كتبت - رنا الجميلي:
مكتبة صغيرة باللون البني، تأخذ ركنًا من شارع ''المبتديان'' التي تطل عليه، ترى من الخارج أرفف الكتب التي يسمح زجاج المكتبة أن تلقي عليها نظرة، ومن الداخل أرفف على اليمين واليسار يعلوها طبقات من التراب، لكتب عن الصحة والجمال، وقصص تاريخية للأطفال بقلم جورجي زيدان، وروايات لكبار الكتاب أمثال خيري شلبي، بهاء طاهر، محمد المنسي قنديل، ورضوى عاشور، بالإضافة إلى كتب لجمال حمدان وجلال أمين ومحمد أبو الغار وغيرهم، وروايات مترجمة لجوزيه ساراماجو وليو تولستوي، ليست مكتبة حديثة أو مجهولة الاسم، إنما هي مكتبة ''دار الهلال''، عمرها يزيد عن المائة عام.
''انا رايحة رحلة طويلة ومباخدش معايا إلا كتب دار الهلال'' بابتسامة تقول إحدى رواد المكتبة للموظف الذي يقوم بحساب قائمة طويلة من الكتب قامت بشرائها .
بحسرة يحكي رئيس المكتبة ''عمر أمين'' عن انحدار مؤسسة كبيرة كدار الهلال، منذ عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك ''زيها زي أي مؤسسة في عهد مبارك''، لم يتوفر بها الآلية التي تحدد مدة رئاسة مجلس الإدارة، لذا استمر ''مكرم محمد أحمد'' برئاستها أكثر من عشر سنوات منذ الثمانينات وحتى أوائل الألفينات ''ودا سببه عدم التطور''، كما لم تحافظ المؤسسة على الكفاءات بها - على حد قوله، وأضاف رئيس المكتبة ''رئيس الادارة بيبقى محصن فبالتالي بيمشيها على كيفه''.
هناك أسباب تنعش أي مؤسسة في رأي ''أمين'' ''الكفاءات والدعم المالي والتطوير''، وهذا ما لم يحدث بالمؤسسة، ومن رؤساء الدار المتعاقبين ''عبد القادر شهيب''، ولكن حاله لم يكن أفضل من سابقه في إدارة المؤسسة ''كان فيه موظفين كبار من أيام مكرم موجودين، وكان عندهم القدرة في التحكم في الادارات، ودا كان خطأ من الرئيس الجديد، انه ميغيرش في النظام القديم''، ومن الإصدارات التي تم اهمالها ''كانت مجلة ميكي بتكسب كتير المؤسسة، لكن توكيلها راح لنهضة مصر، دي كانت خسارة كبيرة على المؤسسة''.
''من حاشية لحاشية يا قلبي لا تحزن''
شبّه حال الرجل الخمسيني المؤسسة ب ''سقوط تيتانيك في القاع''، ولم يكن وضع المؤسسة أفضل بعد الثورة '' جه عبد القادر شهيب بتوصية من مكرم واستمر سنة كمان بعد الثورة، لكن هو كمان مكنش بيطور في المؤسسة''، وباع ''شهيب'' أرض كانت مملوكة للدار ب''تراب الفلوس'' - حسب قول ''أمين''، كما باع الكثير من الكتب ''الكتب اتباعت بالطن، لبائعي كتب الرصيف، عشان كدا لما ييجي المؤلف يلاقي اسمه على الرصيف، طبيعي رفضوا يكملوا مع الدار''، واتحد رئيس المكتبة في ذلك الوقت مع العمال والموظفين لرفض استمرار ''شهيب'' في منصبه ''من كتر مساوئه'' واستدرك رئيس المكتبة ''بس للأسف بنطلع حاشية سيئة بييجي حاشية تانية أسوأ''، لذا قرر أن يقوم بعمله فقط ولا يهتم بأمور أخرى.
أما عن الإدارة الحالية ''دلوقتي موجود الأستاذ غالي محمد، رئيس تحرير مجلة المصور، ومن علاقتي معاه، الراجل عاوز ينتج ويشتغل، بس المهم الناس تساعده''، ومما يراه ''أمين'' مكسبًا للدار ''بدأ يطور في المكتبة وهيهدم الجزء دا و يبنيها تاني بتوسعة أكبر''.
عن الكتب الجديدة التي تصدر من الدار يقول رئيس المكتبة ''فيه كُتّاب شباب بيطبعوا هنا، وهيتم إعادة طبع أعمال كبيرة زي أعمال رفاعة الطهطاوي وطه حسين''، لكن الإقبال اليوم على مكتبة الهلال ليس كالأمس ''دلوقتي الكتاب الكبار راحوا للقطاع الخاص ومبقاش فيه إلا كتاب مش دايمين من وقت للتاني بيطلع ليهم حاجة هنا، نزل كتاب جديد لمحمد البساطي و يوسف القعيد''، برغم ثقل كتب دار الهلال إلا أن هناك الكثير لم يتم إعادة طبعها ''فيه ساحر الصحراء لباولو كويليو ترجمة بهاء طاهر، هو رفض إعادة طبعها، بسبب التعامل السئ للدار، وان الكتب في الآخر بتتباع على الرصيف''.
''دار الهلال بيتي''
بعض القراء لم يعزفوا عن الشراء من دار الهلال، حتى بعد سوء الحال التي وصلت إليه ''فيه لسة ناس بييجوا يشتروا، بس بيبقوا حزانى و يتحسروا على الزمن القديم''، حتى أن والد رئيس المكتبة كان من المشاركين بتطوير الدار ''انا بعتبر نفسي من أبناء الدار'' وأضاف ''طبيعي الواحد بيعتبره بيته وعاوزها تبقى أحسن''، ويأمل ''أمين'' في عهد رئاسة ''غالي محمد'' تطوير المؤسسة و الدعاية لها.
مازال بعض الشباب يقوموا بشراء كتب دار الهلال، وقال ''أحمد محمود''، الطالب بكلية الهندسة، ''انا بشتري من الدار مش عشان كتبها رخيصة لكن لأنها قيمة'' وأضاف ''دي دار الشروق بقت بتطبع كتب كانت مطبوعة زمان في دار الهلال''، ومن مزايا الدار بالنسبة ل''محمود'' ''كتب الهلال بلاقي فيها موضوعات منوعة كتيروتناسب أي قارئ'' واستدرك ''لكن من عيوبها الطباعة وخامة الورق''.
يقتني ''محمد الشوبكي''، الموظف بميناء دمياط، روايات لجميل ابراهيم عطية، ونوال السعداوي، وربيع جابر، لا يتوفر في المدينة لدى ''الشوبكي'' فرع لدار الهلال، لذا ينتهز فرصة معرض الكتاب ليسافر ويشتري من الركن المخصص للدار بها، ويقول ''الشوبكي'' ''انا بشتري كتب الهلال لأن كتبها رخيصة''، واستدرك ''بس بتبقى أرخص عند بياعين الكتب القديمة، فبدل ما اشتري الكتاب بسبعة، بشتريه بجنيه واتنين''.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا