كتبت - نوريهان سيف الدين:
عقارب الساعة تقترب من السادسة مساءً، طقس بارد نوعًا ما ساعد على هدوء حركة المارة في بعض شوارع العاصمة المكتظة بالمارة والسكان، إلا أن في هذا الشارع تحديدًا كانت الحركة ''شبه معدومة''، ورغم الظلام وبعض المدرعات والأسلاك الشائكة و بعض جنود الأمن المركزي المنتشرة أمام مبنى مظلم، إلا أنك تتنبه وقتها بأنك تسير أمام ''وزارة الداخلية''، لا يقطعك عن هذا المشهد سوى ''عربة حمص الشام''.
''عم جورج'' القادم بعربته اليدوية وعليها ''قدرة حمص الشام'' وصبق كبير ممتلئ عن آخره بأنصاف حبات الليمون، قادته أقدامه و برودة الجو لأن يجوب الشوارع بحثا عن ''زبون'' طالب للدفء من خلال ''كوباية حمص الشام'' الممتلئة بـ''الشطة''، إلا أن أقداره قادته أمام ''مبنى الداخلية'' بميدان ''لاظوغلي''، وعلى الرغم من تنبيهات ''العساكر والباشاوات'' بأنه ممنوع الوقوف أمام ديوان الوزارة، إلا أن العساكر تسابقوا فيما بينهم في ''حمية شرائية'' بحثًا عن تسلية دافئة.
أحد عساكر الأمن تسمعه يفاصل في ''سعر الكوباية''، ويقول له أنه قادم من ''المرج'' للوقوف في الوردية المسائية لحماية مبنى الوزارة في الترتيبات الأمنية الخاصة بعشية ذكرى ''أحداث مجلس الوزراء''، ورغم ''رفع الحظر''، إلا أن القلق والترقب راود ''جورج''، وخوفًا على بضاعته من احتمالية المصادرة، وخوفه الشخصي من الاشتباه في شخصه والتحقيق معه، إلا أن ''العساكر'' طمأنوه أن العملية لن تستغرق أكثر من ''خد وهات''، بعدها عليه مغادرة المكان لكيلا يسبب لهم المشاكل من ''تفتيش الرتب الكبيرة''.
ليلة ''ذكرى أحداث مجلس الوزراء''، مرت على الشوارع المؤدية لوزارة الداخلية وهي ''خاوية على عروشها''، بينما عجت بعض الشوارع القريبة بالتظاهرات، لا سيما ''كوبري قصر النيل'' ومدخله المؤدي لـ''ميدان التحرير''، إلا أن قوات الأمن حرصت على إغلاق المدخل أمام ''مبنى الجامعة العربية'' باستخدام المدرعات والمتاريس السلكية، فضلًا عن أنها فضت مظاهرة كانت متجهة من ''القصر العيني'' باتجاه الميدان، مستخدمة ''خراطيم المياه'' و''قنابل الغاز المسيل للدموع''، مما أعاد للأذهان صورة قريبة من الأحداث الأولى التي مرت ذكراها الثانية بالأمس.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك...اضغط هنا