كتبت- رنا الجميعي:
تتجول في منطقة وسط البلد، التي تحوّلت إلى سوق كبير، تجد به الملابس، كما تجد به الأدوات المنزلية، تقابل رجلًا يرتب شرائط الفيديو القديمة بالإضافة إلى ''السي دي'' و''الدي ف دي''، لم يكن مجال بيع شرائط الأفلام مجرّد عملًا ينتفع منه ''عادل ميوزيك'' كما يحب أن يلقّب، ولكن كان شغفًا توّلد لديه بعد كثير من التجارب.
هناك أمام مول طلعت حرب، يوجد مكان رزق عم ''عادل''، الحاصل على دبلوم التجارة، لديه بعض شرائط الأفلام والمسرحيات القديمة ''الأبيض والأسود'' منها مسرحية ''أنا فين وانتي فين'' لفؤاد المهندس وفيلم ''سمارة'' لتحية كاريوكا، وبعض الأفلام الملونة لسعاد حسني وعادل امام، يرى الرجل الأربعيني أن هناك بعض الزبائن التي مازال لديها الرغبة في شراء شرائط الفيديو ''فيه ناس عاوزين الفيلم دلوقت مش عاوزين يستنوا التليفزيون، ومش عاوزين يستنوا لما ينزل ع النت'' وأكمل ''فيه ناس لسه عندها لحد دلوقتي فيديو'' موضحًا سبب ميل البعض لشرائط الفيديو ''الفقر بردو، دلوقتي الفيديو تمنه أرخص عن زمان، وفيه ناس لسه محتفظة بالفيديو عندها''.
''الناس لسه بتسأل على الأفلام القديمة'' ... كما قال عم ''عادل'' مفسرًا ذلك ''لأن الفيلم حتى لو بيضحّك، فيه حاجة هادفة، انما دلوقتي الأفلام الجديدة تعبانة، والرسالة في الأفلام دلوقتي ان المواطن يبقى بلطجي''، والشريحة الأكبر التي تأتي إليه، ووجهتها هي شرائط الفيديو، تكون من الأكبر سنًا، للبائع ذو الوجه الأسمر ''زبائن''، لا تأتي إلا للشراء منه ''الناس بتحب المؤدب مش اللي اسلوبه وحش''.
ثلاثون عامًا من عمر بائع الشرائط في مجال بيع الأفلام، تنقّل خلالها لعدة أماكن، من شارع الشواربي إلى منطقة المهندسين، ومن ثم استقر في ميدان طلعت حرب ''هنا بيجي ناس من كل حتة، الشغلانة دي بتحتاج رجل عشان الرزق''، يحكي عم ''عادل'' أن سابقًا كانت الأفلام والأغاني تصدر بطبعات إحداهما أرخص من الأخرى ''كان شريط الكاسيت الشعبي ينزل المحافظات باتنين ونص وكنا نشتريه عشان نبيعه للناس الغلبانة''، ويطالب البائع الآن من الشركات المنتجة طبعات شعبية ليستطيع شرائها الفقير.
حينما يضيق الحال بعم ''عادل'' يضطر إلى أن يبيع بجانب شرائط الأفلام والأسطوانات، ملابس أو عطور ''بتسند الظروف يعني''، أما عن المواسم التي يزدهر فيها الوضع ''وقت الاعياد''.
قبل أن يستقر بائع شرائط الافلام في مجاله، تنقل في وظائف عدة، بعد حصوله على دبلوم التجارة عمل ببنك ''انا بحب التجارة'' إلا أنه لم يثبت بها ''انا اشتغلت كمان سواق تاكسي''، في تلك الفترات التي قضاها عم ''عادل'' متنقلًا بين وظيفة وأخرى ''كنت بجرب، عاوز أعرف انا بحب اشتغل ايه''.
عمل بعدها الرجل الأربعيني بإحدى شركات الموسيقى في وظيفة أشبه بدعاية للمطربين الشباب ''كان وقتها تامر وشيرين كانوا لسه في البداية، وانا كنت اخدهم الجامعة، عشان الناس تعرفهم، وايمان البحر درويش يكون لسة شريطه نازل، فينزل معايا الجامعة عشان يمضي للناس''.
وجد عم ''عادل'' حبه للأفلام ولمجال العمل بها، لذا كانت هي وظيفته التي دامت عمرًا ''انا بحب اتفرج على الافلام، وبحب اسمع أغاني، لاقيت ان دي انسب وظيفة ليا''، لم يترك بائع الشرائط فيلمًا جديدًا إلا وشاهده ''لازم اشوف اللي نازل السوق عشان أشتري منه''، ويرى أن أفلام شركة السبكي ''ليه أفلام حلوة، وميعتبرش فاشل، هو عارف دماغ الناس ازاي'' وأوضح ''ايه يفيد الناس بفيلم مؤثر، ماهي الناس أيامها سودا، الناس عاوزة حاجة خفيفة''.
برغم بيع عم ''عادل'' لشرائط الفيديو إلا أنه امتلك في بيته ''دي في دي'' ''الفيديو خلاص انتهى أمره، حتى لو موجود لسه، بس امكانيات الدي في دي أسرع''، ورث أبناء عم ''عادل'' حب الأفلام منه، ولديه ثلاثة فتيات وثلاث أولاد صغار ''بيحبو الكارتون كلهم'' واستكمل ضاحكا ''بياخدو الأفلام من عندي ببلاش''.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا