كتبت- نوريهان سيف الدين:
وجوه تختلط فيها حبات العرق بالرغبة في مقعد يستلقي عليه جسد صاحبه، يستريح من إجهاد المشوار وإرهاق العمل، سيدة تفكر في وجبة غداء تعدها لأسرتها عقب وصولها، وفتاة تفكر في ''طرحة'' ترتديها أو مستحضرات تجميل بأسعار زهيدة، وربما عروس تبحث عن مفرش أو مناشف تجهيزا لبيتها القادم، ولا وقت لديها للذهاب إلى السوق، فترى فرصة قيمة ''جوه المترو''.
السوق يصلِك داخل عربة السيدات
''اللي ما يشتري يتفرج'' عبارة أطلقها ''محمد'' البائع الخمسيني وهو يعرض بضاعة عبارة عن ''مقشرة ثوم''، أمام أبصار السيدات، عدوهم الأول هي ''الكاميرا''، لكنه على أتم استعداد أن يحكي لك قصة حياته، فيبدأ قائلا: ''يعني أنا لو كنت لقيت مكان محترم برة اشتغل فيه كنت هقول لأ ولا أنا غاوي بهدلة ومرمطة على الفاضي؟ أديني بشوف لقمة حلال بدل ما نشحت ولا نسرق''.
تختلس ''كاريمان محمد'' الحاصلة على ليسانس الحقوق من جامعة عين شمس، النظرات إليك، بينما هي منهمكة في توزيع (كاتالوجات) إحدى شركات مستحضرات التجميل العالمية، عارضة عضوية مجانية بها وأهم عروض الشركة الترويجية، يجذبك فيها هندامها وطريقتها في ربطة حجابها ''المترو هتلاقي فيه كل الطبقات، أنت حتى لو عاوز تعمل بحث إجتماعي انزل المترو''، أما عن خطورة الملاحقة الأمنية لها فقالت: ''محدش واخد باله من حد''.
''حلو إن السوق بيجي لحد عندك وأنت قاعد مكانك'' تبدأ بها ''ميرفت محمد'' الموظفة الأربعينية، حديثها موضحة ميزات دخول الباعة في المترو قبل أن تعدد بعض العيوب ''الزحمة، الدوشة والمظهر الحضاري''.
الباعة: ''رزق وجايلك.. هتقول للأ؟''
أما أصحاب المشكلة نفسها فيرون أنهم (حلوا المشكلة أصلا)، فبعد سنوات من ملاحقة الشرطة لهم ومصادرة بضائعهم داخل المترو، وتحرير محاضر المخالفات وتوقيع الغرامة، سنحت لهم الفرصة أن يحصلون على أرزاقهم ببال خال.
''محمد الأسواني'' يقول: ''أنا مثلا ببيع كوبايات وحاجات بلاستيك جوه المترو، وقبل كدا كنت ببيع فوط وأكياس غسالة، على حسب الرزق يعني، فوق –ويقصد خارج المترو- هتلاقي 100 مشكلة ورخصة وبلدية ومش هتخلص، إنما هنا المسألة (حنينة وملمومة) ومحدش معقدها زي مانتو فاكرين''.
ويضيف الأسواني: ''أحيانا بتحصل مشاكل وبنلاقي الستات تزعقلنا ويقولوا بنتحرش بيهم''، ويقسم أنه وزمائله من الباعة لا يعرضون أنفسهم لمثل هذه الورطة التي تكاد أن تزج بهم في الحبس والمساءلة قانونية، لكنه يلتمس لهم العذر نظرا للزحام.
أمن المترو: ''دي مسئولية الشرطة''
على كل محطة، يقف مالا يقل عن 20 فرد أمن تابعين لإحدى الشركات الخاصة، أجمعوا في تعليقات مقتضبة نظرا لعدم السماح لهم بالحديث، أن مشكلة الباعة الجائلين وكثرتهم داخل المترو ليست من اختصاصهم الحقيقي، إلا أنهم لا ينفون تدقيقهم في المرور عبر البوابات، والتضييق إذا شكوا في أمر أحد الباعة، لكن هذا الأمر يُـسأل فيه أفراد الشرطة.
وبسؤال شرطة مترو ''رابع'' ومقرها محطة مترو العتبة، قال أمين شرطة يدعى ''وليد'' إن أفراد الشرطة منتشرون بشكل أكبر في محطات الخط الثاني، إنما الخط الأول تكثر الأزمة فيه نظرا لكثرة عدد محطاته، والخط الثالث الجديد لا توجد فيه هذه المخالفة.
ويضيف: ''العساكر منتشرة على رصيف المترو وبتلاحظ إن الركاب اشتكوا، ومهمتهم الأكبر ينزلوا الركاب من عربيات الستات، لكن الشكوى بتيجي من العساكر نفسها، وإن البياعين بيستخبوا وسط الناس، وطبعا صعب توقف قطر وتفتش بين الناس''.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا