كتب- محمد منصور:
حروب مستقبلية مدمرة، كوارث مناخية، عصر جليدي جديد، نيزك يصطدم بالكرة الأرضية، موجة تسونومى عملاقة أو حتى وباء ينتشر على سطح الكوكب، كلها أمور يمكن أن تؤدى إلى قتل أعداد مهولة من البشر، لكن هل يمكن أن ينقرض الإنسان من على ظهر البسيطة بشكل كامل؟ الجواب هو'' لا على الأرجح'' فالبشر يستطيعون التكيف إلى حد كبير مع جميع التغيرات التى قد تطرأ على الكوكب الأزرق، ويمكنهم التأقلم والتعايش مع الظروف القاسية.. فماذا لو حدثت كارثة من نوع ما أدت إلى إنقراض كل البشر، وهل حدثت سوابق فى الماضي تشير إلى احتمالية القضاء على الجنس البشرى فى المستقبل.. وكيف سيتغير كوكب الأرض فى حالة أختفاء الإنسان.. اسئلة يُجيب عنها هذا التقرير.
حالات الانقراض السابقة
عرف كوكب الأرض حالات انقراض كامل فى عصور مضت، وقدر العلماء عدد حالات الانقراض التام بسبب الكوارث الطبيعية بـ18 حالة على مدار 250 مليون سنة، منها على سبيل المثال انقراض الديناصورات منذ 65 مليون سنة، ويُعد أهم حوادث الانقراض ما جرى قبل 250 مليون سنة وتم فيه إنقراض تام تقريباً لجميع أشكال الحياة متعددة الخلايا على كوكبنا الأرضى، ويعتقد أن هذا الانقراض جاء بسبب ثورة براكين فى منطقة سيبيريا الحالية.
هل انقرض الإنسان البدائي؟
قبل 50 ألف عام، وبحسب ما نشرته مجلة علوم الأحياء الجزيئية، فإن الإنسان البدائى كان على وشك الانقراض فى أوروبا وذلك قبل ظهور الإنسان المعاصر بالآف السنين، فعبر دراسة قام بها فريق دولى من الباحثين قام العلماء بدراسة التعدد والتنوع فى الحمض النووى من حفريات تم استخراجها من مختلف بقاع الأرض، وقال العلماء وقتها إن السبب فى استمرار البشرية هو انتقال مجموعات من الإنسان القديم إلى ''بقع مختلفة ومتباعدة من كوكب الأرض'' وقاموا بافتراض سبب ''الاقتراب من عملية الإنقراض'' فوجدوا أن التغيرات فى المناخ تسببت فى القضاء على الإنسان البدائى فى الغرب قبل نحو 49 ألف عام، إلا أن لجئوا بعضهم إلى ملاجئ أكثر دفئاً سمح لهم بالنجاة والانتشار فى وقت لاحق.
''لوف دالين'' المختص فى التاريخ الطبيعى قال إن المفأجاة تكمن فى أن إنسان أوروبا البدائى ''كان بالفعل على وشك الانقراض'' الأمر الذى يفتح الطريق حول فرضية واحتمالية انقراض الإنسان بشكل كامل من على وجه الأرض.
أحدى النظريات الأخرى تؤكد أن الإنسان إنقرض بشكل شبه كامل بعد ذلك، النظرية الحديثة تقول إن ثورة بركان عملاق فى منطقة ''نابولى'' الإيطالية قبل 39 ألف سنة كانت هى الكارثة التى أدت إلى إنهاء حقبة إنسان أوروبا القديم ''النياندرتال''، وتقول النظرية إن الركان الذى انفجر بعنف سبب أرتفاع أعمدة من الدخان والرماد البركانى فوق القارة العجوز، الأمر الذى أدى إلى حجب أشعة الشمس لعدة سنوات، الأمر الذى أثر بالسلب على درجات الحرارة التى أنخفضت إلى ما دون الصفر وملأت الجو بالسموم التى اسهمت فى القضاء على ''النياتدرتال''.
سيناريوهات انقراض الإنسان الحديث
كيف سنقرض الإنسان الحديث مع ذلك التطور المهول فى التكنولوجيات ووسائل حفظ الحياة؟ الواقع أن التطور التكنولوجى قد يكون أحد أسباب نهاية الإنسان فمن ضمن 6 أسباب وضعها العلماء لنهاية الإعمار البشرى لكوكب الأرض يقع على كاهل التكنولوجيا 3 فيما توجد 3 أسباب أخرى قد تكون طبيعية:
1 – الحرب النووية الشاملة: مع التقدم الهائل فى صناعة الأسلحة والقنابل الذرية قد تنشب حرباً عالمية ثالثة يتم أستخدام السلاح النووى فيها، الأمر الذى سينجم عنه مصرع ملايين البشر بشكل مباشر ومقتل أخرين بسبب العواقب الوخيمة، فانتشار الاشعاعات الذرية سينجم عنه ألحاق ضرر مباشر بالبشر سيتسبب فى موتهم فى وقت لاحق، علاوة على الرماد المتخلف عن الأنفجارات والذى سيتسبب فى حجب ضوء الشمس من الوصول إلى الكوكب الأزرق الأمر الذى سينتج عنه اختفاء المحاصيل الزراعية ونشوب حروب على موارد الغذاء التى ستصبح شحيحة، ومع تغطية الركام للأفق ستنخفض درجات الحرارة بمعدل كبير الشئ الذى سيؤدى إلى حدوث ما يُعرف بالشتاء النووى الذى سيقضى على البقية الباقية من البشر.
2 – فيروس متحور: مع التطور الهائل فى وسائل المواصلات لن يستغرق نقل عدوى ما إلى جميع سكان العالم سوى بضعة أسابيع، الأمر الذى سيؤدى إلى قتل ملايين البشر خلال شهور معدودة، ومع حدوث طفرات كبيرة فى تكوين الفيروس، قد يتمكن هذا الوباء من قتل كل البشر على سطح البسيطة.
3 – الاحترار العالمى: ترتفع درجة حرارة الأرض كل عام بسبب النشاط الصناعى والبشرى، فإطلاق أطنان من الغازات التى تسبب الاحتباس الحرارى لن يمر مرور الكرام، ومع ارتفاع درجة حرارة الجو، ستذوب الكتل الجليدية وتحدث فيضانات تدمر الأخضر واليابس، علاوة على ارتفاع سطح المحيطات سيتسبب الارتفاع المُطردفى درجات الحرارة بتناقص مياه الشرب العذبة، الأمر الذى سيؤدى إلى تناقص المحاصيل الزراعية ومعاناة الإنسان من الجوى والظمأ، وتقول احصائيات رسمية إن الأرض ستعانى أواخر القرن المقبل من تناقص القمح بمقدار الثلث وتناقص مياه الشرب بمقدار النصف ولكن هل سيتطور الوضع إلى انقراض الإنسان؟ سؤال سيجيب عليه الزمن.
4 – اصطدام نيزك بالأرض: قبل عدة أيام، اعلنت وكالة ناسا أن مسار أحد النيازك فى الفضاء سيتسبب فى الاصطدام بالأرض فى عام 2088، وهو الأمر الذى سينجم عنه انتهاء الحياة على سطح كوكب الأرض.
5 – التناقص المستمر فى عدد المواليد بالتناسب مع أعداد الوفاة: احد المشاكل التى تواجه دول العالم المتقدم، التى لم تدخر جهداُ للتشجيع على الإنجاب، إلا أن وتيرة الحياة السريعة هناك تتسبب فى عزوف القاطنين بها عن الإنجاب، وتقدر هيئة الأمم المتحدة عدد سكان العالم فى 2050 بـ9 مليارات، وتقول الأمم المتحدة إن الأعداد ستبدأ فى التناقص بمعدل 30% بعد أن تصل ذروتها فى عام 2050، وهذا يعنى أن البشر سيكونون عرضه للإنقراض فى عام 2400. هذا احتمال مستبعد حيث أن معدل التناقص لا يُقل أن يكون ثابت أو بوتيرة واحدة، إلا أن العلماء يولون جميع الاحتمالات العناية الكافية.
6 – انفجار بركانى هائل: قبل ملايين السنوات، حدث أنفجار بركانى هائل فى الهند نجم عنه تغطية مساحة نصف مليون كيلومتر مربع بطبقة من الصخور البركانية سمكها يتعدى 2400 متر، ويقول العلماء عن هذا البركان إنه قد يكون السبب فى إنقراض الديناصورات، وقبل 640 ألف سنة أنفجر بركان ''يلوستون'' فى أمريكا الشمالية وغطت حممه شرق القارة، البركان فى الوقت الحالى خامد إلا إنه لا يوجد ما يمنع أن يثور فى يوم ما ليضع نهاية للبشرية.
ساعة القيامة
على جدران جامعة شيكاغو بالولايات المتحدة الأمريكية عُلقت ساعة يٌطلق عليها ''ساعة القيامة'' وهى ساعة رمزية تم تعليقها فى العام 1947 للإشارة إلى احتمالية فناء البشر بسبب حرب نووية، وتشير عقاربها الآن إلى قبل منتصف الليل بست دقائق، وهى الإشارة التى تقول إذا كان عمر البشر على كوكب الأرض 24 ساعة فإن الباقي من زمن البشرية 6 دقائق، وقد تم تعديل التوقيت 14 مرة فى استجابة للأحداث الدولية، وكان أخر تعديل لها فى 14 يناير 2012 عندما وجد العلماء أن جهود المجتمع الدولي تتسم بعدم الجدية فى مكافحة وسائل الإبادة البشرية المتمثلة فى القنابل النووية وأسلحة الدمار الشامل.
ماذا سيحدث بعد اختفاء الإنسان
دعونا نتخيل أن أعظم الكوابيس تحققت فلم يعد للإنسان وجود على سطح الأرض، ماذا سيحدث لكوكبنا الأزرق، هل ستستمر الحياة الحيوانية والنباتية على سطحه أم أن اندثار الإنسان سيعنى انتهاء حياة جميع المخلوقات، الواقع أن العلماء يقولون أن انقراض الإنسان سيعنى بالتبعية حياة أفضل لباقى المخلوقات.
فبعد أسبوع واحد من اختفاء البشر، ستغرق الفيضانات كوكب الأرض وستبدأ المفاعلات النووية العاملة فى إطلاق اشعاعاتها فى الغلاف الجوى بسبب غياب أعمال الصيانة ثم ستتوقف محطات توليد الطاقة الكهربائية عن العمل ويغرق العالم فى ظلام دامس، وستبدأ حيوانات البرية فى أكل جثث البشر، مع توقف المصانع ومحطات الكهرباء عن العمل سيتوقف الدخان عن الاندفاع فى الغلاف الجوى، فيصبح الهواء نظيفاً والسماء صافية، وستتمكن الحيوانات من مشاهدة المجرات البعيدة بألوف السنوات الضوئية عن الأرض.
بحسب مجلة العلم، فإنه بعد عام واحد من غياب البشر سيبدأ غزو النباتات للمدن المهجورة وسيؤدى توغلها إلى اندثار الطرق الإسفلتية والأرصفة الإسمنتية، بعد ذلك بقليل، ستقضى الحرائق والفيضانات على ما تبقى من أثر من المباني وستبدأ معدلات خصوبة الأرض فى الارتفاع مرة أخرىوستختفى الكباري والمنشآت إلى غير رجعة.
بعد 10 ألاف عام سيأتي موعد العصر الجليدي الذى تأخر بسبب غرور الإنسان ونشاطه البشرى، وبعد انتهاء عصر الجليد بـ40 ألف سنة ستفقد النفايات النووية خطورتها، وستلفظ الأرض ملايين الأطنان من البلاستيك الذى إنتاجها البشر على مر التاريخ وسيكون البلاستيك فى شكل تراب متناثر غير متحلل حيث أنه لا يتحلل بيولوجياً، فالبلاستيك من أكثر المواد ثباتا ومخلفاته ستستمر حتى بعد اندثار مخلفات الإنسان ذاته.
مليون عاماً مرت على الأرض دون وجود للإنسان، بدأت أثاره فى التحلل، لم يبقى سوى عظم هنا وأداة هناك، ظهرت بيئات متنوعة ومتوازنة تضم عناصر من الحيوانات والنباتات مع اعدائها الطبيعيين، تطورت الحيوانات الأليفة بشكل غير متوقع، فقد زادت أحجام الفئران والأرانب بشكل ملحوظ.
بعد 10 ملايين سنة، تنمحى أثار سفينة الفضاء ''أبوللو'' من فوق سطح القمر كنتيجة لتصادمها المستمر بقطع متناهية الصغر من الحُطام الفضائى والشهب المحترقة وبعد 100 مليون سنة ستختفى كل الأدلة الرئيسية على وجود الإنسان فوق سطح الأرض بفعل عوامل النحر والتعرية التى تطرأ على القشرة الأرضية.
بفعل عمليات النشوء والارتقاء، سيتم إعادة تشكيل الحياة سطح الكوكب بصورة مغايرة بعد 550 سنة، وستظهر كائنات عاقلة وذكية منحدرة من أنواع دُنيا مثل الفئران والرخويات وربما تكون تلك الكائنات قادرة على السفر خارج المجرة باستخدام سفن فضاء تصنعها بنفسها.
ترتفع درجة حرارة الشمس بعد مليار سنة من الآن، الأمر الذى سيؤدى إلى إنهاء كافة أشكال الحياة على كوكب الأرض، وبعد 5 مليار سنة سيلحق كوكب الأرض بالإنسان، فسوف تقوم الشمس بابتلاعه بعد أن تكون قد تمددت واستحالت عملاقاً أحمر فى نهاية حياتها.
شواهد في الحاضر عما سيحدث في المستقبل
هل يمكن للإنسان التغلب على الطبيعة، الجواب هو ''لا بالطبع'' فرغم النشاطات البشرية المفزعة وحجم الكوارث التى يتسبب فيها البشر، إلا أن الطبيعة تثور ثم تسود، والمثال الحي على ذلك هو ''تشيرنوبل'' المدينة الأوكرانية التى تسبب البشر فى ألحاق ضرر كبير بطبيعتها، ففى عام 1986 أنفجر المفاعل الذرى الذى يبعد 120 كيلومتر عن المدينة الشهيرة مسببا ضرر رهيب بالمنطقة كلها، ورغم أرتفاع مستويات الأشعاع بالمنطقة ومنع الأقتراب منها لعقود طويلة إلا أن الطبيعة تكيفت، ففى مدينة ''بربيات'' والتى كانت مخصصة لإسكان العاملين فى المفاعل ثم هجرها الجميع بعد الكارثة نجد أن الطبيعة صاحبة اليد العليا، فقد أصبحت بعد مرور سنوات قليلة على الكارثة مدينة خضراء، تحطمت شوارعها نتيجة امتداد جذوع الأشجار وانتشرت الخضرة فى كل مكان لتُعلن أن الكوارث لن تلحق الضرر سوى بصانعها.
من سيرث الأرض بعد الإنسان
هناك العديد من الأنواع التي تنتظر زوال الإنسان لتعلن سيادتها على الأرض منها:
1 – الغراب الكاليدونى: وهو الكائن الوحيد بين الطيور الذى عُرف عنه تطوير المواد الطبيعية إلى أدوات يستخدمها بذكاء لبناء الأعشاش، سيملأ هذا الطائر الجزر ثم سيحتل المناطق التى تسيطر عليها الحيوانات الثديية.
2 – الفئران: حيوانات ذكية، سريعة التكاثر ويوجد منها على كوكب الأرض ما يفوق عدد الثدييات مجتمعه، سوف تستهلك الفئران منا نتركه خلفنا ويمكن أن يُولد منها أجيال ذكية تتعلم فى ملايين قليلة من السنين مهارات التفكير وتكتسب، بالخبرة، الذكاء الذى يلزمها لاحتلال الكوكب الأزرق.
3 – الشمبانزى: المخلوق الأقرب للإنسان، وتقول نظرية النشوء والأرتقاء للعالم داروين إن أجداد الإنسان تطوروا من جد الشمبانزى، وتتيز تلك الحيوانات بقدرتها على إدارة الصراعات وتكتسب بالتعلم مشاعر الإنفعال والحب والكره، وقد يحتاج الشمبانزى إلى 5 ملايين من السنوات لاكتساب ذكاء يعادل ذكاء البشر.