كتب- محمد منصور:
أم الخبائث، هكذا يطلقون عليها، فليس كل شراب نافع، وهناك ما يجري في الجوف ليلهب الباطن، الخمر، أحد أفات البشرية الموغلة في القدم، فقبل أن يتعلم الإنسان الكتابة والتدوين تعلم صناعة الخمر، والعديد من الآثار تثبت أن الإنسان القديم احتسي الخمور في عصور ما قبل التاريخ، ورغم ضررها الجم، إلا أن البشر لا يزالون يحتسون الكحوليات بكميات مهولة ، ورغم تحريمها في عدد من الديانات ''السماوية مثل الإسلام والوضعية مثل البوذية'' إلا أن الرغبة في احتساء الخمر غالباً ما تقهر النصوص الدينية.
حسب منظمة الصحة العالمية، تتسبب الخمور في وفاة أكثر من 2.5 مليون شخص سنويا، منهم 320 ألف شخص تتراوح أعمارهم بين 15 و29 يموتون بأسباب لها علاقة بأمراض الكحول، وتعتبر الخمور ثالث أكبر مسبب للأمراض في العالم.
يرتبط الكحول بالعديد من القضايا الاجتماعية والتنموية الخطيرة، بما في ذلك العنف وإهمال الأطفال وسوء المعاملة والتغيب عن العمل، وبحسب تقارير منظمة الصحة العالمية، فإن الكحول يشكل خطراً ليس على الفرد وحسب، بل على البيئة المحيطة به، على المستويين الأمني والاجتماعي، فالأشخاص الواقعين تحت تأثير السكر قد يتسببون في إلحاق الضرر بالأخرين عن طريق تعريضهم للحوادث المرورية أو السلوك العنيف، الانتحار والإصابات المتعمدة وغير المتعمدة، وبالتالي فإن أثر استخدام الكحول يتغلل في أعماق المجتمع على نحو كبير.
الأفراط في تناول الكحول يُعتبر أحد المحددات الرئيسية للاضطرابات العصبية والنفسية، مثل الصرع والأمراض القلبية والوعائية وتليف الكبد والسرطانات المختلفة، ويرتبط استخدام الكحول على نحو مفرط بالعديد من الأمراض المعدية مثل فيروس نقص المناعة البشرية ''الإيدز'' والسل والأمراض المنقولة جنسياً، وذلك لأن استهلاك الكحول يضعف الجهاز المناعي وله تأثير سلبي على المرضي الذين يعالجون من الأمراض الفيروسية.
وتعتمد درجة خطورة الاستهلاك المفرط للكحوليات على العديد من الخصائص البيولوجية للمستهلك، بالإضافة إلى مستويات التعرض للمشروبات المُسكرة والإعداد والسياق الذي تم فيه تناول الخمر، ويُعرف العلماء نمط الاستهلاك المفرط للكحول بكونه ''شرب ما يزيد عن 60 جراماً من الكحول النقي في اليوم الواحد''.
في اجتماع عاجل دعت له منظمة الصحة العالمية عام 2010، دعت المنظمة إلى سن مجموعة من القواعد الاسترشادية للحد من تعاطي الكحول، ووافق أعضاء المنظمة بالإجماع على تأييد استراتيجية عالمية جديدة للحد من تعاطي الخمور، وحث القرار الدول على تعزيز الاستجابات الوطنية لمشاكل الصحة العمومية الناجمة من تناول الكحول بشكل مفرط، وذلك عن طريق سن مجموعة من القوانين المتعلقة بالضرائب والتي تسهم في الحد من شراء الخمور، علاوة على تسعير اجباري بحد أدني للخمور، وتعزيز عمليات مراقبة مصانع الكحول وغلق الغير رسمي منها علاوة على دعم السياسيات التي تهدف إلى نشر الوعي الصحي وتوفير العلاج بصورة ميسرة ومجانية للأشخاص الذين يعانون من فرط استهلاك الخمر وذلك للحد من الأثار السلبية لتناول المشروب القاتل.
لمعرفة ومتابعة نتائج الاستفتاء على الدستور..اضغط هنا