كتبت - يسرا سلامة:
على مسافة قريبة من مصب الترعة بعزبة ''الجمّال''، كانت ''حبيبة''، السيدة الخمسينية، بجلبابها الرث ومنديلها المعقود فوق رأسها، تسترخي على أحد جدران منزلها الغارق في مياه الصرف.
عيناها تنظر تارة إلى ما تبقى من ملابسها هي وأسرتها، وأخرى إلى أطفال يلهون بين جنبات ''العزبة''، بينهم ولدها ذو الخمسة أعوام، تراقبه من بعيد، في انتظار أن تحدث معجزة وتعيد لها بيتها مرة أخرى بعد ما حدث.
تذكر ''حبيبة'' ما حدث في وقت ''المغربية'' أول أيام عيد الأضحى، عندما ارتفع منسوب المياه عن الجسر بجوار منزلها، ليكون منزل ''حبيبة'' أحد أقرب المنازل لتلقي مياه الصرف الصحي ''بصينا لقينا الميه داخلة علينا فجأة ما نعرفش دخلت إزاي''.. لحظات مرت سريعة على ''حبيبة'' لكنها بقيت في ذاكرتها، لتذكرها بالمأساة.
عدد من المواشي والدواجن التي كانت تربح منهم ''حبيبة'' جرفتهم المياه، لتبقى ظروف المعيشة الصعبة تواجهها وأطفالها الستة مع زوجها، الذي يعمل ''أرزقي''، كما تقول، ينتظر نهار كل شمس من أجل جنيهات قليلة.
كما لم تبقِ المياه على سقف بيت ''حبيبة''؛ فهي وأطفالها ينامون ليلتهم في العراء، لا تكفيهم الـ''2000 جنيه''، التي حصلت عليهم من المحافظة، لتعويض ما أفقدته المياه.
''المياه دهولت عزالنا وحاجتنا كلها''.. بحزن وأسى تصف ''حبيبة'' ما حدث لها ولبيتها، بعد أن بقيت الحادثة على مجموعة ''بطاطين''، وبعض من ملابس، لتقضي وسطهم يومها، كل ما تحلم به ''حليمة'' منزل مثل الذي جرفته المياه ''وسقف يحميني أنا وعيالي لما الدنيا تشتي''.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ... اضغط هنا