كتبت: دعاء الفولي:
الكل حولها يشارك فيما تقبع هي فى قلب الحدث، غير أنها قررت الاعتكاف دون إبداء الرأي، استيقظت ''سماح'' مبكرا هذا اليوم، فتحت الشرفة، والتليفزيون، تتابع الاستفتاء من المحافظات المختلفة، تغير بين محطتين، اتجاه كل منهما مختلف، ولا تفعل شيئا سوى المراقبة بشكل عام، ''انا مش هنزل أصوت''، قالتها بتردد صاحبة الشرفة المطلة على حوش مدرسة السيدة عائشة بالطالبية بحي الهرم ، لا يعني لها النزول جديدا، ''أنا نزلت في كل الانتخابات اللي قبل وبرضو حاسة إن حالتي مش أحسن''، ومع الوقت أورثتها الاستفتاءات حاجزا نفسيا يمنعها الخروج.
ارتفعت زغرودة تجلجل، تملأ المكان بضحكات انطلقت من الواقفات في الطابور الطويل، ''توك توك'' أنزل سيدة مسنة أمام لجنة الانتخاب ، تحيي الأخريات بابتسامة مع عدم معرفتهن مسبقا، ضابط الشرطة كان يذهب ويجيء في المكان، يتابع الناخبين في حالة ترقب، للأعلى قليلا في شرفة مُطلة على المدرسة، أمسكت ''سماح'' بمقشة صغيرة، تنفض التراب عن السور، تطالع ما يحدث، تغيب داخل منزلها قليلا، وتعود لتتابع المشاهدة، مع قطعة قماشية للتنظيف، دون تعبير على ملامح الوجه..
الحاجز النفسي ليس السبب الوحيد ''أنا قريت المواد المعدلة وحسيت إن مفيهاش جديد''، رغم أن الدستور في عهد الرئيس المعزول ''محمد مرسي'' كان أفضل على حد قولها، لكن ''بشكل عام محدش عمل حاجة للغلابة''.
أصوات أغنية ''تسلم الأيادي'' المنبعثة من الشارع أسفل منزلها، لم تُزعجها ''الناس فرحانة برضو''، كذلك لا تعبأ بالازدحام الموجود أسفل شرفتها، أو الخطر المحدق في حالة حدوث انفجار، كما تسمع من وسائل الإعلام عن حوادث متكررة ''المكان متأمن كويس.. أنا شفت جيش وشرطة كتير''، حتى حال نظافة الشارع اختلف ''دول جم نضفوا الشارع 3 مرات النهارده.. عمرها ما حصلت قبل كدة'' تعقب ضاحكة.
بنات السيدة الأربعينية الثلاثة قررن التصويت بنعم على الدستور، لتنقلب الآية وتصبح الأم هي من يقاطع ''بيقنعوني أوافق بس مش راضية.. خاصة إن والدهم كمان هيصوت بنعم''، رغم ذلك فالدستور له ميزتان بالنسبة لها ''يمكن يصلح حال البلد.. وحاسة أنه اهتم بالمعاقين''.
الدستور بشكل عام لا يعني أم البنات ''أهم حاجة الرئيس الجاي.. وطبعا هنزل واختار''.
بين عدم النزول ومتابعتها ما يحدث في الشارع، تلوح في عينيها أمارات الحزن ''البلد حالها عموما ما يعجبش حد.. يارب استرها على الجميع عشان كلنا جزء واحد''.
دلوقتي تقدر تعرف لجنتك الانتخابية من خلال مصراوي ...اضغط هنا