرب البنات واعتقالهم وبالتالى يحصل مجالس تأديب وبالتالي البنات تثور كتير تاني يوم''.
الأطباء.. وجودها أو عدمه ''مش فارق''
من أجل منظومة صحية محترمة ترعى المريض والطبيب، استجابت ''رغدة حسن'' طبيبة الأطفال بمستشفى المنيرة للإضراب الذي دعت له نقابة الأطباء، وقوف الأطباء على بوابة العيادات الخارجية يتحدثون للمرضى الوافدين، يهدأون من غضبهم بتعريفهم عن هدف ما يقومون به، ما رأته ''حسن'' على مدار شهرين منذ إعلان التوقف عن العمل يومين من كل أسبوع، صاحبه غلق للباب المؤدي لشباك قطع التذاكر لمنع المترددين.
''مش فارق عادي كده كده مافيش شغل'' لا تجد طبيبة الأطفال في ذلك الفعل شيء مختلف، خاصة أن هذه المرة الثانية التي تشارك بالإضراب وتجد النتيجة ''ضعيفة'' في ظل حكومات لا تدعو سوى للحوافز وليس تنفيذ مطالب الأطباء في الحصول على ''كادر''.
المشكلة.. رد فعل مقابل عدم تنفيذ المطالب
''عندنا مشكلة أزلية في مصر لم تنتهي بعد الثورة في معرفة طبيعة الإضرابات'' قال ''مجدي عبد الفتاح'' باحث في مؤسسة ''البيت العربي'' لحقوق الإنسان، فالدولة والمضربين لديهم مشكلة وكلاهما يوجه الاتهام لبعضه البعض، الحكومة تصدر فكرة أن الأزمة بدأت مع الإضراب رغم أنها في وجود مطالب لم تنفذ، وكذلك المحتجين في فهم أن ذلك واقع الدولة، لكن في النهاية العبء الأكبر على الأخيرة حسبما ذكر ''عبد الفتاح'' الذي وجد أساس لجوء المضربين لتصعيد الموقف ''عشان يتسمع'' بأي طريقة كانت هو ''غياب المعلومات والشفافية، فن التفاوض، وتحديد المعايير''.
''ردود الفعل جزء منها طبيعي'' في ظل عدم استطاعة الحكومة تنفيذ المطالب حسبما يرى ''عبد الفتاح'' مشيرًا أن صعود المطلب الإقتصادي بعد الاستفتاء على الدستور يؤكد ذلك، ويمثله دخول 14 شركة بقطاع النسيج في إضراب بالفترة الأخيرة، وما يقرب من 25% للأطباء، مقابل 40% من طلاب الجامعات قبل توقف الدراسة لعطلة الفصل الدراسي الذين ارتكز إضرابهم على مطلب ''سياسي''.
وأضاف الباحث الحقوقي أنه حينما تصدر الحكومة للجميع المشكلة وأسبابها، قدرات حلها أو الدعوة للمشاركة في الحل، تكون هناك معايير حقيقية للتعاطف أو الرفض، وليس التعامل إما من منطلق أن كل من لديه وجهة نظر مخالفة ''عدو'' أو بطريقة ''المسكن'' التي انتهجتها الحكومات وما ترتب عليها سوى عودة المطالبة بالحقوق ذاتها.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا