كتبت- إشراق أحمد:
عشر سنوات مرت منذ الخروج الأول، الزمان غير الزمان والمكان نفسه، فمنذ نوفمبر 2004، الموعد الذي تحركت فيه جموع الشعب الأوكراني صوب إحدى الميادين الكبرى بالعاصمة ''كييف''، به ارتكزت، وانطلقت المسيرات والمظاهرات الاحتجاجية رافعة شعار الاستقلال من القبضة الروسية - ومنه كان اسم الميدان الزاخر في الوقت الحالي بألوف المتظاهرين - لم يخل الأمر من انقسام بين الأقاليم الغربية الرافضة لسيطرة ''الروس'' والشرقية المتحدثة بلغتهم وبينهما رابط ثقافي وفكري مشترك، لكن الحراك الداعي للاستقلال كان أقوى بثورته ''البرتقالية'' كما أطلق عليه وقتها، كإحدى الثورات الملونة التي تتخذ من لون معين أو زهرة سمة تميز حراكها.
في مصر، وبعد ما يقرب من سبع سنوات على ثورة الأوكرانيين، كان ميدان ''التحرير'' مقصد الثائرين على الأوضاع الراكدة منذ 30 عامًا، داعين إلى ''إسقاط النظام'' والمطالبة بـ''عيش..حرية...عدالة اجتماعية''.
''ربما تشابهت الأحداث في شكلها لكن هتفضل الملابسات مختلفة'' قال ''عادل سليمان'' مدير المركز الدولي للدراسات المستقبلية والاستراتيجية، موضحًا أن الخروج على السلطة لا يعني الاعتراض والرغبة في عزل شخص الرئيس، فهذا جزء من السلطة، بينما مسمى الحراك الشعبي يكون عندما تخرج الحشود مطالبة ''تغيير كل حاجة''.
سقط رأس النظام في أوكرانيا، وكذلك مصر، آلت الأمور من ''فيكتور يوشيشينكو'' إلى ''يوليا توموتشينكو'' التي تم سجنها بتهمة الفساد السياسي والإضرار بمصالح ''أوكرانيا'' بسبب توقيعها اتفاقاً مع موسكو، وأخيرًا إلى ''فيكتور يانوكوفيتش''، عشر سنوات هدأت البلد صاحب الثورة ''البرتقالية'' بشكل ظاهري، حتى عادت الجموع المعارضة بالميدان والشهر ذاته في نوفمبر العام الماضي 2013، احتجاجًا على تجميد ''يانوكوفيتش'' التفاوض من أجل اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوربي، مطالبين استقالة الرئيس لموالاة روسيا، وإجراء انتخابات رئاسية جديدة.
اعتصام، واشتباك مع قوات الأمن، سقوط ضحايا، صراع سلطوي...تشابهت الأجواء الشكلية ومناهضة الأصوات المعارضة في ميدان ''الاستقلال'' مع ''التحرير'' وغيره من الميادين التي شهدت معارضة للنظام على مدار ثلاثة أعوام، عرفت فيها الثورة بعامها الأول بـ''الثورة الضاحكة'' رغم ما شهدته من سقوط ضحايا من قتلى ومصابين.
يُضيف ''سليمان'' أن ما حدث في أوكرانيا إذا تشابه مع ما حدث في يناير بمصر من حيث وقوف الجهات الأمنية ضد المتظاهرين، فإن 30 يونيو تعد ''حالة ثالثة'' نظرًا لتحالف جميع القوى من شعب وشرطة وجيش لعزل شخص الرئيس، مؤكدًا أن ما حدث بعودة الاحتجاجات في أوكرانيا بعد عشر سنوات يمكن أن يحدث في مصر ''في سنة أو اتنين مش عشرة كمان''.
وتابع الخبير السياسي أن الثورات الشعبية لا تحقق أهدافها في وقت قصير ولا بالضربة القاضية حسب وصفه بل ترتكب أخطاء، تهدأ ثم تعود مرة أخرى من أجل تحقيق أهدافها، فهي تظل تتفاعل في دورة مستمرة حتى تصل للاستقرار الديمقراطي، خلاف الانقلابات التي تحقق أهدافها سريعًا، وهذا ما يحدث في أوكرانيا ومثله بمصر، وإن كانت الأخيرة حدث ذلك بها بشكل أسرع نظرًا لاختلاف أدوات العصر وسرعة معدل التغيير.
''لازم تدفع دم كتير عشان تصل للاستقرار'' قالها ''سليمان'' مشيرًا أن ذلك الثمن الذي تدفعه، وسبق أن فعلت دول كفرنسا، من أجل الوصول إلى ذلك الاستقرار الذي لا يعني الاجتماعي حسبما ذكر لكن أن يرسخ بالنفوس مفهوم التغيير بالانتخاب وليس الانقلاب.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا