كتبت- دعاء الفولي:
البداية كانت مصر، عندما قرر طلاب الجامعات دعوة المصريين إلى الخروج للشوارع لإنهاء الاحتلال البريطاني للبلاد، كان ذلك في العام 1946، ردًا على حادثة كوبري عباس الشهيرة التي وقعت في التاسع من نفس الشهر، حيث خرج الطلاب عابرين كوبري عباس في مظاهرة حاشدة ضد الحكومة البريطانية والمصرية، وبعد الاشتباك بينهم البوليس الإنجليزي، قُتل منهم حوالي 28 واُصيب آخرون، اليوم لازال حيًا في أذهان البعض، خاصة بعدما اختارته الأمم المتحدة يومًا عالميًا للطالب، ليُذكر بأمجاد التلاميذ المصريين، ومع الوقت أصبحت ذكراه أشبه بإعادة إحياء المطالب الطلابية التي لم تُحل بشكل كامل، حتى لأولئك الذين لم يتورطوا في السياسة، والذين لم يُكملوا تعليمهم من الأساس.
لم يستطع ''إبراهيم فاروق'' الطالب بالسنة الأخيرة في المعهد العالي للهندسة، بمدينة 6 أكتوبر، أن يفصل فكرة اليوم عن السياسة، يعتقد أن مطالب الطلاب يمكن حسرها في عودة الثورة للشارع مرة أخرى، واصفًا الحال فيه الآن بـ''الردة الثورية''، لكنه يرى أن الحال سيتغير ''الثورة القادمة هتكون اجتماعية مش سياسية بالدرجة الأولى زي 25 يناير هيقودها العمال''، النضال على الأرض بالنسبة له لا يتوقف على مرتادي الجامعات فقط، لكن ''طلبة الجامعة عليهم دور دعم العمال في احتجاجاتهم الحالية'' فالانتفاضة وقتها لم تكن طلابية فقط، بل ساعدهم العُمال.
''في يوم الطالب العالمي لازم نشوف كام طالب اعتقلوا حتى الآن''، قال ''فاروق''، موضحًا أن العملية التعليمية الجامعية لا يمكن فصلها عن السياسة وإن حاولت الدولة ذلك ''الطالب مش هيعرف يتعلم طول ما هو بيتقتل جوة الجامعة''، أما العملية التعليمية داخل جامعته فلم يراها طالب الهندسة جيدة ''الدراسة معزولة عن العمل تمامًا حتى المهندس ولا الدكتور مبقاش يشتغل بمجاله دلوقتي''.
بعيدًا عن السياسة كان ''كريم محمد''، طالب السنة الثالثة بكلية التجارة، جامعة القاهرة، رغم بعض النقص الذي يلمسه في الدراسة ''مفروض يهتموا بالطلاب عن كدة ويقللوا عددهم''، يعتقد طالب التجارة أنه مع زيادة العدد في المدرجات والذي قد يصل إلى 4 آلاف لا يمكن أن تتم عملية الاستيعاب بشكل صحيح، لا يحب ''محمد'' تشارك آراءه السياسية داخل الكلية ''الجامعة مش مكان للتظاهر ولا البلطجة ولا الخلافات السياسية''، حيث يرى أن السياسة تطغى على سير التعليم.
لم يكن طالب التجارة يعلم أن اليوم مُخصص للطالب، ولا سبب الذكرى ''انا فوجئت لما عرفت''، كذلك كانت ''ياسمين الجميعي''، طالبة الصف الثالث بكلية التجارة، جامعة المنصورة، لا تعترض على المعلومات المُقدمة بقدر كيفية تقديمها ''الدراسة عندنا مفروض تبقى عملية أكتر ومربوطة بسوق العمل''، ترى أن معظم ما تحصل عليه من مواد نظرية لن يفيدها فيما بعد، وذلك عكس ما تخيلته عن الحياة الجامعية ''كنت فاكرة إن الجامعة هي بداية حياتي المستقبلية المهنية''.
البعض لم تحن له فرصة إكمال التعليم، ود لو يفعل، لكن الظروف منعته، الحاجة للمال ثم المرض، كانا سببين لترك ''محمد علي'' ذو التسعة عشر عامًا، تعليمه بالصف الثالث الإعدادي ''قعدت أعيد 3 إعدادي مرتين وبعدين وقفت''، كان الدافع الرئيسي وقتها هو المرض، ف''علي'' الذي يُصاب بنوبة من الإغماءات المتكررة ويحصل على علاج أسبوع قد يتخطى ال100 جنيه، لم يستطع مواكبة العملية التعليمية ''الحالات دي كانت بتجيلي في أي وقت ممكن تجيلي في الشارع كمان''، بدأت تأتيه منذ كان في الثانية عشر ''الدكاترة قالولنا كهرباء زيادة في المخ''.
بعد ترك التعليم لم يكن هناك بُد من تعويض ذلك بالعمل ''أنا تقريبًا بصرف على نفسي وإخواتي''، يعمل مساءًا بأحد المطاعم رغم مرضه، وبعد خروجه من التعليم سنحت له فرصة للالتحاق بمركز التكوين المهني، ليتعلم حرفة النجارة ''وبعدين قلت أدخل محو الأمية''، اتخذ ''علي'' خطوة العودة للتعليم مرة أخرى، وهو الآن في الصف الثالث الإعدادي ''وناوي أكمل إن شاء الله ثانوي وجامعة''، في يوم الطالب العالمى لا يريد سوى أن يُصبح مهندس ''مش عايز من الدولة فلوس ولا حاجة نفسي بس أكمل تعليمي''، يدفع حوالي 150 جنيه شهريًا من راتبه الشهري البالغ 900 جنيه؛ ليسد أموال مجموعات التقوية التي يحصل عليها ''مباخدش دروس عشان فلوسها غالية، وأخدت 3 مواد بس عشان أعرف أدفع حقهم''.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا