كتب- محمد منصور:
في نهار جمعة مشرق من عام 1876، صعد مساعد المُخترع جراهام بيل درجات السلالم بسرعة كبيرة، على وجهه ارتسمت ملامح الحبور والسعادة، فق سمع للتو صوت رئيسه عبر أثير الهاتف وهو يقول "واتسون.. تعال إلى هنا"، ليخلد في تاريخ تطور البشرية؛ كأول رجل يُسمع اسمه بواسطة هاتف ثابت.. هكذا يقول التاريخ، غافلاً ذكر أشخاص ساءت حظوظهم، ونُسب اختراعاتهم لغيرهم، فالحقيقة المؤكدة، أن "جراهام بل" لم يكن أول من اخترع هاتف ثابت، فقبل أن يُعلن "بل" عن اختراعه بعامين كاملين، كان "فيليب رايس" ينازع الموت على فراشه في مدينة ألمانية نائية بعد أن اهدي البشرية أول هاتف في تاريخها.
"فيليب" ألماني المولد، جاء إلى الدنيا في يوم 7 يناير من العام 1834، اهتم بالعلوم منذ الحداثة، ودرس الفيزياء وكيفية انتقال الأصوات في الهواء، اهتم بتلك المناحي طيلة عمره، ليبدأ بعد ذلك في دراسة تشريح الأذن البشرية، سنوات قضاها الرجل تحت سقيفه بيته ودون أدني تمويل باحثاً عن وسيلة يتمكن عن طريقها من نقل الأصوات إلى مسافات بعيدة.
غشاء الأذن الذي يهتز نتيجة الموجات الصوتية ألهمه بفكرة حاول تطبيقها.. في عام 1861 كان "فيليب" يُلقي محاضرة على طلاب بالصف المتوسط، حيث كان يعمل مدرساً للعلوم، تلك المحاضرة تناولت أساليب نقل الصوت، لمعت في ذهنه فكرة ما، وباستخدام أبرة حياكة وأذن حيوان وأسلاك معدنية، تمكن "فيليب" من تحويلها إلى حقيقة، واستطاع صناعة أول هاتف في تاريخ العالم، وباستخدام آلته الجديدة، وفي التجربة الأولي؛ تمكن "فيليب رايس" من نقل الصوت لمسافة تزيد عن 300 قدم "حوالي 100 متر"، على عكس "جراهام بل" الذى يُنسب إليه اختراع |أول هاتف والذي تمكن من نقل الصوت لعدة عشرات من الأمتار في تجربته الأولي.
عرض الرجل فكرته على العلماء، فقابلوها ببعض الصلف والغرور، بحث عن تمويل، فأعرض عنه رجال الأعمال، حاول تطوير آلته، إلا أن قلة الأموال وقفت كحائط سد في وجهه، وفي عام 1874 رحل في صمت ليطوي اختراعه الفذ النسيان، وليعلن بعدها "بل"، الذي خاض ابحاثه وصنع اختراعه بمجهوده الفردي ولم يقتبسه من أحد، عن أول هاتف في التاريخ يتم تسويقه على مستوي تجاري، ليكتب على صفحات التاريخ أسم "جراهام بل" بحروف من نور فيما يبقي "فيليب رايس" طي النسيان والنكران.
دلوقتي تقدر تعبر عن رأيك في مواد الدستور الجديد من خلال استفتاء مصراوي..شارك برأيك الآن