كتبت - إشراق أحمد:
أخبرتها والدتها أن ترافق شقيقتها؛ فقد فرغت أسطوانة الغاز، ولم يعد هناك ما يشعل ''البوتاجاز''؛ ارتدت عباءتها السوداء قاصدة المخزن القريب من منزلها بمنطقة البساتين على مشارف الظهيرة.
وجوار باب مخزن توزيع أسطوانات ''البوتاجاز''، الذي لم يفتح بابه منذ الصباح الباكر، جلست ''حنان'' بين جمع من النساء، تستمع لهذه وقد ملت الانتظار منذ السابعة صباحًا، وتلك تصب لعانتها على المسؤولين، وأخرى ترى أنها أزمة مفتعلة، وكلمات أم تطمئن عبر الهاتف المحمول عن عودة نجلها من المدرسة، وهؤلاء يكسرون ملل الانتظار بتبادل الحديث.
ملامحها الصغيرة اختلفت عن المفترشين للأرض الذين غلب عليهم كبر السن؛ ارتكنت إلى ''أنبوبة الغاز'' التي أحضرتها مع شقيقتها الكبرى، تارة تجلس عليها وأخرى تقف جوارها واضعة يدها على حوافها، فأسطوانتها كحال غيرها اصطف جانب بعضه البعض في انتظار استبداله بأخرى ممتلئة.
قليلة الكلمات كانت ابنة الصف الأول الثانوي، لا تعبأ كثيرًا لمن حولها إلا بالاستماع، فما يهمها العودة لوالدتها بـ''أنبوبة'' ممتلئة، كما أنه اليوم الأول لها في صفوف الانتظار جوار المخزن، فلم تكترث للحديث عن معاناة لم تحضر منها سوى ساعات.
تلبية ''حنان'' لنداء والدتها بمرافقة شقيقتها لإحضار ''أنبوبة'' استلزم تغيبها عن المدرسة ''ما روحتش النهاردة عشان الأنبوبة، هنعمل إيه طيب''، لتتبادل مع شقيقتها الانتظار جوار ''الأنبوبة''؛ لحجز مكان في الصف الذي سيتشكل مع قدوم عربة أسطوانات ''البوتاجاز'' إلى المخزن.
أربعة ساعات مرت على ''حنان'' مع اقتراب غروب الشمس، ولا تزال في انتظار قدوم عربة أسطوانات الغاز حتى الحصول على'' أنبوبة''، حتى لا يضيع اليوم هباءً، مكتفية بالجلوس صامتة وتمضية ما تبقى من وقت غير معلوم انتهاءه بالنظر إلى المارة ''قاعدة لوحدي بتفرج على الناس اللي رايحة واللي جاية''.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة..للاشتراك...اضغط هنا