كتبت- دعاء الفولي:
استيقظ قبيل الفجْر كعادته، توضأ وصلّى، ثم ارتدى ملابسه سريعا، ألقى نظرة على أولاده والأحفاد، ثم حان الوقت لإلقاء نظرة على السيارة النقل، البنزين، تنظيفها قليلًا، معرفة مدى صلاحيتها للسير بشكل عام، بدأ يومه، يعلم أن اليوم سيكون شاقًا، هناك مناوشات لربما تحدث في المكان المحُيط، في المقابل يعلم أن "أكل العيش" أهم من ذلك كله، وأن أولاده النائمين في البيت الصغير بحي الدُقي يستحقون المغامرة.
منذ ثلاثين عاما يعمل "صالح محمد مرسي" بمهنة القيادة، يستأجره الناس حسب الحاجة؛ فمن نقل أثاث منزلي، إلى شُحنات خفيفة على سيارته النقل، حتى عندما تحتاجه قنوات تليفزيونية لاستخدام سيارته في التغطية يفعل ذلك دون غضاضة، يوم مُحاكمة الرئيس المعزول "محمد مرسي"، يعلم الرجل الذي يُخبر عُمره بلهجة ساخرة "عندي ستين سنة إلا واحد"، أن مكان المُحاكمة قد يحوي خطرا، لا سيما بعدما حدث ذلك في المُحاكمة الماضية "حصل خناقات هنا وفيه عربية اتحرقت بس الشرطة كانت بعيدة" على حد قوله.
الاسم الثاني لـ"صالح" يُسبب له تساؤلات من البعض عندما يُخبرهم به، وابتسامات أحيان أخرى "مرة في المرور الظابط شاف بطاقتي قاللي أكيد الاسم عامل لك مشاكل"، أما هو فلا يعتقد بوجود أزمة "وإيه يعني أما يبقى اسم أبويا محمد مرسي.. دة مات حتى وأنا عندي 7 سنين".
تلك المرة ستكون الثانية لـ"صالح" في التواجد وسط الأحداث "انا منزلتش محاكمات مبارك ولا أي احداث تانية.. هي محاكمة مرسي بس"، لا يقصد بذلك تضامنه "على حسب النقلة اللي بتجيني بروح"، أما شعوره قِبل الرئيس المعزول "عادي.. لو هو غلط يتحاسب"، لم يختاره في الانتخابات الرئاسية "اخترت شفيق"، له في ذلك حكمة "البلد عايزة واحد عسكري.. مرسي كان طيب بس هما اللي مشوه معرفش يمشّي البلد"، في العموم لا يهتم الأب لثمانية أولاد بالحاكم "طالما هيحكم البلد كويس ويخلينا نعيش"، ولا بالسياسة "بس قلت نعم في الدستور قالولي هيخلي الدنيا كويسة".
سائق السيارة متزوّج من اثنتين"الأولى جابتلي خمس عيال والتانية تلاتة.. بس الأولى ضايقتني فاتجوزت عليها"، لا يعبأ بما ستحمله الأيام من نقص في الثمرات "طول ما ربنا مدينا مقدرة الرزق اللي بييجي بيتوزع"، أولاده الثمانية أكبرهم عمره 32 عاما، والأصغر 6 سنوات، أغلبيتهم رجال لا يعملون "علّمت معظمهم بس أهم متجوزين قاعدين في البيت.. أرزقية ساعات فيه شغل وساعات لأ"، يُنفق عليهم حتى الآن، يحصل في النقلة الواحدة على خمسين جنيهًا كحد أدنى "لما بيبقى فيه نقلات لأسوان ممكن آخد ألف واسكندرية 500 جنية على حسب الظروف".
بعيدًا عن مكان المحاكمة أوقف الجد سيارته "النهاردة مشددين أوي مش راضيين يدخلونا أكتر من كدة"، لا يتمنى إلا مرور اليوم بسلام، لازال مُرحبًا بالخروج لأماكن قد يحدث بها اشتباكات مرة أخرى إذا ضمن الرزق فيها.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك...اضغط هنا