ايجى ميديا

الأحد , 24 نوفمبر 2024
ايمان سمير تكتب -وقالوا عن الحرب)مني خليل تكتب -اثرياء الحرب يشعلون اسعار الذهبكيروش يمنح محمد الشناوي فرصة أخيرة قبل مواجهة السنغالايمان سمير تكتب -عيد حبعصام عبد الفتاح يوقف الحكم محمود بسيونيمني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الرابعالمصرى يرد على رفض الجبلاية تأجيل لقاء سيراميكا: لماذا لا نلعب 9 مارس؟مني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الثالثمني خليل - احسان عبد القدوس شكل وجدان الكتابة عنديالجزء الثاني / رواية غياهب الأيام كتبت / مني خليلإحاله المذيع حسام حداد للتحقيق وإيقافه عن العملتعاون بين الاتحاد المصري للدراجات النارية ودولة جيبوتي لإقامة بطولات مشتركةغياهب الايام - الجزء الاول - كتبت مني خليلاتحاد الكرة استحداث إدارة جديدة تحت مسمى إدارة اللاعبين المحترفين،كيروش يطالب معاونيه بتقرير عن فرق الدورى قبل مباراة السنغال| قائمة المنتخب الوطني المشاركة في نهائيات الأمم الأفريقية 🇪🇬 .... ⬇️⬇️اللجنة الاولمبية تعتمد مجلس نادي النصر برئاسة عبد الحقطارق رمضان يكشف سر عدم ترشح المستشار احمد جلال ابراهيم لانتخابات الزمالكنكشف البند الذي يمنع الدكتورة دينا الرفاعي من الاشراف علي الكرة النسائيةوائل جمعة نتتظر وصول كيروش

''عزبة الجمَّال''.. قرية تحت رحمة ''الغرق''

-  
عزبة الجمَّال.. قرية تحت رحمة الغرق
عزبة الجمَّال.. قرية تحت رحمة الغرق

كتبت - دعاء الفولي ويسرا سلامة وإشراق أحمد:

''منّزَل'' على الطريق يحتاج الوصول إليه الخروج من زمام العمران بحلوان، مرورًا بالمصانع المنتشرة بصحرائها، وأخيرًا حزام أخضر على الجانبين ذو طابع قروي، تستغرق رحلة الوصول إليه بعد المرور على أكثر من ''عزبة'' ساعة على أقل تقدير.

لا توجد لافتة تشير إلى المكان لكنه معروف لسائقي أسفلت ذلك الطريق، فقط مبنى ذو طابق واحد على الجهة الأخرى من ''المنّزَل'' حمل رسم أطفال كتب عليه ''مدرسة عزبة الجمّال''.

عربات النقل الثقيل تنتشر على الطريق، بينما تختفي وسائل النقل مع العزم على التقدم نحو المدخل، إلا من سيارة خاصة لأحدهم تظهر في طريقها للخروج، أو ''توك توك'' استوقفه أحد أهالي ''العزبة'' من الخارج، ليتمكن من قطع المسافة داخلها، ليستوجب على الدالف إلى هناك، إما انتظاره حتى يعود من الداخل مرة أخرى أو السير في الطريق الترابي، إذا لم تكن صاحبًا ''الحمار''، وسيلة التنقل الأكثر انتشارًا في ''الجمّال''.

''أرزُقي'' هو عمل أهالي ''عزبة الجمّال'' التي تتبع قرية ''الأقواز'' إحدى قرى مركز الصف بمحافظة الجيزة؛ فمن لا يعمل بالفلاحة لعدم امتلاكه قطعة أرض، يتجه للعمل ''بتقطيع'' الطوب كحال الكثير من سكان ''الجمّال''، بينما تتولى النساء شؤون البيت، وإذا زاد على ذلك كان لتربية الماشية إذا وجدت.

عزبة تفتقر للحياة

عزبة الجمَّال

لا مكان للتعليم هناك؛ فأقرب مدرسة تبعد ما يقرب من 2 كيلو متر، وإن كان هناك من استكمل التعليم للمراحل الجامعية، لكن في الغالب العمل لتحصيل المال المعين على الحياة.

وعلى بعد أمتار عديدة بين البيوت تمتد مياه تسري عبر مواسير صغيرة داخل جسر أسمنتي يطلقون عليه ''المخر''، لا يفصل بينه وبين ما جاوره من بيوت سوى طريق ترابي ''ردم''، وضعته جرارات القوات المسلحة مؤخرًا بعد حادث غرق المنازل الذي نتج عن تسرب المياه.

''المخر'' الذي كان منذ سنوات مطلب من أهالي ''العزبة'' ليعمل على حمايتها من خطر السيول، أصبح مشكلة تؤرق الأهالي، خاصة مع تنامي الحشائش المعيقة للمجرى، وبالتالي ارتفاع منسوب المياه بشكل حاد وصل لغرق البيوت.

حالة الغرق التي تعيشها ''الجمّال'' لم تكن أسوأ ما يعانيه سكانها؛ فهناك نقص الخدمات الشديد الذي يشكو منه سكان المنطقة؛ فالمنازل تفتقر للكهرباء، والمياه النظيفة، ولا توجد وحدة صحية إلا على بعد لا يقل عن 2 كيلو متر، على حد قول الأهالي.

جوار ''طلمبة'' مياه وقف ''رجب عبد العظيم''، على بعد خطوات من منزله، الذي اضطر لتعلية أساسه، ليتفادى حالة الغرق التي تسببها المياه بين الحين والآخر ''ما فيش غير الطلمبة دي بنملى منها، ما فيش مياه نضيفة''.

''روحنا قدمنا على عدادات للكهرباء في الوحدة المحلية، قالوا لنا ما فيش''.. هكذا يشكو ''عبد العظيم'' من عدم وجود تيار كهربائي بالقرية، لذلك يعتمد أغلب سكان ''الجمّال'' لتنوير منازلهم؛ على أعمدة الكهرباء المنتشرة على الطريق.

حالة الغرق التي أصابت البيوت مؤخرًا وضعت ''العزبة'' محط أنظار الإعلام وكذلك المسؤولين، في حين أن قبل ذلك لم تطأ قدم مسؤول أرض ''الجمّال'' باستثناء نائب مجلس الشعب السابق ''سعد الجمّال''، الذي يملك ''استراحة'' بالعزبة؛ حيث أضاف ''جمال'' أحد السكان ''القرية هنا مش مذكورة على خريطة الدولة، الدولة ما تعرفش عنها حاجة خالص''.

حصول أهالي '' الجمّال'' لأول مرة على اهتمام المسؤولين بتخصيص تعويضات وقدوم الدكتور أحمد البرعي، وزير التضامن الاجتماعي، جعلهم يقدمون على البوح بشكواهم، لكن الحال بالنسبة لهم ما لبث أن يعود كالسابق ''قولنا كل مشاكلنا ومحدش سأل، حتى فلوس وزارة التضامن ناس خدتها وناس لا، 13 واحد من 130 ما خدش حاجة''، على حد قول ''عبد العظيم''.

وكانت محافظة الجيزة خصصت تعويض 2000 جنيه للمتضررين، حصل عليها أهالي ''الجمّال''؛ بينما ما خصصته ''التضامن'' شهد ارتباك بين الحصول وعدمه، أما ما خصصه المجلس المحلي من 1000 جنيه لم يُصرف منها شيء لأي من أهالي ''العزبة'' رغم مرور أكثر من أسبوعين، حسب قول عدد من الأهالي.

مشاهد من ''الغرق''

عزبة الجمَّال

بكلمات بسيطة تحدثت ''أم رضا'' عن مشاهد تدفق المياه إلى منزلها؛ حيث ظلوا يومين على أبواب منازلهم خوفًا من الغرق، ولم يسعهم عمل شيء سوى الانتظار.

''عمود الكهرباء اللي جنب البيت كان هيموتنا''.. قالتهما ''أم رضا''، مضيفة أن مع ارتفاع نسبة المياه في وجود الكهرباء أصبح خطرًا، مما جعل زوجها يمكث بجانب العمود حوالي 9 ساعات حتى انحسار المياه، ومع ذلك لم يسلم ابنها صاحب الـ 17 عامًا من الخطر ''نسي إن العمود بيكهرب وسند عليه، شديناه بالعافية من الكهرباء كان هيموت''.

غرق منزل ''أم رضا'' في ظلام دامس لمدة أسبوع؛ حيث تم فصل الكهرباء عن العمود وبعض المنازل، ولم يتم إعادة التيار حتى جفاف الأرض من المياه تمامًا.

''آمال بدر''، سيدة أخرى من أهالي ''الجمّال''، كلماتها محدودة، ضاعت آمالها في توفير الرزق بعد غرق بضاعتها في مياه الصرف الصحي ''البضاعة اللي غرقت كانت بـ15 ألف جنيه''، هكذا حال ''آمال''، فإلى جانب بعض مواد البقالة، تملك مخزنًا لبيع العلف، ولقربها من ''ماسورة'' الصرف، لم يبق لديها شيء عقب الحادثة.

بمجرد حصول ''آمال'' على 4 آلاف جنيه التعويض، خرجت في اليوم التالي لتشتري علفًا جديدًا، تعاود به السعي على رزقها، ومع ذلك اضطرت للاستدانة من بعض أهالي قريتها لتحصيل البضائع الأخرى التي فُقدت من عندها، ولم يكن لديها تعليق على الخسارة سوى قولها ''هجيب البضاعة منين، هو اللي راح بييجي؟''، وكلمات ''الحمد لله على كل حال'' هي تميمة ''آمال'' عند تذكر أحداث الغرق.

''المخر'' ورسالة إلى المسئولين

عزبة الجمَّال

''محمود'' فلاح بالعزبة، والذي تضررت أرضه وبيته جراء المياه، ملّ من تقديم الشكاوى بشأن ''المخر'' دون جدوى ''عملنا يجي 30 شكوى من ساعة ما اتعمل لغاية ما زهقنا، فسكتنا هنعمل إيه''.

''كرم'' عامل تقطيع طوب، ويسكن إحدى البيوت المجاورة لـ''المخر'' يتذكر الشهر الماضي عندما تطوع مع أهالي المنطقة بـ1000 جنية لشراء ''ركش'' لتسوية الطريق بين ''المخر'' والبيوت، لينفعل موجهًا حديثه للمسؤولين ''أهم حاجة مخر السيل يتطهر، وكل اللي طالبينه كهرباء، في محولين أول القرية لكن ضعاف جدًا ما بيشغلوش حاجة، ومياه والطريق ده يعلى شوية، بس المخر أهم شيء لا عايزين وظايف ولا حاجة''.

عدم وجود جسر آخر أمام ''المخر'' جعل تدفق المياه أكبر؛ حيث وصل ارتفاعها إلى 4 كيلو متر، على حد قول ''محمد سيد''، الذي أكد أن ارتفاع  الماء أكثر من ذلك من شانه إغراق بيوت أكثر في المستقبل.

''اللي بيجي بيكتب الجملة اللي تعجب المسؤول''.. هكذا قال ''محمد''، معتبرًا أن الاهتمام هذه المرة أكثر بعد أن كادت تغرق القرية بمن فيها لولا العناية الإلهية، لكنه بالنسبة له شيء مؤقت ''جم راضوا الناس بشوية حاجات، وردم والقلابات بتردم في طينة هناك ورا،  والطريق قدام ما فيش جسر''.

كما أكد ''محمد'' أن استقرار القرية وخلوها من المشاكل التي تمس حياتهم اليومية أكثر أهمية من أي شيء ''مين اللي هيسيب بيته غرقان أو عنده مشكلة تعباه هو وعياله ويطلع يسترزق، إن ما كنش هو يراعي بيته مين اللي هيراعيه بعد ربنا''.

ووجه الرجل الخمسيني رسالته إلى كل مسؤول غفل عن أحوال ''العزبة'' قائلًا: ''المخر ما فيش غيره، لا عايزين تعويضات ولا وجع قلب، عايزين المخر يتبني أمان لأطفالنا ولينا إحنا وللناس اللي بسترزق، وبضاعيها اتبهدلت وراحت يوم عيد، الناس عيدت في بيوتها حلوة وإحنا وعيالنا غرقنا في مياه الصرف''.

التعليقات