كتبت - إشراق أحمد:
محارب قديم، ذو هيبة لا يخفيها، لكنه قرر أن يبدل هيئته اليوم؛ ''من أجل عيون الاستفتاء''، متكئًا على عكاز بيمينه، تزين رأسه ''طاقية''، ثبت بها قطعة بلاستيكية برتقالية اللون كتب عليها ''نعم''، يرفقها بعدد من حبات الحلوى والـ''مصاصة''؛ كي يضفي بهجة على وجوه الحاضرين، أخذ يلملم خطواته المتأنية، حتى وصل لباب المدرسة الذي تصدره رجال من الجيش والشرطة، بينما اصطف عددا من النساء في ''طابور'' بانتظار الدخول للإدلاء بأصواتهن،.
''عوض عبد الباري عوض'' لم تتوقف كلمات تأييده لرجال الجيش، وهجومه على جماعة الإخوان المسلمين، وبين هذا وذاك حثٌ للناس للموافقة على الدستور ''ده معمول للواد اللي بينام في الشارع، ولو حتى في كام هفوة هنقول نعم عشان خاطر مصر وجيشها''.
35 عامًا خدم بها الرجل الستيني في القوات المسلحة ''سلاح المهندسين قوات جوية''، لذلك كان احتفاؤه برجال الجيش أمام مدرسة الفاروق الابتدائية بمجمع مدارس دار السلام ذو طابع خاص، ظهر في تحيتهم ووداعهم وعبرت عنه كلمة ''يا ولادي''، فالرجل حرص على أن يتدلى حول عنقه '' كارت'' ضم كلمات ''مصر فوق الجميع، ثورة 30 يونيو و25 يناير''، علاوة على فخره بلقب ''محارب''، بانضمامه لجمعية المحاربين القدماء وضحايا الحرب.
ما جاء ابن الغربية فقط كغيره للتصويت ثم العودة لمنزله بل استكمل طابعه منذ عزل مرسي، وما لحقها من ذكرى نصر أكتوبر ''يوم 6 اكتوبر جبت ب200 جنية مصاصات و9 بوسترات للسيسي''، ومنذ الإعلان عن موعد الاستفتاء كثف الرجل جهوده بشارع بين جيرانه من تعليق لافتة تأييد وشراء الحلوى وتوزيعها على أطفال المنطقة كما فعل يوم عزل ''محمد مرسي'' حسبما قال.
''جاي أقول نعم حبًا في بلدي..'' قالها ''عوض'' الذي شارك بثورة يناير يوم جمعة الغضب، لم يتوجه ''عوض'' للجنته التي اتضح أنها بمنطقة المعادي بعد مساعدة إحدى السيدات له، إلا بعد أن وجه كلمات لأبنائه يطالبهم بالنزول والتصويت بـ''نعم''، لكنه ما لبث أن تذكر والكلمات تخنق صوته وترقرق الدموع عينيه ''قلت لهم اللي مش هينزل مش هجيب له حلاوة المولد أصل أنا بجيب لهم كل حاجة''، لكن السبب الرئيسي في ضيقه أوضحه بقوله ''عندي بنت هي وجوزها إخوان''، قبل أن يقول بصوت زاعق عقب زفرة ''حب البلد مايتبعش''.
أبى '' عوض'' أن تمر مشاركته دون تنفيذ استعداده لها، فالحقيبة البلاستيكية التي أمسكت بها شماله، وضع بها 33 ''مصاصة''، عزم أن يضعها فوق رأسه عند التصويت، مُنهيًا دور'' نعم'' رفيقة طريقه من وإلى اللجنة، فوقت دخول اللجنة تتحول من كلمة على الرأس إلى علامة بخانة الموافقة، وحبر على الإصبع يؤكدها.
بينما تحمل ''المصاصات'' الثلاثة والثلاثين التي أخذ يرصها قبل تثبيتها، رسالة تأييد ليوم 30 يونيو، و3 يوليو يوم ''عزل مرسي''، ولا ختام لتقليد ''الاستفتاء'' عند الرجل الستيني إلا بكلمات يوجها للجنود الرابطة أمام باب المدرسة'' جيش مصر جاب النصر قبل العصر في ست ساعات'' وآخر للمشاركين بالتصويت ''اعرفوا أنكم هتقولوا نعم عشان بتاعة الفجل.. ولو فهمتوا كلامي اعملوا به''.
دلوقتي تقدر تعرف لجنتك الانتخابية من خلال مصراوي ...اضغط هنا