كتبت- دعاء الفولي:
كان العدد قليل يزداد مع الوقت، نساء ورجال، بعضهم حمل أدوات تُعبر عما يريد قوله خرج بها أكثر من مرة، من تظاهرات 30 يونيو إلى التفويض ثم المُحاكمات، يملأون المكان بهتافات مناوئة لحكم الرئيس السابق محمد مرسي، والمُنددة بجماعة الإخوان المسلمين، يتوددون للضباط الواقفين لحراسة المكان، يربتون على أكتافهم، يحذرونهم "خلوا بالكوا من نفسكوا الإخوان هيموتوكوا"، لا يستطيع أحد المعارضين لرأي المعارضين لـ"مرسي" المرور بالمكان إلا أن يُواجه بألفاظ "إرهابي"، "خروف" أو "عميل".
قريبًا من موطن محاكمة "مرسي" في قضية الهروب من سجن وادي النطرون، وقف المتحجّون خارج المكان، يتوعد بعضهم مرور أحد أنصار الجماعة، أو أحد محامي هيئة الدفاع، تمر سيّارة يبدو عليها الترَف، تعترض سيدة طريقها، تجلس على صندوقها الأمامي، بينما يحاول الضباط إقناعها بالعدول عما تفعل وفتح الطريق، فلا توافق "على جثتي يعدوا دول خونة وإرهابيين"، يمر وقت قليل حتى تعود نفس السيارة ومعها تأمين من الشرطة، يحدث بعض من شد وجذب، فتمر السيارة رغمًا عن السيدة التي صاحت في الراكبين الذين لم تكن تعرْفهم شخصيًا.
"الثورة حرة حرة ومُرسي برة برة"، قالتها "عواطف" بينما تتحرك في أرجاء المنطقة، تُلقي هتاف، فيضحك الجميع على طريقتها السلسة، تصمت قليلًا ثم تقول "حد يشوف واحد إخواني أتسلى عليه.. حد منهم جه؟"، لا يجيبها أحد، لا يوجد في المُحيط إلا مؤيدون، تخرج السيدة الأربعينية للشارع على حد قولها منذ موقعة الجمل 2011 بثورة يناير "كنت رافعة صورة مبارك ورايحة الميدان بس أما شفت الجمال بقيت مع الثورة"، تقول إن الجميع يعرفونها في الميدان، يلقبونها ب"أم الثوار"، ذهبت للمُحاكمة أيضًا لتأييد المشير "السيسي".
بجانب مكان تأمين المُحاكمة، دخل رافعًا لافتة كبيرة مقسمة لأربع لافتات، أولها تعلوها صورة المشير "عبد الفتاح السيسي"، الثانية للرئيس الراحل "محمد انور السادات"، الثالثة للشيخ "محمد متولي الشعراوي" والأخيرة لبابا الفاتيكان السابق، لم يكن "وليد" سمكري السيارات وحيدًا، معه بناته الثلاث، "نعمة"، "حبيبة" و"شهد"، يصطحبهم معه في كل الأحداث، غير خائف من حدوث شيء "حتى لو ماتوا يموتوا فدا مصر".
"حبيبة" ذات الثماني سنوات وضعت فوق رأسها بيادة عسكرية، رافعًة يدها بعلامة النصر، تعرف سبب حضورها للمكان "عشان مرسي يتحاكم وبنأيد السيسي"، تخرج مع أبيها في الأحداث "نزلت في التحرير والاتحادية عشان مرسي يمشي"، لا تعرف كثيًرا إلا ما يحكيه الوالد الذي ساعدها بكلمات "السيسي أنقذ البلد"، لجانبها وقفت أختها الأكبر "نعمة" التي جاءت للسبب نفسه، وبعيدًا عن التظاهرات أو التأييد "بتكلم مع صاحباتي في الفصل عن السياسة"، هي وزميلاتها يتبنين اتجاه واحد، على حد قولها "احنا الحمد لله كلنا سيسي معندناش حد إخوان"، "شهد" الصغرى اكتفت بالابتسام وتعديل وضع البيادة فوق رأسها الصغير من حين لآخر.
جلباب أبيض كُتب عليه أشياء عدة، من كلمات لتأييد الجيش إلى تحية موجهة لشهداء يناير، باللونين الأخضر والأحمر خطّ "صبحي صابر" الجُمل عليه، يتحرك بها في كل المحافل المُتعلقة بالتظاهر ضد الرئيس المعزول، أو المؤيدة لـ"السيسي": "من ساعة مبارك كنت ضد الفساد"، يُحضر أولاده الثلاثة كثيرًا إلى الأماكن المختلفة "بس أما يكون فيه قلق بخاف عليهم"، لذلك آثر النزول وحيدًا اليوم بشكل احترازي. تواجد في المحاكمة الأولى كما فعل في الثانية، فكرة الجلباب جاءته وقت تظاهرات إعطاء التفويض للقوات المسلحة في السادس والعشرين من يوليو "عمومًا الشعب المصري بيحب يعبر عن كل حاجة بالسخرية"، يرتديها قبل دخول المكان المقصود "بس أول ما بخرج وانا مروّح بقلعها".
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك...اضغط هنا