كتبت- إشراق أحمد:
بلغت القلوب الحناجر في الميدان، أصوات تترد عن الحشد للوصول إلى القصر الجمهوري، 17 يومًا مرت ولابد من تصعيد الموقف، لا بديل عن تحقيق ما من أجله أريقت الدماء على أرض ''التحرير''،.
''الشعب يريد إسقاط النظام'' من أجل ''عيش ..حرية ..عدالة اجتماعية''، تطل الأخبار باجتماع طاريء للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، بالمركز الطبي العالمي للقوات المسلحة يرقد ''سعد الدين الشاذلي'' حدثوه عن ''ثورة الشباب'' تهللت أساريره رغم مرضه، وعن أيدي بعمر أحفاده حملت صورته، مطالبين بعوده حقه بعد تجاهل دام لسنوات.
89عامًا انقضت على حياة الطفل الذي استبشر الوالد الحاج ''محمد الحسيني الشاذلي'' بقدومه في الأول من إبريل 1922، اسماه ''سعد'' ليبارك اسم وتاريخ الزعيم ''سعد زغلول''، الابن الثاني من الزوجة الثانية أيضًا ''تفيدة الجوهري''.
على رويات أبيه عن جده ''الشاذلي'' الذي كان ضابطًا بالجيش وشارك في الثورة العرابية، تربى ''سعد''، تشرب حرب العسكرية منذ نعومة أظافره، الأخ الثالث عشر كان في بيت الشاذلية بقرية شبراتنا مركز بسيون محافظة الغربية، لم يقبل إلا بالالتحاق بالكلية الحربية، ليتخرج الملازم في سلاح المشاة.
لم يعلم ''سعد الدين محمد الحسيني الشاذلي'' أكانت العسكرية تسعى إليه أم هو من ينجذب إليها، لم يغادرها حتى في زواجه، فكانت ابنة مدير الكلية الحربية في الثلاثينيات كريمته، ''زينات محمد متولي السحيمي''، وبالعقار ذاته كان جارًا لجمال عبد الناصر في منطقة العباسية قبل ثورة 23 يناير 1952.
عن ذكاءه العسكري وحنكته الاستراتيجية تحدثت أفعاله منذ حرب فلسطين، واختتمتها حرب السادس من أكتوبر، وعن مواقفه الرافضة إلا التواجد بالقوات المسلحة منذ رفض العمل بجهاز المخابرات في عهد ''جمال عبد الناصر''، وتولي منصب السفير في لندن، فأثر البقاء بمنزله على قبول المهة التي أرادها له ''أنور السادات'' بديلًا عن ترك منصبه كرئيس أركان حرب للقوات المسلحة الذي تولاه منذ 16مايو 1971، أُرغم على المنصب كما الابتعاد، لم يلق عودته بعد 14عامًا قضاها بالجزائر سوى القبض عليه لحظة وصوله للمطار بدعوى نشر كتاب دون إذن القوات المسلحة.
أكثر من 38 عامًا، لم تهدأ ثورته، رفض الهزيمة كما رفض وضع الرأس في الرمال كالنعام، لم يركن إلى الاكتفاء بتحقيق النصر، المغالاة بإقامة الاحتفالات، فدراسة الخطأ مهما قل شأنه هو احتفال بالنسبة له، تفويت الفرصة على العدو ولو بعد حين شغله الأعظم، فرغم النصر يستشيط غضبًا من أخطاء ''ثغرة الدفرسوار''، تناسى منصبه كرئيس أركان حرب القوات المسلحة بالحرب، ليكن أول مَن يفتح ملف دراسة أخطاء حرب أكتوبر'''' أخشى ما أخشاه لو دخلنا حرب أخرى وهذه الحقائق لم تعرف للقادة والجنود والشعب أن تتكرر هذه الأخطاء ''.
''ليس التكريم هو أن أُمنح وساماً في الخفاء ولكن التكريم هو أن يعلم الشعب بالدور الذي قمت به. وسوف يأتي هذا اليوم ''، هكذا أراد، وارتسخ يقينه رغم سنوات من التجاهل، لم يتلق بها جزاءًا ولا شكورًا، منذ ترك القوات المسلحة في13 ديمسبر 1973 في ذكرى زواجه.
قبل يوم من تحقيق أولى خطوات ثورة اشتعلت بالنفوس، قبل أن تأخذ من اسم الميدان طابع لها، ''التحرير'' كان عنوان ذلك اليوم العاشر من فبراير 2011، بلغه القائد العسكري الثمانيني قبل أن تطمئن القلوب لمبلغها، فارقت روح الفريق''الشاذلي'' مرقدها، لم تشهد لحظة ''تنحي'''' نظام استمر في تعمد تجاهل اسمه في التاريخ، وصل لمحو صورته من بين عمليات التخطيط لحرب أكتوبر، التي يرجع له الفضل بها بالخطة المسماة ''المآذن العالية''.
بعد أسبوعين من وفاته وبدء عهد جديد في ''حضرة'' الثورة أعاد المجلس الأعلى للقوات المسلحة نجمة سيناء لأسرة الفريق، في الوقت الذي تم منع ''مبارك'' وأسرته من السفر، سعيًا لإيداعه السجن، انقضت ذكرى رحيله الثانية، وخلف القضبان انتظر كثير من الشعب المصري رؤية ''مبارك''، توالت الأحداث لم يغب مشهد تسلم الزوجة ''زينات الشاذلي'' لقلادة النيل بعد تولي أول رئيس منتخب ''محمد مرسي''.
تأتي الذكرى الثالثة ورفع لواء ''العسكرية'' ومجد الجيش يؤثر نفوس الكثير لضمان الأمن والأمان، ليبق شعار الثورة الذي عبر عنه ''الشاذلي'' وحمله جدار ''محمد محمود''...''المجد للمجهولين''.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك...اضغط هنا