كتبت- دعاء الفولي:
كان الصغير يتسمّع لوالده بينما يقرأ القرآن، أو يُشاهده بينما يخط كتابًا جديدًا بعلم الحديث، كُبر الفتى وكَبُرت معه الفكرة، اهتمامه بعلوم الدين لم يبرحه منذ أودعه الأب بمدرسة الرشاد الإعدادية، حيث قرية المحمودية بالبحيرة، ثم تدرج في التعليم حتى تخرج في كلية دار العلوم، أما مولده فكان في أكتوبر 1906، ''حسن'' هو الاسم و''البنا'' هو اللقب الذي اشتهر به حتى وفاته في 12 فبراير 1949، 43 عامًا عاشها مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، كانت سنوات حياته ثرية بالأحداث، بين كرَ وفرَ مع السلطة، ومحاولات جمَّة لإرساء قواعد الجماعة التي قال عنها ''أكبر جماعة إسلامية عاملة انتشرت فروعها في جميع الأقطار''.
56 عاما مرت على وفاته، لم تهدأ الحكايات عنه بعد الموت، يلاصق اسمه سيرة الجماعة دائمًا، إما بالطيّب أو السيء، يختلف عليه الشباب حتى من أبناء التيار الواحد، قالوا عنه ''مُجدد'' وقالوا أيضًا إنه بدأ شيئًا جيدًا ثم انتهى بطريقة سيئة، اختلفوا عليه كما اختلفوا على الجماعة التي أنشأها، كلٌ حسب اتجاهه.
''أميرة الشاذلي''، تنتمي لتيار الإخوان المسلمين، قالت عنه ''عمل فكرة ونجحت والناس كملت من بعديه''، لكنها تعتقد أن طريقة ''البنا'' في العمل يجب أن تكون رسالة لقيادات الإخوان الحالية، أو القيادات الإسلامية بشكل عام ''لازم الشباب يبقى ليم دور ومساحة أكبر من كدة للعمل''، موضحة أن ''البنا'' رغم صغر سنه انتشرت فكرته بشكل أسرع من اللازم.
''كان شخص بيعرف يتحرك كويس جدًا''، قال ''محمد بلال'' أحد الشباب الاشتراكيين، موضحًا أنه يختلف مع مفهوم ''البنا'' لأشياء كثيرة ''هما بيقولوا إن قبل الجماعة مكنش فيه تيارات إسلامية ودة خطأ''، يفسر ''بلال'' رأيه بأن ذلك الوقت شهد تغيرات موضوعية في العالم الإسلامي كله، وشهد نشأة أكثر من تيار يسعى للتغيير، لكن ذلك لا يُعطي ''البنا'' والجماعة الحق في اختزال مفهوم إنقاذ الإسلام عليهم، تبعًا لكلامه.
''ميلاد سليمان''، يتبع التيار العلماني، كان انطباعه عن مؤسس الجماعة أنه شخص له قراءة مختلفة عن الدين الإسلامي والتفسير، دفعه ذلك للتعامل بمركزية؛ حيث انغلق على حدود الجماعة ''الاسم نفسه فيه استعلاء على المسلمين الباقيين او المناهضين لتفكير الجماعة''، اعترض ''سليمان'' أيضًا على منهج ''العنف'' الذي اتخذه ''البنا'' على حد تعبيره ''بدل من طريقة الحوار اللي كان ممكن يتم اتباعها''.
''محمد عبد الناصر''، أحد شباب اليساريين، يعتقد أن ''البنا'' هو أحد الآباء المؤسسين لتجربة الإسلام السياسي في العالم كله، وليس فقط في مصر، هناك من يبالغون في تقديسه والاحتفاء به، وهم الإخوان المسلمون وأتباعهم، وهناك من يبالغون أيضًا في تصويره بشكل لم يكن عليه في الحقيقة، أما رأيه الشخصي ''أخطأ أولا بتحويل فكرة الدعوة إلى الدين إلى تنظيم هرمي سري يسعى إلى السلطة، مما أدى إلى انتعاش جميع أمراض التنظيمات السرية داخل الإخوان المسلمين، من سيطرة المغرضين وأصحاب النفوس المريضة، وتحول القطاع الأكبر منه إلى مجرد أتباع يكتفون بتلقي التعليمات بالحق وبالباطل ولا يعملون عقولهم في كثير من الأحيان''.
أخطاء أخرى يراها ''عبد الناصر'' في ''البنا''، منها تأسيسه التنظيم الخاص المسلح في الإخوان المسلمين، لأن اختلاط السياسة بالسلاح، هو الشعرة التي إذا انقطعت ذاب الفارق بين السياسي والمجرم، على حد تعبيره.
''ربنا جعله سبب يحافظ على آخر نفس موجود في الأمة الإسلامية''، قالها ''محمد إبراهيم''، أحد شباب الإخوان المسلمين، يرى ''إبراهيم'' أنه بعد سقوط الخلافة بتركيا كانت فكرة ''البنا'' لتأسيس الجماعة بمثابة مُنقذ ''الراجل وضع بذرة وفضلت مستمرة أكثر من 80 سنة بعده''، وقد أضاف ''إبراهيم'' أن التاريخ لم ينصف المؤسس، لأنه أهمل سيرته من الأساس ''اللي اتكتب عنه مجرد روايات من أشخاص مختلفين لكن مفيش سرد تاريخي موضوعي عنه حتى الآن.. لكن اللي عايز يعرف عن البنا هيبحث بشكل واسع''.
وجهة نظر ''محمد عمر'' أحد الشباب اليساريين عن ''البنا'' اختصرها في قوله ''هو من الأسباب الرئيسية للمشاكل اللي احنا فيها وتنظيراته عن الدولة الاسلامية تنظيرات فاشية وسلطوية لو رأت النور، هتنتج دولة مهيمنة ومجتمع مسحوق يتكلم كل أفراده لغة واحدة وفكر واحد''.
أما ''محمد القاضي'' وهو يتبع التيار السلفي، فقد رأى أن ''البنا'' هو أستاذ ومُربّي لم يلتزم الإخوان بمنهجه ''ووصلنا بسبب ما فعلوه إلى وصلنا إليه الآن''.
''بشير عبد الفتاح''، أستاذ العلوم السياسية، قال إن ''البنا'' كان رجل براجماتي، برع في إنشاء علاقات بينه وبين السلطات الحاكمة ''لكنه لم يستطع إقناع الكثيرين بآرائه السياسية''، كما لم يستطع _حسب قوله_ أن يضع خطًا فاصلًا بين الدين والسياسة.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك...اضغط هنا