كتبت - يسرا سلامة:
على لوحة نتائج العام تمر الأيام بوتيرة بطيئة على ذلك الموظف، خاصةً في آخر الشهر، قبل أن يأتي الضيف الذى يفرج أساريره.. مرتب الشهر، ومع ذكرى ثورة يناير، ينتظر موظفو الحكومة أن يأتي المرتب مبكراً، وتحديداً في 22 يناير، وفقاً لقرار الحكومة.
الأمر أصبح أشبه بعادة حكومية، فقبيل كل ذكرى للثورة، تجنح الحكومة مهما اختلف النظام السياسي على مدار الثلاث سنوات لتبكير المرتبات، فمن ''الجنزوري'' إلى ''قنديل'' وحتى ''الببلاوي''، ينتظر موظفو الدولة المرتبات مبكراً؛ فيما يختلف الوضع هذا العام في ظل وجود تطبيق للحد الأدنى للأجور في بعض قطاعات الدولة.
لم تعرف ''نجوى عبد الحفيظ'' سبباً لتبكير مرتبها هذا الشهر، ''هو هينزل بدرى ليه؟''، تساؤل أعقبه ''آه'' من السيدة عند تذكرها لثورة يناير، لم تبدِ معه السيدة التي تعمل موظفة بوزارة الزراعة أي شعور بالفرحة ''المرتب اللي هيجي بدري هيخلص بدري''.
المرتب بالنسبة لـ''نجوى'' المرتب ضيفاً سريعاً، ينقضي أمره في العشرين من عمر الشهر، بين مصاريف إيجار شقتها أو الكهرباء والمياه، أو في حاجات المنزل المختلفة، 900 جنيها هو ما تحصل عليه ''نجوى'' التي لم تنجب بعد، إلا إنه لا يكفيها هي وزوجها وحدهما.
''الأفضل أن المرتب يجي في ميعاده، عشان يخلص في ميعاده''.. هكذا بررت ''نجوى'' -السيدة الأربعينية- عدم تحمسها في تسلم المرتب مبكراً، بعكس عدد من زملائها من الموظفين الذين يرحبون بالأمر ''ياريت شهر بشهر عشان ده هيأثر على الشهر اللي بعده''.
الأمر مختلف لـ ''محمد أحمد'' أحد الموظفين في الإدارة التعليمية بالعجوزة، فراتبه في الأساس يستلمه في العشرين من الشهر، ولن يتأخر في يناير بطبيعة الحال، ينتظر الرجل أن تساهم ذكرى الثورة فى زيادة المرتبات، خاصةَ في قطاع المعلمين الذى يعمل به.
''مش هيفرق معايا'' رد بها ''أحمد دسوقي'' على خبر استلام مرتبه مبكراً فى هذا الشهر، فمرتب الحكومة بالنسبة له ''تحصيل حاصل''، حيث لا يتجاوز راتبه فى أفضل الأحوال حاجز الـ''270'' جنيه، والذى جعل ''أحمد'' يولي أهمية للبحث عن عمل موازٍ بجانب عمل الحكومة.
''أهو اسمنا موظفين وخلاص'' يقولها ابن الخامسة والأربعين عاماً بظفرة، معلناً أن راتبه لا يكفيه بأي حال من الأحوال، بحلول ذكرى الثورة أو غيرها من الأسباب، فهو يعمل موظفاً فى مشروع للري الحقلي بوزارة الزراعة، منتظراً أن تراهم الدولة بعين ''الإنسانية'' كما يقول، وبلوغ مرتبه الحد الأدنى.
ساعات عمل ''أحمد'' تبدأ في التاسعة صباحاً، لكنه ينهيها مبكراً قبل الثانية ظهراً -موعد خروج الموظفين المعتاد- من أجل اللحاق بعمله الأخر في أحد ورش النجارة ''أنا بنتي ومراتي عايزين مصاريف.. ومحدش بيكفيه مرتب الحكومة، ما بالك لو 270 جنيه''.
''هو المرتب بيقضي أصلاً عشان ينزلوه بدرى'' تعقب ''سميرة عشري'' إحدى الموظفات بوزارة الزراعة قبيل استلام راتبها، فمرتب الفتاه الثلاثينية ينقضي بين تسديد سُلف الشهر السابق وبين مقتضيات الشهر الجديد، لتستعين بـ''سُلف'' من والدها، لتكمل مسيرة الشهر.
تنتظر ''سميرة عشري'' أن يرتفع سقف راتبها قليلاً، والذي يتراوح ما بين الـ400 أو 450 كأساسي فى بند المرتب، ويصل في أفضل أحواله إلى 700 جنيه بالحوافز ''هيفرق إيه يناير عن غيره''، لكنها لاتنكر انتظارها تطبيق الحد الأدنى للأجور.
كما تحلم الفتاة خريجة كلية التجارة أن يحمل راتبها ما يوزاي زملائها على الدرجات المختلفة ''أغلب زمايلي بيستلفوا من بعض.. والجمعيات منتشرة ما بينا عشان الحال يمشي.. سواء في يناير أو في أي شهر تاني''.
لم يختلف حال ''حنان'' أحد الموظفات فى جامعة حلوان عن سابقيها، فالمرتب الخاص بها لا يكفيها هي وابنها ''وسط الغلاء الموجود في الأسعار.. مش هيفرق المرتب بدري أو متأخر''، قبل أن تقول ''حنان'': ''المهم المرتب يزيد مش مهم يجي أمتى''.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا