كتبت - نوريهان سيف الدين:
اسّمى نفسه ''مهيب الركن''، واسماه مؤيدوه ''صقر العرب''، اختلفت حوله الآراء ما بين ''العروبي والقومي'' المحافظ على الروح العربية ضد الهيمنة الغربية، و بين ''السفاح المجرم الدموي'' المستحق لنهايته المأساوية على أيدي أعداءه، لكنه بقى لغزا تتضح فيه مشاهد التناقض، و جاء يوم إعدامه ليثير تعاطف الناس معه.
7 سنوات مرت على إعدام ''صدام حسين'' الرئيس العراقي الأسبق، و صاحب الـ(24 عاما) على كرسي الحكم العراقي، مثير المشاكل مع الجيران و الاعداء على حد سواء، و القائد القوي الصلب الذي لم ينكسر حتى على أعتاب المشنقة، و قبيل الذكرى السابعة لإعدامه، يخرج المشرف على منفذ حكم الاعدام ''موفق الربيعي- مستشار الأمن القومي العراقي السابق'' ليكشف كواليس الساعة الأخيرة في حياة ''مهيب الركن''.
''راعي الغنم'' ابن ''قارئة الطالع''
الميلاد في 28 ابريل 1937 بمنطقة ''العوجا'' بمدينة ''تكريت'' التابعة لمحافظة ''صلاح الدين'' العراقية، تنتمي اسرته لعشيرة ''البيجات السُـنيّـة''، و عمل في طفولته برعاية الغنم المملوكة لأسرته ليكفل الاسرة بعد رحيل الأب والأخ الأكبر وهو لا يزال جنينا، و امتهنت والدته ''قراءة الطالع و التنجيم''.
التحق بمدارس تكريت وبعد إنهاء دراسته الثانوية، التحق بـ''الشبيبة العسكرية''، ونمى بداخله الحس الثوري بعد موجة الثورات العربية و التحرر من الاستعمار، ثم انضم لـ''حزب البعث''، و برق نجمه سريعا و تصاعد نفوذه، و كان قبلها قد انضم لـ''أكاديمية بغداد العسكرية'' منخرطا في القوات المسلحة العراقية.
تزوج ''صدام'' من ابنة خاله ''ساجدة'' عام 1962، و انجب منها ولديه (قصي و عدي) و بناته (رغد و رنا و حلا)، ثم تزوج للمرة الثانية في 1985 من ''سميرة الشهبندر'' و أنجب منها (عليّ)، و كانت اسرته من أقاربه و نسباءه تحظى بنفوذ واسع في العراق بعد توليه السلطة، و هي العائلة التي أبادت قوات التحالف أغلب أفرادها بعد دخولها للعراق 2003.
رجل الثورة والرئيس الرابع من ''الضباط الأحرار''
سقطت الملكية العراقية أواخر الخمسينات في مشهد دموي عنيف، و جاء ''عبد الكريم قاسم'' كأول رئيس للجمهورية، و ما لبث أن تعرض لمحاولة اغتيال فاشلة على أيدي ''صدام'' و رفاقه، ثم جاء للقاهرة للدراسة بـ''كلية الحقوق بجامعة القاهرة''، و بعدها عاد لبلاده عقب الانقلاب على ''قاسم''، و تهيأت الفرصة لـ''صدام'' ليظهر في الكادر، وما لبث ''قاسم'' أن اعدم بالرصاص بعد محاكمة تليفزيونية قصيرة.
جاء ''عبد السلام عارف'' رئيسا للجمهورية، و اسقط على أيدي ''صدام'' و رجاله أيضا، و بدا أن الرجل الحديدي سيكون ''صدام''، لكن الفرصة لم تأت بعد ليصبح الرجل الأول بالعراق، ثم جاء ''أحمد حسن البكر'' و جاء معه صدام ''نائبا'' له، و ظهر صدام بالفعل كرجل سياسة محنك خاصة أثناء ''ثورة الأكراد'' و النزاع على ''شط العرب''، ثم تنحى ''البكر'' لأسباب صحية، و جاء ''صدام'' رئيسا للعراق في 16 يوليو 1979، سعى فيها لتوطيد أركان حكمه بتعيين أقاربه في المراكز الهامة بالدولة، و قمع أعداءه و معارضيه.
إيران أمريكا سوريا.. أعداء ''صدام''
ركلة البداية كانت أمام ''الخوميني'' و الحرب الايرانية العراقية، و فيها وقفت ''أمريكا'' بصف ''صدام'' لمواجهة ''ثورة المرشد'' الذي وصف أمريكا بـ''الشيطان الأكبر''، إلا أن صعود صدام فاق التوقعات، و بدأت أنيابه في الظهور المضاد لأمريكا نفسها.
''سوريا'' هي الأخرى كانت ضمن ''الجيران الأعداء''، و ذلك عقب تأييدها لحليفتها ''إيران'' في حربها على العراق، و بادلها ''صدام'' العداء و إن كان خفيا، مستغلا مشاكل النقاط الحدودية و انابيب البترول و الأكراد و استقطاب ''معارضي حافظ الأسد''.
أما ''الولايات المتحدة'' فبدأت تكيل العداء له و تتهمه برعاية الارهاب و حيازة اسلحة محرمة دوليا و انتهاك حقوق الانسان، لا سيما بعد ''ابادة الأكراد'' و تصفية المعارضين و المقابر الجماعية، و ''غزو الكويت''
''الفجر الأحمر'' .. ليلة سقوط ''صدام'' على يد ''أمريكي عراقي''
بعد دخول قوات التحالف ''الأنجلو أمريكية'' للعراق في مارس 2003 و سقوط نظام ''صدام''، فوجئ العالم باختفائه، و ترقبوا كثيرا إلقاء القبض عليه، و هو ما تحقق في 6 ديسمبر 2003 بمزرعة بـ''تكريت''، و هي العملية التي عرفت بـ''الفجر الأحمر''
ظهر ''صدام'' ملقى على الأرض اشعث أغبرتن يقف عليه ''سمير'' مجند المارينز الأمريكية ذو الأصل العربي، و الذي قال أن عملية القبض عليه ضمت 20 فرد مارينز من بينهم 8 من اصول عربية، و لاقوا مقاومة عنيفة للغاية من ''صدام'' الذي بادلهم اطلاق النار من بندقيته و يقتل ''مجند من اصل سوداني''.
''السجن'' شهد كواليس عدة، فكان ''صدام'' يحتفظ بفتات الخبز لإطعام الطيور، كما يهتم بسقاية مزرعة السجن بنفسه، و ''السيجار'' و القهوة لا يفارقانه، و صرح ''الممرض الأمريكي'' المشرف عليه فقال: ''كان من النادر أن يشكو صدام خلال فترة أسره وإن الأوامر له كانت صارمة للقيام بكل ما هو ضروري للإبقاء عليه حياً وإن كولونيلا قال لي إن صدام لا يجب أن يموت وهو قيد الاعتقال الأمريكي''.
تطوع (4 محامين) للدفاع عنهم و هم ''وزير العدل القطري السابق، وزير العدل الأمريكي السابق، محامي أردني و محامية لبنانية''، و انتهت المحاكمة على خلفية أحداث ''الدجيل'' بإعدام صدام ''شنقا''، و نفذ الحكم فيه في 30 ديسمبر 2006، و هو ما اعتبره الكثير ''إهانة'' و ''ذبح ضحية'' لموافقته لأول أيام عيد الأضحى لدى المسلمين، في حين وقف ''صدام'' متحديا شانقه، قبل أن ينطق بالشهادة و يتدلى على المشنقة، و ينقل جثمانه بطائرة عسكرية لتتسلمه عشيرته و يدفن بمسقط رأسه.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك...اضغط هنا