كتبت- دعاء الفولي
مختلفتان، إحداهما انغمست يداها في السياسة، وكونت رأيًا لكل شيء، ومع الوقت شعرت أن صوتها لا يهم، وتوقفت عن الكلام، بطريقتها الخاصة، أما الثانية فلم تتكلم من البداية، تسمع فقط، ولا يحركها شيء لتغير إصرارها على عدم الاهتمام، ورغم اختلافهما في كل شيء، إلّا أنهما اتفقتا على مقاطعة استفتاء الدستور، ولكل منهما سببها الخاص.
الأولى ''آمال سامي''، دستور 2013 في عهد مرسي وتعديلاته في 2014، لا يختلفان عندها كثيرًا، حيث أنها في المرة الأولى كانت معترضة على مادة المحاكمات العسكرية، بينما هذه المرة ''حاسة إن البلد مش بتاعتنا.. الدستور ميخصنيش في شيء''.
24 عام هو عمر ''آمال''، تخرجت في كلية الإعلام جامعة القاهرة، السياسة جزء متأصل من عملها كباحثة إعلامية، ومن حياتها الشخصية أيضا، اعتراضها ليس على السلطة الحالية فقط ''هو كده كده اللي بيحكم البلد بيفتكر إنها بتاعته.. سواء مرسي أو السيسي''، ولذلك الاستفتاءات لم تُصبح في الحسبان، بالإضافة إلى اعتراضها على حدوث استفتاء بينما قُتل كثيرون في فض اعتصام رابعة العدوية.
''مش هنزل في أي حاجة.. لا مجلس شعب ولا غيره''، قالت ''آمال''، لأنها تعتقد أن القوانين التي يتم صياغتها ممكن تغييرها في مصر بجرة قلم، دون اعتبار للمواطنين، فلماذا تهتم من البداية، ''انا مقريتش الدستور.. مفكرتش أبص عليه'' على حد قولها.
سيدة: ''مليش في الدستور''
حجرة أسفل سلم العمارة، طفل يلهو في الأنحاء، يرفع يده للسكان يُحييهم، يعرفه قاطنو العقار باسم ''علاء''، يداعبونه صعودا ونزولا، يلقون التحية على والدته الجالسة داخل الحجرة دائما، إلا أن يستدعيها أحدهم لشراء شيء ما، بينما الأب ينحت الطرقات بـ''توك توك'' بحثا عن رزق أفضل لزوجته وابنه، وهي تنتظره.
جلست ''سيدة'' أمام التليفزيون، تتابع مسلسلا، لم تفكر في متابعة شيء يتعلق بالدستور أو استفتاءه، حتى ولو للفضول، الأحداث العامة للبلد لا تعنيها كثيرا، تقضي يومها في تلبية حاجات سكان العمارة، بين الذهاب لشراءها أو مساعدة النساء في بيوتهن، وفضلا عن أن ذلك عملها الأساسي، لكنها لم تتعود الحكي في السياسة ''مليش فيها'' على حد قولها.
المنيا هي بلد ''سيدة''، تحديدا قرية مغاغة، ورغم وجود لجان الاستفتاء هناك إلا أنها لم تستفتي غير مرة واحدة، وبعد محاولة للتذكر تقول إن ذلك الاستفتاء كان التعديلات الدستورية في عهد المجلس العسكري ''قلت موافقة.. زي ما كل الناس قالت''، أما فيما عدا ذلك فلم تجرب، وكذلك أسرتها الصغيرة ''أمي مش عم بتروح تصوت في حتة ولا اخواتي''، لها ثلاثة اخوة من الذكور، ترتيبها الثاني بينهم. لم تتعلم ''سيدة'' ولم تدخل مدرسة منذ الصغر.
بالنسبة لاستفتاء دستور 2014، لا تنوي ''سيدة'' الذهاب، كما تعودت، رغم قولها '' كنت بفكر أروح لو ينفع أصوت هنا في مصر''، وبعد حساب الأمر مرة أخرى، أخذت قرارا أخيرا بعدم الذهاب كالعادة.
الجو العام للاستفتاء بمحافظة المنيا أفضل بالنسبة للزوجة ذات الـ22 عاما، من القاهرة ''هناك الدنيا هادية.. إنما هنا لأ''، المظاهرات والازدحام وتداخل الآراء، أشياء لا تحبها ''سيدة'' في القاهرة، بينما مغاغة يعرف أهلها بعضا، ولا يتصارعون رغم اختلاف وجهات النظر.
علاقة ''سيدة'' بالشخصيات السياسة على الساحة تتوقف على القليل الذي تسمعه، بالنسبة لها ''اسمعهم يقولوا السيسي كويس.. وبشوفهم عاملين له أغاني وطنية''، والإخوان ''بسمع عنهم حاجات مش حلوة''، وفي كل الحالات ''ربنا يعلم بكل واحد لو صح ولا غلط''. كل ما يهم ''أم علاء'' أن ''البلد تستقر وتبقى رايقة''.
دلوقتي تقدر تعرف لجنتك الانتخابية من خلال مصراوي ...اضغطهنا