كتبت: رنا الجميعي ودعاء الفولي:
في انتظار صديقة لهما تجلسان على المقاعد الخشبية، إحداهما بملامح هادئة وصوت يناسب تعبيرات وجهها الخالي من مساحيق التجميل، والأخرى تتسم بالحيوية وعلى ملامحها بعض من المساحيق، تقطنان سويًا بمنطقة مساكن زينهم الجديدة، فيما بدا الاستفتاء مفرق لشملهن.
على أعتاب مدرسة ''شهداء بورسعيد'' بالسيدة زينب بدأت ''درية عبد القادر''، مديرة العلاقات العامة سابقّا، حديثها بأنها ستصوت بنعم على التعديلات الدستورية، مشيرة إلى أن أكثر ما أعجبها في وثيقة الدستور الاهتمام بالعمال والفلاحين، تثق ''درية'' في لجنة الخمسين ''عمرو موسى مش قليل برضو، ده كان وزير خارجية وبيهاجم مبارك''.. تعتبر المرأة الستينية أن التصويت بالموافقة أمانة ''مفيش بديل''، تبرر ربة المنزل موقفها ''كل الناس موافقين عليه، بتوع الأزهر والمسيحيين موافقين برضو، كل دول هيبقوا غلطانين يعني''.
رغم موافقتها على التعديلات الدستورية لا تخفي ''درية'' رأيها في الرئيس المعزول ''أنا بحب مرسي'' قالتها بضحكة، قبل أن تتابع ''بصراحة يعني، أنا مبخافش''، ترى ''درية'' أن الرئيس المعزول ''راجل محترم''، فيما شبهته بالرئيس الأسبق محمد نجيب ''كان مهضوم حقه زيه.. على غفلة شالوه وحطوه في زنزانة''، ورغم ما تكنه من حب له ''بس طبعًا الإخوان غلطانين''، لكنها تعرب عن حزنها على دم الشباب المهدر ''يوم ورا التانى''.
لدى السيدة ذات الإيشارب المزركش أبناء ثلاثة، شابين وفتاة، تنوعت آرائهم السياسية ''بنتي صعبان عليها الإخوان وقاطعت الدستور، أما الولدين مؤيدين السيسي، واحد سافر ومرحش الاستفتاء والتاني نزل''، تحدث بعض المناوشات بين الأبناء، لكن الأم لا تتدخل في وجهات نظرهم ولا تحاول التأثير عليهم.
على المقعد الخشبي ذاته تجلس ''سها''، الأخت الصغرى لـ''درية''، عكس شقيقتها؛ كلامها قليل، لا تُبدي رأيها إلا عندما تُسأل بشكل مباشر، اكتسبت سمت له هيبة من عملها كمدرسة سابقة بمدرسة ''شهداء بور سعيد''، ترد على دعابات ''درية'' المتواصلة بابتسامة بسيطة، لا تُجاريها في الهزل، رغم أنها الأصغر، ''بس كل ما حد بيشوفني بيقولوا اني أكبر.. أصل درية بتحب تهزر كتير''، حتى الآراء السياسية لا يتفقان فيها تماما ''انا بحب السيسي ومكنتش بحب مرسي''.
تتحسر ''سها'' على أيام الرئيس المخلوع ''دلوقت بخاف اركب تاكسي، قبل الثورة كانت الدنيا أمان''، لاتصدّق ما قيل عن ''مبارك'' وأبنائه ''كل اللي اتقال عليهم غلط، أولاد مبارك كانوا ناس محترمين''.
استفتاء الدستور بالنسبة للمعلمة الستينية، كان أمرا مُنتظرا ''عايزين البلد تهدى.. والإرهاب يخلص''، أما المواد ''مقرتش كتير فيها.. مبحبش أقرأ أوي''، لكنها سمعت عنها من الإعلام وعرفت بعض تفصيلاتها ''أهم حاجة المعاشات كويسة''، خاصة وأنها خرجت على المعاش منذ عام 2007، وهناك تلك المادة عن حقوق المعوقين التي تمس زوجها ''كان مهندس زراعي وجاله شلل نصفي من عشر سنين فقعد في البيت''، لفت نظرها أيضا المادة المتعلقة برئيس الجمهورية ''حسيت إن الرئيس معهوش كل السلطات وده كويس عشان ميتفرعنش''، فيما عدا ذلك لم تهتم بالمواد المتبقية. أولادها يختلفون معها كثيرا، ''بنتي ولاء هي وجوزها هيقاطعوا''، نتج عن ذلك مشادات متكررة بينهما ''ساعات بنتخانق سوا''.
على المستوى الإنساني، علاقتهل بـ''درية'' رائعة، لا تكدرها السياسة إلا قليلا، تلتمس ''سها'' لها العذر ''هي صعبان عليها مرسي بس''، رغم اقتناع ''سها'' أن ''الإخوان محدش كان يعرف عنهم حاجة.. وفجأة ظهروا''، لكن ذلك لم يمنعها التصويت بالإيجاب على دستور 2012 ''قلت نعم عشان كنت عايزة البلد تهدى برضو''، لم تفوت حدثا إلا وخرجت فيه، سواء الاستفتاءات أو الانتخابات، ''بس منزلتش في 30 يونيو.. بخاف انزل مظاهرات''.
''شغل لأولادي''، أمنية وحيدة لـ''سها'' أرادت أن يوفرها الدستور، ''ابني الكبير 38 سنة ومش بيثبت على شغل''، ولا يختلف الحال بالنسبة لـ''ولاء'' التي أنهت معهد الخدمة الاجتماعية وتزوجت دون عمل، أما الصغرى ''وفاء''، فقد أنهت دراستها الجامعية للتوّ، وتعيش في المنزل مع والديها لحين إيجاد وظيفة.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة..للاشتراك...اضغط هنا