كتبت - نوريهان سيف الدين:
تقلب مؤشر الراديو منتقلا بين ''البرنامج العام'' و''إذاعة الأغاني''، تجد صوتها حاضرًا بكثافة، تستمع إلى أغنياتها الجميلة ذات الطابع ''الشعبي الراقي''، لا تلبث أن تجد أيقونتها المميزة ''ما تزوقيني يا ماما''، وفورًا تستحضر مشاهد راسخة في ذاكرتك لأفراح الأسرة والأقارب، وفيها يكون صوت ''مها صبري'' أيقونة للفتيات في ليلة زفافهن.
''مها صبري'' التي حلّت الذكرى الـ24 لوفاتها في 16 ديسمبر، واحتفلت بها الإذاعة المصرية باستعراض أغانيها و لقطات عن حياتها و ''كواليس'' من خلف الستار عن هذه النجمة الجميلة.
اسمها الحقيقي ''زكية فوزي محمود'' من مواليد القاهرة في 22 مايو 1932، تزوجت في سن صغيرة من رجل يكبرها بعدة سنوات، و انجبت منه ابنها الأول ''مصطفى''، ثم ما لبث الزواج أن انتهى بالطلاق لتتزوج بعده من تاجر ميسور الحال، و تنجب منه ابنتيها ''نجوى و فاتن''، و ينتهي هذا الزواج بالطلاق أيضا، و خلال تلك الفترة تشق طريقها الفني بالغناء في المناسبات.
تكتشفها المنتجة ''ماري كويني'' وتقدمها في دورها السينمائي الأول أمام ''رشدي أباظة'' و''عبد السلام النابلسي'' في فيلم ''أحلام البنات - 1959''، و هنا يختار لها ''النابلسي'' اسما فنيا مميزا هو ''مها صبري''، لتكتمل به صورة الشابة الجميلة وجها و اسما، و قدمت في السينما أدوارا مميزة أشهرها ''زبيدة- سلطانة العوالم'' في رائعة ''الثلاثية - بين القصرين'' للأديب ''نجيب محفوظ''، أمام ''يحيى شاهين'' و المخرج ''حسن الإمام''.
تتوالى الأعمال السينمائية، وتقدم في العام التالي أكثر من 5 أفلام دفعة واحدة، وتشارك في إحياء الحفلات الغنائية ومن ضمنها حفلة حضرها ''المشير عامر'' ومعه رجال مكتبه، وكان من عادة الفنانين والمطربين هذا الوقت بعد إكمال وصلتهم الغنائية أن ينزلوا لتحية ومصافحة ''رجال الصف الأول بالمسرح''، ونزلت ''مهى'' لتصافح ''المشير'' و من بعده رجلا عرفت أنه مدير مكتبه و ''الذراع الأيمن للمشير عامر''، فشكت إليه مشكلة يواجهها أحد أقاربها، فما كان من الرجل المرتدي لـ''البدلة الميري'' والبادي عليه ملامح الابهة والفخامة العسكرية إلا أن أعطاها أرقام تليفوناته، وطلب منها أن تتصل به ليحل المشكلة.
كان هذا الرجل ''العقيد علي شفيق''، مدير مكتب وزير الدفاع ''المشير طنطاوي'' آنذاك، وبتكرار الاتصال والمقابلة، نشأت قصة حب بين ''المطربة و السياسي''؛ فعرض عليها الزواج ووافقت، فاشترط عليها أن تترك الغناء وحياة المشاهير والظهور في الأماكن العامة احترامًا لسمعته ووظيفته، حتى أنه بعد الزواج تحرك ومنع إذاعة أغانيها من الراديو، إلا أن هذا الزواج ظل ''سريًا''، لم يكتشف إلا بعد ''نكسة 67''.
جاءت ''النكسة'' وكشفت سلسلة من علاقة رجال السياسة بالفنانات، ومن بينهم ''المشير وبرلنتي عبد الحميد'' ومدير مكتبه ''علي شفيق ومها صبري''، و بعد انتحار ''عامر''، تعرض ''شفيق'' للاعتقال، ولم تجد ''مها'' مصدرًا للإنفاق، فلجأت إلى ''أم كلثوم'' لتتدخل لدى ''رجال الثورة'' أن يساعدوها، إلا أنها ساعدتها بالغناء في الحفلات والعودة من جديد للطرب.
وبعد خروج زوجها من المعتقل ظل قيد الإقامة الجبرية في منزله، ولم يخف الضغط عنها وعن زوجها إلا بعد رحيل ''ناصر''، وممارسة زوجها للتجارة، التي تطورت بعدها إلى ''تجارة السلاح''.
انتقلت ''مها'' للغناء في لبنان، ومنها جاءها عرض للغناء بأحد الملاهي الليالي بالعاصمة ''لندن''؛ فانتقلت إليها برفقة زوجها عام 1977، إلا أن زوجها ''قتل'' هناك، وعادت إلى مصر سريعًا، لتقدم آخر أفلامها ''ياما أنت كريم يارب - 1984''، و بسبب وضع المنتج لاسمها بشكل غير لائق على ''الأفيش'' اعتزلت الفن نهائيًا.
''الجن والشعوذة والزئبق الأحمر''، كانت سطور النهاية في السنوات الأخيرة للنجمة الجميلة ''مها صبري''، وخلال هذه الفترة اتجهت لأحد الدجالين الذي اقنعها بشرب ''الزئبق الأحمر'' لتقي نفسها شرور ''الجن والأعمال''، إلا أن لقاءها مع ''الشيخ الشعراوي'' أعاد لعقلها الصواب، ولكن بعد أن فتك ''الزئبق'' بصحة كبدها، وأصابها بقرحة المعدة، وظلت تعاني منها 4 سنوات، انتهت بوفاتها في 16 ديسمبر 1989.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة..للاشتراك...اضغط هنا