كتبت- إشراق أحمد ويسرا سلامة:
كل منهم له لغته، ليس في الحديث، لكن التعبير عن ما يريده، تحدثه نفسه بشيء مختلف، يسعي إلى بعضهم الخوف بدايًة، وآخرين يهرولون نحو الخوف غير عابئين، لإخباره أنهم الأقوى، مَن يتكأ على عكاز أو اثنين، مَن يدفع كرسيه المتحرك، تمتد له بعض الأيدي للمساعدة عند الحاجة، مَن طال صمته وعند الحديث تسبقه إشارات يديه وهمهمات صوتية، مَن أغلق عينيه لكن بصيرته ترى، ومرشده كذلك، في طريق واحد يسيرون، يتضاحكون، تعرقلهم الصخور، يشد أزر بعضهم البعض، يتحمس رغم القدرات المتفاوتة في ظاهرها، الخادعة في باطنها، الجميع ذهاب ل''تحدي الجبل'' الماثل أمام العيون، والقابع في النفوس.
في محمية ''وادي دجلة'' بمنطقة المعادي، حيث الجبال الصخرية هي كل ما يتواجد على امتداد البصر، يختلط لونها الأصفر مع زرقة السماء، هنا اختار مجموعة من الشباب المؤمن بدورهم في تحفيز غيرهم للخير فكان شعارهم ''''فارس الخير.. محفز للغير''، متخذين من كلمة ''الفرسان'' اسم لفريقهم، أن يقيموا الفاعلية ذاتها للمرة الرابعة، بمعدل مرة كل عام، قرروا استكمال توعية المجتمع نحو قضايا ذوي ''القدرات الخاصة'' كما يصفوهم لكن بطريقتهم، صعود إحدى جبال المحمية، متحدى الإعاقة الجسدية بجانب المعافين من المتطوعين.
في البدء تكون ''صيحة حماس''
الحادية عشر إلا الربع صباح الجمعة، الجميع أمام بوابة الدخول، تتعالى صيحات المنظمين، وتلوح الرايات، يقف ستة أشخاص بين أرجاء مختلفة قريبة من بعضها حاملين الرايات، كل منها تضمن حرف لتكون جميعها كلمة ''فرسان'' بحروف اللغة الإنجليزية.
يتجول أصحاب القمصان الزرقاء بين الأعداد التي ترجلت عن السيارات مراجعين للأسماء بالكشوف، مطالبين الالتزام مجموعة الفريق، 400 مشارك مقسم على ست فرق ، يتضمن كل منها مجموعة من ذوي الاحتياجات الخاصة، من مكفوفين، صم وبكم، ذوي الإعاقة الجسدية في الحركة، تجمع الفرق بينهم، يعبر كل فريق بوابة الدخول خلف الراية الخاصة به، لتبدأ رحلة السير إلى الجبل المحدد صعوده.
قبل بلوغ منتصف الطريق يحين الموعد لتفرق الجمع، بين طريق سهل وآخر صعب، أما الأول صعود ارتفاع 40 متر والثاني صعود الجبل ذي ارتفاع 60 متر، ينصرف أصحاب المقاعد المتحركة ومَن يجد في الوجهة الثانية مشقة إلى طريقهم، بينما يستكمل الآخرون نحو الجبل.
بيديه يعافر ''محمد عبد البني'' لتحريك عجلتي المقعد، فالصخور الصغيرة تعيقها إلى حد كبير، يساعده البعض بالدفع، لا يمانع الرجل الثلاثيني الشهير بـ'' محمد صداع''، يحتفظ بابتسامته ومزاحه طوال الطريق، ينفض يديه من التراب جراء الدفع في الرمال والحصى، ينظر لملابسه التي شابتها الأتربة، ويضحك لتذكر زوجته التي ستعنفه لاتساخها، يغادر للوجهة التي يمكنه فيها السير بمقعده خلف راية الفريق ''n'' مودعًا الرفاق حتى اللقاء بالأعلى.
نسمة هواء باردة تتخلل سطوع الشمس الحاد على الوجوه، البعض احتمى بقبعة، وأخرين بما ارتدوا من ''جاكت'' أو وشاح، على الشفاه ابتسامة لا تغادرها، صدى أصوات السائرين تؤنس الهدوء الموحش الذي باتت فيه الجبال قبل مجيئهم، لا يتوقف إلقاء النكات، البعض يسير ثنائيات والآخرين في مجموعة، يعلو نداء المنظم ''طارق'' قائد فريق ''o'' الذي تواجد به المكفوفين ليسرع الجميع من خطوته، شأنه كجميع القائدين.
ثمان ساعات بين الجبال يقضيها المشاركون بين الجبال، يضفون دفء التواصل على الطبيعة الصحراوية المقفرة، وهو الهدف المطلوب ''دمج المعاقين والأسوياء مع بعض فى المجتمع، وأن كل واحد يطلع من الحدث بشيء إيجابي عن نفسه وعن الآخرين'' حسبما قال ''هشام مجدي'' قائد فريق ''الفرسان''.
تقارب الساعة على الظهيرة وصل مجموعة وهموا بالصعود والبقية الأكثر لازالت بالطريق، يقود ''طارق'' وصلة من الحماس للفريق بغناء كلمات تحمل لحن على طريقة ''الأولتراس''، يصفق البعض ويتبادل آخرون المزاح فيما بينهم، على الظهور ليس فقط الحقائب التي غلب ارتدائها بين المشاركين، لكن أوراق بيضاء كتب عليها ''هنا المحروسة'' لتنشيط السياحة المصرية، فهو أحد المبادرات المشاركة في هذا اليوم.
ورغم أنها المرة الثانية لـ''معتز زكريا'' في المشاركة، إلا أن مؤسس فريق ''هٌنا المحروسة'' وجد إقبال أكثر يصاحب الحضور هذ العام، الذي شارك به ''زكريا'' وعشرون شخصاً من أعضاء الفريق من أجل حث أفراد التحدي على صعود الجبل.
وبين العشرات من ''سرب'' السائرين، اختلافها يتجلى، شعرها المنسدل، عيونها الضيقة، تحدثها بالعربية ''المتكسرة'' بين الفصحى وكلمات بسيطة من العامية، ''فيروز خالد'' وفدت من الصين منذ عامين ونصف، وللمرة الثانية تحرص على صعود الجبل، تتوقف مع البعض لتكتب اسمها على صخرة بمنتصف الطريق بعد صياح أحدهم ''كله يكتب اسمه هنا بقى للذكرى''، كانت آخر مَن استجاب للرحيل عنها بعد أن أخبرهم أحد المنظمين ''ممنوع''.
''حلو كل إنسان يعمل خير.. كل الناس في واحد مستوى مفيش اختلافات'' انطباع الفتاة الصينية عن التجربة بالعام الماضي دفعها للمشاركة بصحبة زملائها مرة أخرى بحماس أكبر خاصة مع تزايد عدد المشاركين الذي لاحظته هذا العام.
دقت ساعة الصعود
بعد نصف ساعة من السير تصل المجموعة ''o'' إلى الجبل المحدد صعوده، حبل مجدول بالأعلى في سيارة ''جيب'' مُرخى للأسفل، بعض الشباب المنظم والمتطوع على جانبيه، يتوقف الجمع، يطالب أحدهم ''نأخذ صورة قبل ما نطلع'' يبتسم الجميع لالتقاط الصورة، بينما يهم آخر بالصياح ''كلنا نساعد بعض'' يبادر آخرون بالغناء ''طلعت يا محلا يا نورها شمس الشموسة...''.
قبل الجميع، سبق ''محمد عبد الحليم''، لا ينتظر مساعدة للصعود أول صخرة قبل مواجهة الجبل، متكئًا على عكازيه، يخترق الصفوف، حماسه يدفعه، لا يهاب شيئًا، لا يتوقف عن إلقاء الدعابات ''على فكرة البلد دي محتاجة تنظيم كتير المفروض الحبل كده وأسانسير الناحية التانية''، لا يبالى لكلمات صديقه ''أحمد سمير'' بأن ينتظر لكيلا يصعد وحيدًا.
يعدل عكازيه نافيًا حاجته لذلك الحبل، ''لازم الواحد يستغل إمكانياته'' هكذا يؤمن ''عبد الحليم''، وبها فعل، كأحد متسلقي الجبال كان، يغرز عكازيه بفتات الصخور والرمال متقدمًا لأعلى، يعاونه جسده الخفيف، وقواه التي استمدها من لعبه لرفع الأثقال لسنوات عديدة.
''عبد الحليم'' يعشق التحدي، لا يؤمن بالفشل طالما أن به نفس يدفعه للتجربة، فبهذا هزم الأمية باستكمال التعليم حتى الثانوية العامة، ورغم عزفه عن الالتحاق بالجامعة وإن كان باستطاعته ذلك لأن ''التعليم فيها قايم على التحفيظ''، لكنه لم يتوقف عن التعليم حتى أصبح بمقدرته إنشاء المواقع والصفحات على الإنترنت.
بزي أحمر، وحقائب ظهر تحمل شعار الهلال الشهير، تحركت مجموعة من متطوعي ''الهلال الأحمر'' جوار الفرق، بين أربعة شباب، فتاة ذات غطاء رأس أبيض، ''بسنت حسني'' أحد المتطوعين، كل ما تتمناه قبل صعود الجبل ''مايبقاش في أي إصابات''.
تتصاعد الأنفاس صعودًا وهبوطًا، يشتد تثبت الأيدي بالحبل كلما زاد الارتفاع، لازالت الابتسامة على الوجوه، وحاملين حلوى ''غزل البنات'' والرايات يسارعون بالوصول للقمة، لم يتوقف المزاح كذلك قبل وأثناء صعود المرتفع الذي يزداد انحداره مع التقدم ''هو ده التوك توك اللي هنركبه...جبل ده ولا مش جبل... محدش يشد الحبل عشان مش مربوط''، يُشدد المتطوعون المتواجدون على امتداد الجبل بأن ''محدش يطلع بره صف الحبل''، تسارع أيديهم لسند مَن تنفلت قدميه بفعل المنحدر الصخري، يحفزون مَن يلحظون عليه الإرهاق ''أحسن شباب...عاش''.
''تعالى على الشمال عشان العصايا تبقى على اليمين'' يطالب ''عمر عبد الجليل'' رفيقه الشاب ''سامي الششتاوي'' قبل أن يتقدما مع الجمع لأخذ خطوات الصعود الأولى، تلك المرة الأولى التي يتسلق فيها ''عبد الجليل'' مرتفع بعد فقده للبصر منذ أكثر من 20 عاًمًا، من طنطا وفد مع زملائه المكفوفين بجمعية رسالة، صمم الرجل الأربعيني على صعود الجبل الأكثر ارتفاعًا وصعوبة'' السهل مش هيبقى حاجة الواحد دايما بيدور على الحاجة الصعبة عشان السهل يبقى بالنسبة له مش حاجة''. إيمان ''عبد الجليل'' بقدرته على فعل أي شيء دافعه الدائم، لا يفكر في خطر يلحق به فقط رغبة أن '' الواحد يستمتع بصحبة الناس''.
على يد ''محمود منير'' استند ''سامي إبراهيم'' هو الآخر جاء من طنطا، ''تحدي الجبل'' جمع بين رفيقان الطريق وصعود المرتفع، ''إحنا فعلاً هنطلع جبل؟''.. سؤال ممزوج بالتشويق مرً على ذهن ''سامى إبراهيم''، الذى حُرم من نعمة البصر ليبدد كل مخاوفه مع أول خطوة على الرمال بمساعدة مرافقه، كلاهما المرة الأولى التي يصعدا بها سطح جبل، الأول جاء للمساعدة كأحد المتطوعين، ومشاركة أشخاص لم يعرفهم قبلاً، والثاني صاحب السترة والبنطال البنيين رغم فقدانه بصره يقول بملئ فيه عن دافعه للمجيء ''اشتياق أشوف حاجة جديدة ماشوفتهاش''، المسألة لم تكن كما تخيلها الشاب العشريني لكنه أصر على استكمال الطريق بالاستناد للحبل تارة، والعرقلة تارة أخرى حتى النهاية.
النهاية تقترب، تتركز أعين مَن بالأعلى على الصاعدين يحمس مَن يصل رفاقه ممن لم يصل بعد ''يلا يا ....'' بينما أبصار المتسلقين تتشوق للوصول إلى سطح الجبل، لا سبيل غير ذلك، لا مجال للعودة أو البقاء بالأسفل، فما هذا إلا حرمان من الصحبة بالأعلى، والاستسلام عن التحدي.
مع بلوغ منتصف الجبل تقريبًا أخذت ''هبة سمير'' تبقي، أرهقتها قدميها المريضة، وبالوقت ذاته لا تريد التراجع، فتلك المرة الأولى التي تفعل بها ذلك، والعام الماضي كان الأمر يسيرًا فالصخور كانت كبيرة الحجم فتتها الأمطار وعوامل التعرية بمرور العام، لم تجد ''سمير'' بدًا من الصعود من الوجهة الأخرى، ففعلت.
سنتيمترات تفصل عن الأشخاص الوقوف، تمتد الأيدي لتجاوز الصخرة الأعلى قبل خط ''بداية النهاية''، بالمقدمة يد ''عصام صلاح الدين''، هَمّ بالصعود وتصدر المشهد انتظارًا للبقية، يستقبل رد الفعل الأول للواصلين، فهذا أكثر متعة بالنسبة له من صعود المرتفع ذاته ''الأجمل أني أساعد الناس وأخد بأيديها وهي بتوصل لأخر الجبل واسمعها بتقول الحمد لله''، لم يقتصر دور الشاب العشريني الذي يحضر تلك التجربة للمرة الأولى على مد يد العون بل تذكرة مَن تناسى الحمد بعد لحظة الوصول ''مش عارف كان في ناس بتسكت بعد ما تطلع'' ليحين دوره ''قول الحمد لله''، فتحقيق هذا الأمر يستلزم شكر الخالق حسبما ذكر ''صلا الدين''.
كسر ''جبل'' الاختلاف والتواصل
مع تمام الواحدة كان الجميع بالأعلى، تولى أحد المنظمين إقامة صلاة الجمعة وإلقاء خطبة صغيرة، ترجمها أحدهم بلغة الإشارة إلى الصم والبكم، التقى الجمع في حلقات يتبادلون الحديث والمرح واللعب، فبعد نصف ساعة تكللت بالنجاح في تحدي الجبل، حان الوقت لكسر ''جبل'' الفتور في التواصل بين الجميع.
''أول مرة ومش هتبقى آخر مرة لو اتعملت تاني هاطلع'' لم يتردد ''عبد الجليل'' عن قولها جوار أصدقائه المكفوفين بعد الوصول لقمة الجبل، لم يجد الخوف مكانه بقلب الرجل الأربعيني ذي السترة الصفراء حتى إنه قال مازحًا لرفيق البصير ''أنا اللي كنت بطلع سامي مش هو اللي بيطلعني''، مؤكدًا أن استخدام الحبل في الصعود كان أيسر كثيرًا من الإستناد لأحدهم، لم يجد الرجل متعة في صعود الجبل مثل هذه المرة رغم قيامه بذلك قبل 20 عامًا في ''موريشيوس'' –جزيرة بالمحيط الهندي- فالأمر ''كان سهل بالنسبة لي لكن مفيهوش متعة زي دلوقتي''.
اعتياد ''عبد الجليل'' وتعدد مواهبه التي اكتشفها بعد فقده البصر لم تحيده عن مثل هذا الهدف البسيط ''أنا بعمل كل حاجة، سلك الشبابيك في البيت أنا الل عامله، بصلح أي حاجة ما عدا الكهرباء''، فلديه عقيدة بأن ''أي حاجة في الحياة ماتتعبش، بالجهد والعقل والحكمة الواحد يتحدى أي حاجة أيا كانت، مافيش حاجة صعبة''.
ثلاثة أبناء لم يستطع ''عبد الجليل'' إحضارهم برفقته من طنطا، وكذلك زوجته لظروف حملها لكنه حمل ثقتها وكلماتها له رغم توجسها خيفة من الرحلة ''أنا عارفة أنك من ناحية هتطلع هتطلع''.
''ماكنتش متوقع أنى اطلع الجبل بكل سهولة''، نطق بها ''إبراهيم'' صاحب السترة والبنطال البنيين، بينما جلست ''وردة'' تلتقط أنفاسها، فرغم أن غالبية الحضور جاءوا مع أقاربهم أو ذويهم، إلا السيدة الخمسينية لم تخشَ مواجهة التحدي منفردة، لتردف بابتسامة تليق بها ''أنا معايا ربنا''، صعوبة ومشقة التحدى كانا الأكثر تأثيراً على ''وردة'' بسبب إعاقتها الحركية، وجدته ''ممتع لكن معاناة''، لم تنفي السيدة رغم نجاحها في الصعود أمنيتها في أن ''تتوفر عربات تطلعنا لحد الجبل..مكنتش فاكرة الموضوع صعب كدة''.
وسط المساحة المترامية من الرمال، كان يتنقل ''محمد صبحى'' بين الحين والآخر يذوب في الفرق، حمالاً ''كاميرا'' لتسجيل كل اللحظات، لا يتبادل سوى الابتسام والإشارة إذا لزم الأمر، ''صبحي'' أصم أبكم لكنه أثر استثمار موهبته فى التصوير والإخراج وسط الاحتفالية.
انفراجه يتبعها ابتسامة من الشاب ذى الثلاثة وعشرين عاماَ عندما يربط أحد بين اسمه والممثل والمخرج المسرحي ''محمد صبحى''، يتمنى أن يصبح الشاب مشهوراً رغماً عن إعاقته، التى لم تمنعه من إخراج وتأليف أكثر من 15 فيلم منذ أن بدأ قبل خمس أعوام.
يتفهم ''صبحى'' وزملائه من أصحاب إعاقة الصم والبكم حركة الشفاه لكل من يتحدث إليه، كما يجرحه كحال معظمهم تجاهل أى شخص لهم والبحث عن وسيط ''للتواصل''، حسبما يقول''رامز عباس''أحد مترجمي الصم والبكم إن فاقد حاسة السمع أو النطق لا يحتاج إلى مترجم، لكنه يحتاج مزيد من الدمج والتواصل مع باقى المجتمع، وتسليط الضوء على مشاكلهم وحلها.
رغم ذلك يتبادل رفاق الصم والبكم المرح واللعب مع أصحاب الكلم، حتى أن ''حنان'' التي تحتضن طفلها ''محمد'' ذي الثمانية أشهر بعد إصرارها على الصعود، لم تفارقها ابتسامة السعادة ببلوغ ذلك، وأن ابنها أصبح أصغر الصاعدين إلى الجبل.
حاملًا قصة بطل تسلق الجبال المدعو ''اريك واين ماير'' الذى صعد الجبال وهو كفيف، وتمنى أن يكون مثله منذ صغره، تحفز ''أحمد شاويش'' لقطع المسافة من طنطا إلى القاهرة للمشاركة، والنجاح في صعود المنحدر الصخري المرتفع، لم يجد ''شاويش'' فى صعود الجبل سوى تحدى لنفسه، ''احساس جميل وتحدى رائع''..كلمات سيحملها الرجل الأربعينى إلى زوجته وأولاده الذين لا يعرفوا إلى أين ذهب والدهم ''مكنتش عايزهم يقلقوا.. لكن مراتى عرفت ودعتلى ربنا يوفقنا''.
''نسمة محمد''..من ضمن المتطوعين، لم تكن متحمسة فى بداية الحدث غير مصدقة لصعود معاقين جبل شاق، حتى رأت بالأتوبيس أحدهم يحمل عكازين، لكنه ''شعلة نشاط'' كما تصف ''لما شفت الولد ده متحمس طول الطريق..ومتحمس لصعود الجبل..سألت نفسى ليه أخاف وفى ناس متحمسة؟!''.
رحلة ''التحدى'' لم تكن لـ''نسمة'' -خريجة الحقوق- فقط فى مساعدة الأخرين، لكنها غيرت من تفكيرها عن الإعاقة، وتمنت مع تلك المغامرة أن يغير الناس من تفكيرهم عن المعاقين، لإنهم يمتلكون مناطق قوة، بل ولديهم قدرة على التحدى تفوق الأسوياء خاصة بعد أن لاحظت الفتاة فرحة وتحفيز من المعاقين بعد أن وجدوا اهتمام بهم من الشباب.
''نفسي مافيش أي كفيف يحتاج لحاجة'' أمنية ''تامر محمد'' أحد المشتغلين بجمعية رسالة المرافق لفريق ''المكفوفين''، تلك الكلمات طالما كانت دافع له للمرح وبذل ما استطاع من جهد طوال السنوات السبع التي بدأ العمل بها مع المكفوفين، مستمرًا في المشاركة ب''تحدي الجبل'' والحرص على إحضار فريقه على مدار الأربع سنوات الماضية.
وبينما تقترب الشمس من المغيب لمم الجمع شتاته للهبوط بعد ساعات التواصل فوق الجبل، منهم مَن عزم النزول كما صعد كحال فريق المكفوفين، ومَن أُنهكت قواه ففضل سلك الطريق المستوى بين الجبال، لتحتفظ ''بسنت'' فتاة الهلال الأحمر برؤيتها لذلك التحدي ''الحاجة اللي عمري ما عملتها مش هخاف أعملها''.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا