ديترويت - (د ب أ):
تعيش مدينة ديترويت الأمريكية بين عالمين متناقضين، ففي الوقت الذي يعاني خلاله آلاف المواطنين من أزمة اقتصادية خطيرة، تبدو الفرق الرياضية منعزلة عن هذا الوضع تماما في ظل الملايين التي تنفقها على صفقات شراء اللاعبين وتجديد عقودهم وتطوير بينتها التحتية.
بعيدا عن أيام المجد والاستقرار، تعيش المدينة حالة من الافلاس بالمعني الحرفي للكلمة، لدرجة أنه يتم النظر إليها في الولايات المتحدة كمثال نموذجي على التدهور.
اشتهرت هذه المدينة في السابق بصناعة السيارات، وهو ما سمح لها في حقبة الخمسينيات بأن يكون تعدادها 8ر1 مليون شخص، إلا أن هذا العدد انخفض حاليا إلى 700 ألف نسمة
إلا أن الموقف بالنسبة لفرقها الرياضية الكبرى يبدو مختلفا، الأمور تسير كما لو لم تكن هناك مشكلة، كلمة الإنفاق وترشيده ليست موجودة في قاموس أندية ليونز بدوري كرة القدم الأمريكية للمحترفين (إن إف إل) وتايجرز بدوري البيسبول (إم إل بي) وبيستونز بدوري كرة السلة الأمريكية للمحترفين (إن بي إيه) وريد وينجز بدوري الهوكي الوطني (إن إتش إل).
على سبيل المثال وقع لاعب تايجرز جاستن فيرلاندر في آذار/ مارس الماضي عقدا لمدة سبع سنوات مقابل 180مليون دولار، فيما مدد الظهير الرباعي لليونز، ماثيو ستافورد تعاقده بشكل مبكر لثلاث سنوات مقابل 53 مليون دولار.
وتعاقد بيستونز مع جوش سميث وبراندون جيننجز في صفقة بلغ إجمالي ما دفع فيها 80 مليون دولار على الرغم من عدم انتماء أي منهما للاعبي الصفوة في هذا المجال.
"إفلاس لديترويت الفقيرة وترف فرقها الرياضية".. عنوان نشرته صحيفة (نيويورك تايمز) لتلخيص الوضع بكلمات موجزة للمدينة التي وصلت ديونها إلى 18 مليار و500 مليون دولار، وهو الأكبر في تاريخ أي بلدة منذ نشأة الولايات المتحدة.
على الرغم من هذا إلا أن مالك فريقي تايجرز وريد وينجز، مايك إيليتش يخطط لإنشاء استاد لفريق هوكي الجليد بوسط ديترويت، بتكلفة تقترب من 650 مليون دولار، من هذا المبلغ 285 مليون من أموال دافعي الضرائب وهو الأمر الذي تسبب في حالة من الاستياء بين سكان المدينة.
وتسبب الوضع الاقتصادي في خفض معاشات 21 ألف موظف حكومي، وأصبح متوسط الدخل السنوي 19 ألف دولار، وفي العديد من الأحياء يضطر السكان لإطفاء أعمدة الإنارة ليلا لترشيد النفقات، بل ويخطط معهد ديترويت للفن لبيع بعض من أعماله.
ولكن حينما يتعلق الأمر بالرياضة يبدو أن كل المشكلات تختفي، خاصة وأن حاكم ولاية ميتشجن ريك شنايدر يبدو متحمسا لمشروع إيليتش لإنشاء الملعب الجديد.
يرى شنايدر أن إنشاء الملعب الذي تبلغ طاقته الاستيعابية 18 ألف مشجع سيزيد على المدى الطويل من أرباح المدينة، ووفقا لحسابات كريستوفر إيليتش نجل مالك الناديين فإن هذا الأمر سينتج عنه خلق ثمانية آلاف و300 فرصة عمل بل وسيكون "حافزا اقتصاديا يحمل آثار ايجابية على اقتصاد المدينة على المدى الطويل".
بالرغم من ذلك فإن فيكتور ماثيسون الخبير الاقتصادي بكلية (هولي كروس) بوركسيستر ماساتشوستيس له رأي مختلف في هذا الشأن حيث يقول "عادة فإن الملاعب الرياضية لا تكون أبدا أداة للتنمية الاقتصادية".
وبالنسبة للخبير الاقتصادي فإن التساؤل الأكبر هو لماذا يقدم إيليتش، الذي تقدر ثروته العائلية وفقا لمجلة (فوربس) بمليارين و700 مليون دولار، على استخدام أموال دافعي الضرائب التي يمكن لمدينة ديترويت استخدامها في مشروعات أكثر أهمية.
جدير بالذكر أن ديترويت لديها بالفعل ملعبين رياضيين بوسط المدينة: ملعب تايجرز كوميريكا بارك وفورد فيلد ملعب ليونز، والذي استضاف في 2006 فعاليات السوبر بول، وكلاهما تم تميوله بأموال حكومية بقيمة إجمالية 300 مليون دولار.
من جانبهم يحاول الرياضيون الذين يتقاضون الملايين إعطاء صورة حسنة عنهم وذلك من خلال إظهار استيعابهم لأوضاع المدينة حيث أن فيرلاندر تبرع بمليون دولار للمحاربين القدامي الذين شاركوا في معارك العراق وأفغانستان وعادوا لديترويت، فيما يقتصر حديث آخرين مثل أليكس آفيلا لاعب تايجرز على معرفتهم بوضع المدينة وضرورة إحراز لقب واهداءه لديترويت لرفع معنويات مواطنيها المتأزمين ماليا.
جدير بالذكر أن40% من سكان مدينة ديترويت يعيشون تحت خط الفقر، في الوقت الذي كانت خلاله ميزانية تايجرز على النقيض من كل هذا في الموسم الماضي حيث وصلت إلى 148 مليون و400 ألف دولار، وهي خامس أعلى ميزانية ضمن 30 فريقا يلعبون بدوري البيسبول الأمريكي وأزيد بنسبة 38% من ميزانيته عام 2011 ، وهو الأمر الذي يعكس مدى التناقض الذي تعيشه المدينة.
دلوقتي تقدر تعرف لجنتك الانتخابية من خلال مصراوي ...اضغط هنا