كتبت_ دعاء الفولي:
أصبح ذكره أشبه بحلقة مفقودة، يبحث عنه القاصي والداني، يبدؤون بتنبيه رؤساء العمل لاحتياجهم له، ثم يتطور الأمر لإضراب جزئي، فاعتصام، فإضراب كامل عن العمل، بينما يتشدق به السياسيون في عهود مختلفة، استرضاءً للجماهير التي قتلها الانتظار بحثًا عنه، لا يطلبون سوى حد الكفاف أو في لغة الحكومة ''الحد الأدنى للأجور''.
لم تبدأ مشكلة الحد الأدنى منذ قريب، امتدت قبل ثورة يناير، لعلها أحد الأسباب الرئيسية لقيامها، نادى به المواطنون في كلمة ''عدالة اجتماعية'' كشعار أساسي للثورة. أثناء عهد الرئيس المخلوع ''محمد حسني مبارك''، بدأ الأمر بإضراب عمال المحلة عام 2008، مطالبين بتطبيق الحد الأدنى للأجور 1200 جنيه شهريًا، لم تكن تلك المرة الأولى لهم في الاحتجاج، حيث اعترضوا على سياسات الحكومة عام 2006 ثم عام 2007، لكن في إضراب المحلة الشهير 2008، كان المطلب الرئيسي واحد لم يختلف عليه أحد، والذي لم يتوقف العمال حينها عن النداء به حتى جاءهم رئيس الوزراء ''أحمد نظيف'' وتفاوض معهم لتهدئة الوضع.
قال الدكتور ''حمدي عبد العظيم''، أستاذ الاقتصاد، إن تطبيق الحد الأدنى للأجور بصفة عامة فيه عبئًا على الدولة، فمع ازدياد الإضرابات وتراجع الإنتاج يحدث عجز في الموازنة العامة، لا يُمكن التغلب عليه إلا بعودة العمل مرة أخرى.
عقب الثورة انضمت فئات أوسع لعمال المصانع، كانت فيما قبل تطالب بالحد الأدنى، عقب مذبحة بور سعيد في بداية فبراير 2012، كان المجلس الأعلى للقوات المسلحة يتولى شئون البلاد، وحينها أصدرت أكثر من حركة سياسية -وقتها- دعوة لإضراب عام يوم 11 فبراير، لتنفيذ مطالب بعضها سياسي والآخر اجتماعي، لم تخلُ من الحد الأدنى للأجور، وطالبوا بأن يكون 1500 جنيه، بدلًا من 1200، وحد أقصى لا يزيد عن 15 ضعف الحد الأدنى، ورغم أنه لم يلقَ النجاح المنشود؛ فقد انضم للإضراب سائقو هيئة النقل العام والسرفيس والمترو.
بعيدًا عن إضراب ذكرى التنحي، كان عام 2012 مليء باعتصامات لعمال من محافظات مختلفة للسبب نفسه، تركز معظمها في شهري يناير وفبراير بواقع ما يفوق العشر إضرابات على مدار الشهرين، لتستمر وتيرة الاحتجاجات في الأول من مايو الموافق لعيد العمال.
''الحد الأدنى يتم تحديده بمنأى عن الخبرة، بمعنى أنه موجه للمبتدئين في سوق العمل''، قال ''عبد العظيم''، مضيفًا أنه مع زيادة خبرة الموظفين في العمل فذلك الحد يرتفع، بداية من الدرجة السادسة حتى الدرجة الأولى، بجانب الحوافز ''الدولة مكلفة تبحث في أحوال الموظفين خاصة المضربين عن العمل وترفع لهم الأجور''، لكن تظهر أزمة أخرى وهي القطاع الخاص ''وزارة المالية غير معنية بالقطاع الخاص''.
عهد الرئيس المعزول ''محمد مرسي'' لم يكن أفضل كثيرًا، تمنى العمال الحصول على الحد الأدنى، بينما لم تتوقف إضراباتهم، تختلف الفئات والمطالب متقاربة، بين صرف البدل، أو إقالة رئيس الشركة، تبدل الأمر بعد أن تعاملت قوات الشرطة بقوة مع اعتصامات العمال، واختفت كلمة ''الحد الأدنى'' وسط نباح الكلاب البوليسية التي استخدمتها قوات الأمن لفض اعتصام شركة ''أسمنت بورتلاند'' بالإسكندرية، ونتج عنها إصابة العديد من العمال.
ويوضح أستاذ الاقتصاد أن مشاكل الموظفين في القطاع الخاص تتطلب حلول من أصحاب الشركة، بالإضافة لخروج بعض القطاعات الأخرى من مظلة وزارة المالية كهيئات النقل العام ''عندما تستجيب المالية لصرف زيادات للموظفين في قطاع غير تابع لها تفعل ذلك بدافع التهدئة وليس قانونًا''.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا