كتبت - نوريهان سيف الدين:
ميدان لم يهدأ ساعة منذ سنوات، بين ''مارة'' يسعون لقضاء أعمالهم، وباعة جائلون يشغلون الأرصفة للمناداة على بضائعهم، ومصلون يهرولون للحاق بالصف الأول بالمسجد العريق، إلا أن المشهد زاد عليه رجال شرطة امتلأ بهم الميدان، وغاب عن المشهد السائحون الذين طالما ازدحمت بهم المقاهي المتاخمة للمسجد.
''ميدان الحسين''.. أو ما يعرف بـ''المشهد الحسيني''، على عكس المتوقع في هذا اليوم واحتفال المصريين بذكرى ''ليلة عاشوراء'' الدينية، خلى الميدان بشكل ملحوظ من المارة، في حين حرص رجال الشرطة التابعون بقوة قسم الجمالية على تأمين المكان، وإجلاء الباعة لعدم إشغال الطريق، وخوفًا من دخول المجموعات إلى داخل ''مسجد الحسين''.
ما يقرب من 30 فرد شرطة انتشروا في أرجاء المكان، وأجبروا الباعة والشحاذين على ترك أماكنهم التي أصبحت ''كالأملاك الشخصية'' بالنسبة لهم لا يبرحوها، ووضعت حواجز حديدية للتقليل من حركة المارة في المكان، في حين قال ''العقيد عاطف خضر - قسم شرطة الجمالية'': ''حاليًا بنشيل التعديات على الشارع والإشغالات، وشوية شوية هنرجع الأمن تاني للمكان، لكن الحمد لله مفيش حركة غريبة، وحكاية إن أفراد الشيعة هيتجمعوا في الحسين محصلتش ومش هتحصل السنة دي''.
''الشيخ مصطفى البرهامي''.. بجلبابه الأبيض وشاله الأخضر، جاء يهرول من ناحية ''المكتبات'' المجاورة للمسجد، بينما ''آذان المغرب'' على وشك الانطلاق، من مظهره تعرف أنه تابع لإحدى الطرق الصوفية، وحديثه أثبت ذلك، فقال: ''السنة دي شيعة مصر قالوا إنهم هيحتفلوا بيوم عاشوراء في مسجد سيدنا الحسين، لكن تراجعوا في النهاية عشان أحداث البلاد وميحصلش خلاف بينهم وبين السلفيين، لكن الليلة بعد صلاة المغرب هيكون فيه درس وخطبة من الشيخ كمال، أحد علماء الأزهر الشريف، وهتكون عن الهجرة النبوية والدروس المستفادة منها، بعدها هنصلي العشاء ونخرج عادي جدًا''، حسب قوله.
''الترتيب للاحتفال بعيد ميلاد السيسي''.. تكاد أن تكون ''نكتة الموسم'' عندما تسمعها من ''الشيخ مصطفى''، لكن بمزيد من الإيضاح تتيقن أنها ''حقيقة منطقية''، والتي فسرها قائلاً:'' الأسبوع الجاي هيكون في احتفال بعيد ميلاد الفريق السيسي هنا في الجمالية لأنه أصلًا من حارة البرقوقية في شارع المعز، وإحنا جوه مع بعض مشايخ الصوفية بننسق المشاركة في الاحتفال ده وغالبًا السيسي نفسه هيحضره''، على حد زعمه.
أما المارة في الشارع فلم يختلف حالهم كثيرًا عن حال ''الباعة الجائلين''، شرود بدا على الوجوه من انتشار الشرطة في المكان وإجبار الشحاذين على مغادرة المكان، وهو ما علق عليه ''الحاج مرزوق'' القادم من حي ''القلعة'' للصلاة وشراء بعض المستلزمات من ''خان الخليلي'' قائلًا: ''مخليين منظر المكان ميسرش وبدل ما كان السواح ماليين الميدان دلوقت المحلات بتهوي والحال واقف، خلينا نشتغل شوية بأه''.
أما ''محمد''، بائع ''البلالين''، الذي تسلل خلسة على الرصيف المقابل للمشهد الحسيني، ليستطيع بيع بضعة ''بالونات'' لينهي يومه مبكرًا، قال: ''والله الحال واقف ومحدش فاهم إيه حكاية الشيعة، أنا سمعت عنها بس محدش جه''.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة..للاشتراك...اضغط هنا